عندما تطرق الرئيس محمود عباس الى موضوع القمة العربية الاخيرة التي انعقدت في منتجع شرم الشيخ المصري اثناء رئاسته لاجتماع اللجنة المركزية لحركة “فتح” قال “نحن مع الاجماع العربي، وطلبنا من العرب بما انهم يحبون الشرعية فان عندنا اعتداء على الشرعية ونحن منذ 7 سنوات نعاني، ونريد بما انهم اجمعوا على ان يتفقوا على شيء يقولونه للعالم ويقولونه لنا”.
لا نفهم لماذا تذكر الرئيس عباس مسألة الخروج على الشرعية من قبل حركة “حماس″ في قطاع غزة بعد سبع سنوات ويطالب العرب بالتدخل ضدها على غرار تدخلهم في اليمن انتصارا لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، فاذا كان هناك شخص اعترف بشرعية حركة “حماس″ وحكمها للقطاع والضفة معا بعد انتخابات ديمقراطية حرة ونزيه هو الرئيس عباس نفسه.
الرئيس عباس وقع اتفاقات مصالحة مع حركة “حماس″ مثلما دخل معها في تشكيل حكومة توافق، فهل يعقل ان يدخل في هذه الشراكة على كل المستويات مع حركة يقول انها خرجت على الشرعية، ويطالب العرب بطريقة مباشرة على لسان مستشاره للشؤون الدينية محمود الهباش، او غير مباشرة من خلال كلامه في اللجنة المركزية، بالتدخل عسكريا للقضاء على هذه الحركة اسوة بما يحدث في اليمن؟
نوجه السؤال نفسه الى حركة “حماس″ التي يبدو ردها على الرئيس الفلسطيني مستغربا، فالسيد سامي ابو زهري المتحدث باسمها قال “ان حديث عباس (لم يستعمل لقب رئيس قبل اسمه) خلال اجتماع اللجنة المركزية لحركة “فتح” “مستهجن، فشرعيته الدستورية منتهية وفق القانون الفلسطيني”، واضاف”عباس رئيس مؤقت للسلطة بموجب التوافق مع الفصائل وعليه ان يحترم حدود صلاحياته ولا يتجاوزها”.
فاذا كانت حركة “حماس″ تشكك في شرعية الرئيس عباس، وهذا واضح من تصريحات المتحدث باسمها، فلماذا تنخرط معه في شراكة، وتستقبل رئيس وزرائه السيد رامي الحمد الله رئيس الحكومة التوافقية، وتقدم له التنازل عن كل سلطاتها بما فيها المعابر والامن والشؤون الخارجية والمالية؟
لم نسمع من طرفي المعادلة السياسية الفلسطينية الرئيسيين غير الشجار والتكاذب وتبادل الاتهامات ثم بعد ذلك العناق والمصافحات وتبويس اللحى، والمصالحات ثم العودة للشجارات والتشكيك في شرعية بعضهما البعض.
هذه المواقف الرخوة من قبل الطرفين هي التي اوصلت القضية الفلسطينية الى هذه الحالة المهينة وتراجع الاهتمام العربي قبل الدولي بها بعد ان كانت هذه القضية محور السياستين العربية والدولية وشعبها المقاوم مصدر فخر للبشرية بأسرها.
نقول بلفم المليان ان الشعب الفلسطيني طفح كيله من هذا التكاذب والشجارات المخجلة، ولم يعد يكن الكثير من الاحترام للطرفين.
فاذا كانت حركة “حماس″ تعتبر الرئيس الفلسطيني عباس غير شرعي، فلتقل ذلك على رؤوس الاشهاد وتوقف التعامل معه، واذا كان الرئيس عباس يرى الموقف نفسه تجاه “حماس″ فليكف عن ارسال المبعوثين والوزراء اليها طلبا للمصالحة والحكومات المشتركة.
ولعل ما هو اخطر من هذا التكاذب ان ينسى الرئيس عباس انه يخضع وسلطته للاحتلال الاسرائيلي، ويطالب العرب بالتدخل عسكريا ضد “حماس″، وليس لانهاء هذا الاحتلال وهم الذين يملكون الطائرات والدبابات والجنرالات ويفتحون الجبهات الخطأ.
المشهد الفلسطيني بشقيه في رام الله وغزة مخجل ومعيب، والمسؤولية الاكبر يتحملها الشعب الفلسطيني الذي يصمت ويتصرف بطريقة لامبالية وقضيته تتراجع الى الدرك الاسفل.