* نحن أمام صراع من نوع آخر وهو الصراع مع الإرهاب
* المؤتمر الاقتصادى أظهر مصر أنها أكبر جدا من أن يغفلها العالم
* أسباب مجىء إثيوبيا لمؤتمر شرم الشيخ هو يقينها بأن مصر ليست وحدها
* "داعش" إحدى نتائج التنظيم المؤسس وهو "الإخوان"
* عناصر "داعش" تعلموا الذبح من الأمريكان
* غزة قنبلة لو انفجرت سوف تصيب مصر
فى الحلقات الثلاث الجديدة التى يطل من خلالها الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنيين هيكل بعنوان "الخطر والأمل"، سنناقش مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الكثير من الملفات الجارية على الساحة العربية، ويعرج فى الحلقة الأولى منها على الأحداث الجارية المتسارعة فى مصر، بداية من المؤتمر الاقتصادى، ومروراً بمؤتمر القمة العربية ونهاية بوثيقة سد النهضة.. وكل هذه الأمور يدلو فيها الكاتب الكبير برأيه لاستشراف المستقبل ونبحث معه عن إجابات مختلفة عما يدور فى أذهان الجميع:
إلى نص الحوار..
* نرحب بك والناس تنتظر تحليلاتك العميقة ؟
* كنت أنتوى التغيب لفترة طويلة.
* أليست هذه فترة طويلة ؟
* لا كنت أنتوى أن تكون طويلة أطول من الآن بكثير، ففى كثير من الأحيان تشعرين بغربة عن الساحة بحكم السن، وأشياء كثيرة جداً، لكن الأحدث المتلاحقة والتى تتحدثين عنها هى التى تدعو أى إنسان لديه بقية من أى همة من أى نوع أن يتحدث ويشارك فى الشأن العام حتى ولو من بعيد، ولك الحق أنك ذكرت أهم أربعة أشياء حدثت فى الأسبوعين الماضيين، مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى، ثم لقاء السودان، ويليه إثيوبيا، ثم مؤتمر القمة العربية (تم تسجيل الحوار قبل القمة العربية بشرم الشيخ).
وأعتقد أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ذكر شيئا مهما جداً أثناء إلقائه كلمته عندما قال "مصر تستيقظ"، وهذه الكلمة لها دلالة، ولابد أن يكون لها نتائج، لأنه باستمرار من يستيقظ عليه أن يحدد اتجاهات، فلو استيقظ الناس وهم أنصاف نيام وساروا فى طريق ما، ربما سيخطئون، لكن دعوة اليقظة تستدعى تحديد الطرق فوراً.
وأنا فى شرم الشيخ هناك أرقام كثيرة جداً قيلت، وكثير من المشروعات عرضت، لكن لا يهمنى شىء فى هذا كله، أكثر شىء يهمنى أن مصر عادت لأمتها وفتحت أذرعها لأمتها، والأمة احتضنتها مجدداً، وهذا أعتقد أنه عودة بالتاريخ إلى مساره الصحيح، والشىء الثانى أعتقد أن الأداء العام المصرى، وقد شاهدته عبر شاشة التلفزيون، لكن فيما رأيت أننا أثبتنا شيئا واحدا فقط، وهو شعار حملة أوباما فى حملته الانتخابية عندما قالYES WE CAN "نعم نستطيع"، أثبتنا أننا قادرين إذا استدعينا الهمة، وأننا قادرون ولسنا عاجزين، وهى إشارة للمستقبل فى منتهى الأهمية.
والشىء الثالث وأنا أعتقد أنه مهم جداً، وأسجلها أنه عجبنى جداً بروز المرأة المصرية، وأنا رأيت مثلاً الدكتورة نجلاء الأهوانى، وأنا لا أعرفها شخصياً، لكنى رأيت صورة مختلفة للمرأة المصرية، ليست المتبرجة، وليست المحجبة، فهى المرأة المصرية الطبيعية التى خرجت لتؤدى دورها، وقد رأيتها قبل ذلك مرة قبلها بأيام فى عشاء فى مؤسسة الأهرام، كان يشارك فيه رئيس الوزراء إبراهيم محلب، وشاهدتها وهى تتحدث فى الهاتف، وتابعتها، لكن مالفت نظرى أن المرأة المصرية الحقيقية بطبيعتها ظهرت وتجلت أمامى، وهناك غيرها كثيرات، لكن هذا لفت نظرى، ثم رأيت تأثير المؤتمر على الناس، والناس بشكل ما ودون قراءة أرقام، شعروا أن شيئا ما يهم فى البلد بعد فترة طويلة، وفيها أشياء كثيرة جداً متعبة وثقيلة أعتقد أننا نستطيع، وهذا شىء بديع جداً.
