على مدى فترة طويلة فضلت إسرائيل تجاهل مبادرة السلام الفرنسية. فعندما أعلنها أول مرة وزير الخارجية الفرنسي السابق، لوران فابيوس، في نهاية كانون الثاني، قبل بضعة اسابيع من مغادرته منصبه، لم يأخذ أحد ذلك على محمل الجد. وكان التقدير في القدس في حينه أن المبادرة سيلقى بها في سلة مهملات التاريخ في اليوم الذي يخرج فيه فابيوس من مكتب وزير الخارجية.
كلما مر الوقت تبين أن الفرنسيين يواصلون بكل قوة دفعها الى الأمام. ورويدا رويدا جندوا المزيد فالمزيد من الدول للمشاركة في المبادرة بهذا الشكل أو ذاك. قسم كبير من الدول المشاركة في الحدث لا تتحمس للخطوة الفرنسية على اقل تقدير. ولكن في النهاية يأتون جميعهم، وجميعهم يتعاونون.
السبب الأساس لذلك هو أن في هذه اللحظة على الأقل ليس لدى أي أحد آخر فكرة افضل. فالرئيس الأميركي، براك اوباما، لن يتخذ خطوة ذات مغزى في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني، هذا اذا اتخذها أساساً. وسيصل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الى مؤتمر باريس كمن تملكه الشيطان. فهو لا يحب الخطوة الفرنسية ولكنه من جهة أخرى لم يعمل لمنعها. وما ينقص فقط هو ان يعلن الأميركيون بانه في هذه الحالة أيضا قرروا ان يقودوا من الخلف. في مثل هذا الوضع، فان مبادرة السلام الفرنسية هي المباراة الوحيدة في المدينة.
ترمز المبادرة الفرنسية أكثر من أي شيء آخر الى يأس الأسرة الدولية من القيادة الإسرائيلية ومن القيادة الفلسطينية، فبدلا من التقدم الى حل النزاع تتخذ سياسة تجعل حل الدولتين متعذرا. ونتيجة هذا اليأس قد يتبين كنهاية لعصر المفاوضات الثنائية والمباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. وتصبح الأسرة الدولية مشاركة في النزاع أكثر من أي وقت آخر، وتتجاهل الخطوات التي فعلها الطرفان اللذان تشعر باحتقار تجاههما وببساطة تتقدم الى الأمام.
هذا الأسبوع فقط فهمت القدس بان المبادرة الفرنسية لن تختفي بهذه السرعة. وقبل ثلاثة أيام تشكل فريق سياسي خاص في وزارة الخارجية للموضوع، وعقد رئيس الوزراء نتنياهو أخيرا البحث الأهم الأول في الموضوع، قبل المؤتمر بيوم. فسيطرة جدول الأعمال الحزبية على الجدول الزمني لنتنياهو في الشهر الأخير، الى جانب التقليل من أهمية المبادرة، أديا الى ان تكون إسرائيل غير جاهزة كما ينبغي من الناحية السياسية.
كانت السياسة التي اختارتها إسرائيل هي الرفض التام للمبادرة الفرنسية في ظل استخدام حجة أن انعقاد مؤتمر دولي سيخرب على مسيرة السلام او يمنع المفاوضات مع الفلسطينيين. دبلوماسيون ووزراء خارجية غربيون ممن سمعوا هذا من نتنياهو ومن رجال وزارة الخارجية لم يعرفوا اذا كانوا سيضحكون أم يبكون. وكأن السلام يوشك على الاندلاع في كل لحظة، وذلك فقط اذا لم يعرقله الفرنسيون. كما أن هذا هو السبب الذي جعل الفرنسيين لا تكون لديهم أي مشكلة في أن يتجاهلوا ببساطة موقف إسرائيل ويواصلوا الى الأمام.
الفلسطينيون هم أيضا لا يحبون كل تفصيل من تفاصيل المبادرة الفرنسية، ولكنهم أجابوا عليها بـ"نعم، لكن". وبالمقابل، كان السلوك الإسرائيلي في موضوع مبادرة السلام الفرنسية مشابها جدا لسلوكها في موضوع محادثات النووي بين ايران والقوى العظمى.
ومثلما في الحالة الإيرانية، رفضت إسرائيل رفضا باتا كل حل وسط ورفضت إبداء أي مرونة. ومثلما في الحالة الإيرانية، عزلت إسرائيل نفسها وعلقت في وضع لا تكون فيه تماما في الصورة وكفت عن أن تكون ذات صلة بقرارات الأسرة الدولية وبشأنها. وكأنهم في باريس سيتحدثون عن الحرب الأهلية في سورية أو في ليبيا وليس عن المسائل المتعلقة بحياة كل إسرائيلي.