- اتفاق سد النهضة
* هل تعتقد أن لذلك تأثيرا على الدول الغربية، على سبيل المثال، خطاب رئيس وزراء إيطاليا ودعوة الرئيس السيسى لزيارة ألمانيا وقد كانت الأكثر تشدداً؟
* هذا صحيح، وأنا أعرف أنه عندما صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا مريكل بزيارة الرئيس السيسى إلى ألمانيا، قالت أن ذلك سيكون بعد الانتخابات البرلمانية، وتغيير الرأى يعنى أنهم رأوا فى مصر من عناصر الثبات أو الاستقرار، أو على الأقل النهوض أنهم يقولون أنه ليست هناك مشكلة، ومصر ظهرت أنها أكبر جداً من أن يغفلها العالم أو ينساها العالم، حتى وإن أساء أصحابها، فنحن نسىئ أحياناً وننسى، لكن العالم ذكرنا أننا عندما بدأنا نهم، أقبل العالم، وقال نحن نرى أن مصر موجودة شريطة أن يثبت أصحابها قدرة وجودها.
إذا لم نكن قادرين على إثبات وجودنا، لن يأتى أحد لمنحنا بطاقات جدارة، والشىء الثانى، وهنا أتحدث عن الحدث الثانى، ويتعلق بالسودان وإثيوبيا، وأنا أمامى نص المبادئ، وأعتقد أن هذا موضوع مهم جداً، وأهم من أن يتصوره أحد، رغم أننى استمعت لك، وأنت تتحدثين مع سامح شكرى وزير الخارجية، الذى كان موجوداً فى إثيوبيا وقتها، وكان لديك وقتها اسئلة بلا إجابات، وموضوع إثيوبيا موضوع خطير ومعقد، وأتمنى أن يطل الناس على وثائق المياه الخاصة بمياه النيل، وهذا الموضوع، وقطع المياه بالتحديد بدأ منذ 800 سنة وهذا ليس جديداً، فالحروب الصليبية انتهت فى القرن الثالث عشر، وبدأت الرحلات الاستكشافية الجغرافية، وكان هدفها الرئيسى مثلاً طرق التجارة العالمية، عندما كلف ملك البرتغال فاسكو داجما لاكتشاف طريق جديد للتجارة، ذهبوا للهند، وهناك شىء مهم جداً، فهناك وثيقة سمح لى بالاطلاع عليها دون أخذ صورة منها.
وعودة لفاسكو داجما عندما بدأ رحلته لاكتشاف مياه النيل، تلقى معلومات من طرفين، الأول من ملك البرتغال، أن يكتشف طريق رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا، لكن تلقى تعليمات من البابا ألكسندر السادس فى ذات الوقت، وذهب لأخذ بركاته وقتها، والبابا قال له: "وأنت ذاهب لدينا معلومات من الرهبان المتسللين من القارة الافريقية، أن هناك شرق فى إفريقيا، وأن هناك ملك مسيحى ومملكة مسيحية، حاول أن تجد طريقاً له، وبقدر ما يمكن، حيث أن المياه تأتى لمصر من إثيوبيا، وهذا هو المصدر الأساسى الذى تعيش عليه مصر، والتى انتصرت على الصليبين بقيادة صلاح الدين الأيوبى، ولذا سميت هذه الحملة باسم "الحملة الصليبية الأخيرة"، وأكمل تعليماته، "ستذهب وتجد ملكا مسيحيا لا نعرف عنه شيئا، وأعرف أن اسمه يوحنا، فتوجه إليه وأرسل له، أطلب منه أن يجد طريقة لتحويل مياه النيل، فبدلاً من الذهاب لمصر عن طريق الشام مثل الحملات السابقة ومثل حملة لويس التاسع، وفشلنا قد نستطيع أن نقضى على مصر نهائياً، لأنها العقبة الرئيسية فى المنطقة".
وجاء فاسكو للهند، وفى طريقه دمر كل القرى والموانئ المسلمة التى وجدها فى شرق إفريقيا وبعثة الحبشة قابلت هذا الملك المسيحى، وقال لا أجد وسيلة - وأنا شخصياً أتمنى أن يقرأ الجميع هذه الوثيقة عندما جاء الايطاليون واحتلوا إثيوبيا، ثم قامت الحرب العالمية الأولى، وقام المارشال جردسيانى بدراسة قطع المياه، ولهذه الأسباب عقدت إنجلترا الاتفاق على حصص مياه النيل نيابة عن مصر عام 1929، ولكن المارشال جردسيانى وبأوامر من موسيلينى، وسألهم الملك البرتغالى مانويل وقتها وقال: ماذا تريدون أن تفعلوا؟" قالوا حيث جاء المارشال بمجموعة من الضباط دراسة ماذا يمكن أن يفعلوا فى مصر، وكلفت بعثة هندسية من الخبراء لإعداد دراسة حول إمكانية نسف أجزاء من بحيرة "تادا" حتى تذهب المياه للمحيط، ولا تأتى لمصر.
هذه هى الأسباب الكامنة فى التاريخ حتى الملك فاروق، حيث كان يسعى لهيلاسلاسى، ومن الممكن أن نتفق أو نختلف حوله، حيث كان رجلاً يعيش فى العصور الوسطى، وأنا رأيته وتحدثت معه كثيراً، لكن هناك عقد تاريخية، هو يعتقد أنهم ينتمون للعالم المسيحى، ومن حسن الحظ وجود بقت الكنيسة المصرية هناك، ذلك فأصبحوا مسيحيين أرثوذكس، وهناك أباطرة فى الغرب ومراسيم بابوية، فالكل يتصور فى الغرب أن إنهاء الحروب الصليبية وإسقاط وجود مصر فى المنطقة، يرتبط بمياه النيل، وهناك التباسات تاريخية موجودة هناك، وأن هذه قد ترتد على المستقبل، وكلهم تعاملوا مع إثيوبيا بحذر شديد.
وعندما جاء الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ورغم أنه معادى رئيسى للرجعية، هناك شخص واحد فقط لم يقترب منه وهو الإمبراطور الإثيوبى هيلاسلاسى (1892 - 1975، آخر أباطرة إثيوپيا)، فقد أدرك أنه مهما كان رأيه فيه، فإن هذا الإمبراطور لا يمكن الاقتراب منه، وأول مرة ذهبت لهناك كنت برفقة أسقف مصرى، ورأيت موكبه يعبر وكل الجماهير تسجد فى الأرض حتى لا تنظر إليه، الجميع أدرك هذه الحقيقة الملك فاروق وعبد الناصر، ثم جئنا ودخلنا فى حروب غير مطلوبة، فى أعقاب ذلك ولا أريد التحدث فيها وقت النظام الشيوعى وقمنا بأشياء كثيرة ليس لها لزوم، فنحن أمام تاريخ معقد جداً، وأنا رأيتك وأنت تنظرين إلى نصوص الاتفاقية وتقولين أن هناك أشياء كثيرة غير واضحة.