في المؤتمر الصحفي لمدير عام وزارة الخارجية، دوري غولد، أول من أمس، سمع بث متكرر لصفحة الرسائل من عهد الاتفاق النووي مع ايران. ومثل المعادلة المدحوضة التي أجراها نتنياهو بين اتفاق الإطار بين ايران والقوى العظمى في لوزان وبين اتفاق ميونخ في 1938، هكذا المعادلة الهستيرية التي استخدمها غولد بين لقاء وزراء الخارجية على مدى ثلاث ساعات، والذي لا يتوقع منه قرارات دراماتيكية وبين اتفاقات سايكس – بيكو التي فرضت القوى العظمى الغربية من خلالها نظاما جديدا في الشرق الأوسط. من المشروع الاعتراض على المبادرة الفرنسية، ولكن ليس واضحا كيف يدعون في القدس على مدى أسابيع بانها ليست مهمة وعندها في لحظة واحدة يشبهونها بإحدى الخطوات السياسية التاريخية والأكثر دراماتيكية في الشرق الأوسط في السنوات المئة الأخيرة.
من الصعب أن نعرف الى أين ستسير مبادرة السلام الفرنسية واذا كان لقاء وزراء الخارجية في باريس سينتج مؤتمر سلام دوليا حتى نهاية هذا العام. ولهذا السبب بالذات ليس واضحا أي جدوى ستكون لاسرائيل من انها تلعب مرة اخرى دور الممانع. لم تنجح إسرائيل في ان توقف حتى الآن المبادرة الفرنسية. واذا كان كل ما فعلته هو تكرار صفحات الرسائل الممجوجة فإنها لن تنجح أيضا. فمنع المبادرة الفرنسية يستدعي من نتنياهو عرض بديل.
في محاولة لعمل هذا صب رئيس الوزراء كل حماسته على الرئيس المصري السيسي، على رئيس الحكومة البريطانية الأسبق، طوني بلير، وعلى المبادرة الإقليمية التي يدفعانها الى الأمام. كما ان هذه هي إحدى الرسائل التي رفعها نتنياهو في المكالمة الهاتفية، أول من أمس، مع بعض وزراء الخارجية الغربيين. لا للمبادرة الفرنسية، نعم للمبادرة المصرية. غير أن أحد الشروط المركزية للصيغة التي وضعها بلير والسيسي مع جهات دولية اخرى كان ضم اسحق هرتسوغ، تسيبي لفني والمعسكر الصهيوني الى الحكومة. يحاول نتنياهو نسخ تلك الصيغة الى الحكومة التي يكون فيها أفيغدور ليبرمان هو وزير الدفاع ويواصل محاولة إدخال المعسكر الصهيوني الى الحكومة. اذا نجح في إقناع الرئيس المصري بانه يوجد من يمكن الحديث معه وما يمكن الحديث فيه، فانه سيتخذ خطوة كبيرة في الطريق الى صد المبادرة الفرنسية او الى تغييرها بشكل يخدم المصلحة الإسرائيلية.
كلما مر الوقت تبين أن الفرنسيين يواصلون بكل قوة دفعها الى الأمام. ورويدا رويدا جندوا المزيد فالمزيد من الدول للمشاركة في المبادرة بهذا الشكل أو ذاك. قسم كبير من الدول المشاركة في الحدث لا تتحمس للخطوة الفرنسية على اقل تقدير. ولكن في النهاية يأتون جميعهم، وجميعهم يتعاونون.
السبب الأساس لذلك هو أن في هذه اللحظة على الأقل ليس لدى أي أحد آخر فكرة افضل. فالرئيس الأميركي، براك اوباما، لن يتخذ خطوة ذات مغزى في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني، هذا اذا اتخذها أساساً. وسيصل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الى مؤتمر باريس كمن تملكه الشيطان. فهو لا يحب الخطوة الفرنسية ولكنه من جهة أخرى لم يعمل لمنعها. وما ينقص فقط هو ان يعلن الأميركيون بانه في هذه الحالة أيضا قرروا ان يقودوا من الخلف. في مثل هذا الوضع، فان مبادرة السلام الفرنسية هي المباراة الوحيدة في المدينة.
ترمز المبادرة الفرنسية أكثر من أي شيء آخر الى يأس الأسرة الدولية من القيادة الإسرائيلية ومن القيادة الفلسطينية، فبدلا من التقدم الى حل النزاع تتخذ سياسة تجعل حل الدولتين متعذرا. ونتيجة هذا اليأس قد يتبين كنهاية لعصر المفاوضات الثنائية والمباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. وتصبح الأسرة الدولية مشاركة في النزاع أكثر من أي وقت آخر، وتتجاهل الخطوات التي فعلها الطرفان اللذان تشعر باحتقار تجاههما وببساطة تتقدم الى الأمام.
هذا الأسبوع فقط فهمت القدس بان المبادرة الفرنسية لن تختفي بهذه السرعة. وقبل ثلاثة أيام تشكل فريق سياسي خاص في وزارة الخارجية للموضوع، وعقد رئيس الوزراء نتنياهو أخيرا البحث الأهم الأول في الموضوع، قبل المؤتمر بيوم. فسيطرة جدول الأعمال الحزبية على الجدول الزمني لنتنياهو في الشهر الأخير، الى جانب التقليل من أهمية المبادرة، أديا الى ان تكون إسرائيل غير جاهزة كما ينبغي من الناحية السياسية.
كانت السياسة التي اختارتها إسرائيل هي الرفض التام للمبادرة الفرنسية في ظل استخدام حجة أن انعقاد مؤتمر دولي سيخرب على مسيرة السلام او يمنع المفاوضات مع الفلسطينيين. دبلوماسيون ووزراء خارجية غربيون ممن سمعوا هذا من نتنياهو ومن رجال وزارة الخارجية لم يعرفوا اذا كانوا سيضحكون أم يبكون. وكأن السلام يوشك على الاندلاع في كل لحظة، وذلك فقط اذا لم يعرقله الفرنسيون. كما أن هذا هو السبب الذي جعل الفرنسيين لا تكون لديهم أي مشكلة في أن يتجاهلوا ببساطة موقف إسرائيل ويواصلوا الى الأمام.
الفلسطينيون هم أيضا لا يحبون كل تفصيل من تفاصيل المبادرة الفرنسية، ولكنهم أجابوا عليها بـ"نعم، لكن". وبالمقابل، كان السلوك الإسرائيلي في موضوع مبادرة السلام الفرنسية مشابها جدا لسلوكها في موضوع محادثات النووي بين ايران والقوى العظمى.
ومثلما في الحالة الإيرانية، رفضت إسرائيل رفضا باتا كل حل وسط ورفضت إبداء أي مرونة. ومثلما في الحالة الإيرانية، عزلت إسرائيل نفسها وعلقت في وضع لا تكون فيه تماما في الصورة وكفت عن أن تكون ذات صلة بقرارات الأسرة الدولية وبشأنها. وكأنهم في باريس سيتحدثون عن الحرب الأهلية في سورية أو في ليبيا وليس عن المسائل المتعلقة بحياة كل إسرائيلي.
في المؤتمر الصحفي لمدير عام وزارة الخارجية، دوري غولد، أول من أمس، سمع بث متكرر لصفحة الرسائل من عهد الاتفاق النووي مع ايران. ومثل المعادلة المدحوضة التي أجراها نتنياهو بين اتفاق الإطار بين ايران والقوى العظمى في لوزان وبين اتفاق ميونخ في 1938، هكذا المعادلة الهستيرية التي استخدمها غولد بين لقاء وزراء الخارجية على مدى ثلاث ساعات، والذي لا يتوقع منه قرارات دراماتيكية وبين اتفاقات سايكس – بيكو التي فرضت القوى العظمى الغربية من خلالها نظاما جديدا في الشرق الأوسط. من المشروع الاعتراض على المبادرة الفرنسية، ولكن ليس واضحا كيف يدعون في القدس على مدى أسابيع بانها ليست مهمة وعندها في لحظة واحدة يشبهونها بإحدى الخطوات السياسية التاريخية والأكثر دراماتيكية في الشرق الأوسط في السنوات المئة الأخيرة.
من الصعب أن نعرف الى أين ستسير مبادرة السلام الفرنسية واذا كان لقاء وزراء الخارجية في باريس سينتج مؤتمر سلام دوليا حتى نهاية هذا العام. ولهذا السبب بالذات ليس واضحا أي جدوى ستكون لاسرائيل من انها تلعب مرة اخرى دور الممانع. لم تنجح إسرائيل في ان توقف حتى الآن المبادرة الفرنسية. واذا كان كل ما فعلته هو تكرار صفحات الرسائل الممجوجة فإنها لن تنجح أيضا. فمنع المبادرة الفرنسية يستدعي من نتنياهو عرض بديل.
في محاولة لعمل هذا صب رئيس الوزراء كل حماسته على الرئيس المصري السيسي، على رئيس الحكومة البريطانية الأسبق، طوني بلير، وعلى المبادرة الإقليمية التي يدفعانها الى الأمام. كما ان هذه هي إحدى الرسائل التي رفعها نتنياهو في المكالمة الهاتفية، أول من أمس، مع بعض وزراء الخارجية الغربيين. لا للمبادرة الفرنسية، نعم للمبادرة المصرية. غير أن أحد الشروط المركزية للصيغة التي وضعها بلير والسيسي مع جهات دولية اخرى كان ضم اسحق هرتسوغ، تسيبي لفني والمعسكر الصهيوني الى الحكومة. يحاول نتنياهو نسخ تلك الصيغة الى الحكومة التي يكون فيها أفيغدور ليبرمان هو وزير الدفاع ويواصل محاولة إدخال المعسكر الصهيوني الى الحكومة. اذا نجح في إقناع الرئيس المصري بانه يوجد من يمكن الحديث معه وما يمكن الحديث فيه، فانه سيتخذ خطوة كبيرة في الطريق الى صد المبادرة الفرنسية او الى تغييرها بشكل يخدم المصلحة الإسرائيلية.