ومقلقة ؟
* ضعى فى ذهنك التعقيدات التاريخية وهى أبعد مما تتصورين، وضعى أيضاً فى ذهنك أننا أوكلنا المنطقة فى وقت من الأوقات لأجهزة أمن، وهذا لم يكن له داع، وأعرف أن البعض قد يغضب من هذا، وقمنا بالقرب منها بمغامرات، ليس لها لزوم، أنت أمام وضع تاريخى، ونحن نقول دائماً أن السياسة تتم على مسرح السياسة هى الجارية الآن على أرضيته وخلفيته التاريخ وكواليسه بها المؤلف والمنتج والمخرج والمعدات، ومرات ننظر إلى مايجرى على الساحة دون النظر للخلفية والتاريخ والكواليس، ولوفعلنا هذا فى قضية مياه النيل سوف تكتشفين أن مصر كانت بحاجة إلى الامساك بنقطة بداية حتى لو كانت واهية، بجوار التعقيدات التاريخية والسياسية، نحن فى مياه النيل، أسأنا التصرف فى المفاوضات، وأخذناها كمسألة وظيفية، وهذا اتضح جلياً فى اجتماع كنشاسا، وقدمنا تنازلات ليس لها لزوم، ثم أهملنا الموضوع، ثم اصبح موضوع مياه النيل ثانويا، وأخذنا نبعده عن الذاكرة، ثم عاد التنبه عندما أيقنا أن سد النهضة ظهر وأخذ يبنى بالفعل، والمشروعات المتصلة، وأصبح لدينا أمر واقع، وأعرف أن أمامنا تعثرات، ولكن نحن أمام موقف فى منتهى التعقيد والحيوية، وقد أفلت من بين يدينا بالكامل، إذا كنت تتصورين أننا بصدد الحديث عن التزام قاطع وجازم وحازم فنحن نتكلم هنا بمنتهى الوهم.
• لكن بداية.. لماذا يا أستاذ هل السياسة تقوم على فكرة التعاون وحسن النوايا فهذا مقلق؟
* أختلف فى مسألة حسن النوايا، وقد يكون مطلوبا فى كل شىء، لكن فى النهاية أى صراع مرهون بحقائقه، لا يمكن إدارة أى قضية أو مشكلة دون الإلمام بحقائقها، لا يمكن التقدم لمشكلة دون أن يكون لها توصيف، ولا يمكن السير صوب قضية إلا لو عرفنا تفاصيلها ودخائلها، وأنا لست فى هذا الصدد متحمساً للعواطف، ولو تحدثنا بلغة المصالح والإمكانيات المتاحة أمامنا من قوة ووقائع على الأرض، علينا أن نجد طريقاً للإمساك بطرف خيط كان فالتاً من يدك، وضائعاً وأنت أدركت أهميته فى لحظة، وأقصد هنا الرأى العام غير الملم بكل هذه التفاصيل فى قضية مياه النيل فى كل هذا كله يهمنى مدة التخزين فى سد النهضة.
* وهذا غير مذكور ؟
* مذكور.. أنت تركت التعقيدات التاريخية وتعقيدات سياسية مستجدة فى العصر الحديث، وموقف نشأ وتبينت خطورته، وفى غيابك الكامل تخلقت حقائق على الأرض، وإذا أردت العودة، وأنت تمسكين بطرف خيط وخيط أمل، هناك شىء يجب أن يوضع فى أذهاننا، أن هذا الصراع لا يمكن فيه استخدام القوة، لكن بالإمكان يمكن عبر السياسة، أن نفعل أشياء كثيرة جداً، ومن ضمن أسباب مجىء إثيوبيا لمؤتمر شرم الشيخ أنها أيقنت ووجدت أنك لست وحدك.
* وهذه نقطة هامة فعلاً ؟
*هناك مسألة مهمة جداً.. الاثيوبيون أخذوا موقف عناد مطلق، ولو وضعنا فى أذهاننا خلفية أخر حرب صليبية، وأن ثمة من ينهى صراع منطقة، وأن هناك ماهو أكبر من رواسب التاريخ وأخطاء مورست، والإثيوبيون وغيرهم بدأوا يتصرفوا كأن مصر تركت إفريقيا، والصين تساعد، فأفريقيا ليست محتاجة مصر مثل زمان، وأيضاً أحوال التردى لدينا، وبالتالى كانت تتعامل معنا كمحاولة كسب الوقت، دون اهتمام، لكن عندما ظهر إحساس جديد، أن ثمة أمر ما فى مصر، وأن ثمة رابطا للأمور فى مصر، وأن أمورا جديدة ظهرت، أعتقد أن التفاف العالم العربى حولك وما بدا أن كل الناس مهتمة، وأنه فاق التوقعات، وبصرف النظر عن المليارات، وأنا شخصياً "مخضوض" منها، ولكنى أدعو الله أن يكملها على خير، وأن تصل فى حقيقة الأمر لنا، لكن ليست هى ما تعنينى، لكن يعنينى هذا الالتفاف، وهذا الالتفاف ضمن العناصر التى جعلت رئيس وزراء أثيوبيا أو غيره يدرك أن مصر فى وضع مختلف، ولايمكن معاملتها بكسب الوقت أو عدم الاهتمام دون مقتضى.
* ما الدلالة عندما قال رئيس وزراء إثيوبيا أنه إما أن نسبح معاً أو نغرق معاً التى كررت عدة مرات ؟
* هذا جيد، وأنا سعيد بها، لكنه قرر أن يسبح معك حينما وجدك تسبحين مقارنة بذى قبل.
* كنا نغرق فى حقيقة الأمر ؟
*بالفعل ولا أريد أن استخدم هذا، كنا فى حالة غرق، وكنا قد تجمدنا على مدار 30 عاماً، وعندما تفككت الأمور وذاب التجمد، تحرك كل شىء مرة واحدة، العالق والراسب والمتجمد، وكل شيء، ودخلت فى أحوال من الضياع لا نعرف فيها شيئاً، هناك أمال كبيرة وحقائق تعوق تقدمك.
* تحرك الرئيس السيسى بغض النظر عن اتفاق المبادئ بزيارة السودان ثم أديس أبابا وخطابه أمام برلمانهم ودعوتهم لافتتاح قناة السويس الجديدة.. أعتقد هذا تحرك مختلف؟
* هذه سياسة، هو يتحرك فيها، لم يكن يستطيع أن يتحرك فيها إلا بما عبر عنه من أن مصر تستيقظ، وأن العالم العربى عاد إليه، فتغيرت حقائق القوة وموازين القوة، وبدأت تتحرك فى صالحك، وأكثر ما يقلقنى اننا أمام لحظة يجب الإمساك بها، بعد أن جاء إليك الناس، وهى خطوة جارية، وهى أكثر ما يهمنى، لان صحيح أثيوبيا جاءت، وهناك اتفاقات ونداءات وهذا كله تفاصيل، لكن مايعنينى أن ثمة موازين قوة تغيرت وتحركت وعلينا الإمساك باللحظة.
- قمة شرم الشيخ
*غداً (الحوار أجرى قبل انطلاق القمة العربية) ربما تكون لحظة مهمة للإمساك باللحظة حيث يجتمع القادة العرب فى مؤتمر شرم الشيخ وتراه مهماً؟
*هو مهم جداً وفى غاية الأهمية، حتى ولو أنى قلق من عدم حضور كل رؤساء وملوك الدول العربية.
* عدم الحضور سيكون نتيجة الظروف؟
*هذه هى القمة الأربعين.. هناك قمم استثنائية و31 قمة دورة عادية والدورة الحالية هى الأربعين، وبصرف النظر عن المشاكل ينبغى أن تمثلى الغائبين، وهى مسئولية الرئيس السيسى، الذى عليه أن يدرك وهو داخل للقمة أنه يمثل الحاضرين والغائبين.
*الغائبين والحاضرين؟
*بالفعل الغائبين والحاضرين.. فإذا لم يدرك أنه يمثل الامة وتصور أنه يمثل مصر فقط فأنا أعتقد أن هذا خطأ.. ولذا أعتقد أن القمة العربية تحتاج لتفكير وجهد كثير جداً من الرئيس السيسى نظراً لكثرة اللقاءات، فالرئيس السيسى تحول من رئيس الضرورة إلى الاختيار خلال المؤتمر الاقتصادى.
*من الضرورة إلى الاختيار ؟
*أنا أعتقد أن الشعب المصرى وانا واحد منه عندما كنا فى 30 يونيو لم يكن هناك شيء أخر فهو رئيس الضرورة لكن فى شرم الشيخ بالطريقة التى أدار بها المؤتمر والطريقة التى ظهر بها التنظيم بما فيها دور المرأة والحيوية التى منحها للمؤتمر أعتقد أنه فى هذا المؤتمر حدث له تحول كبير تحول أمامى من رئيس ضرورة إلى رئيس إختيار وهى مسئولية مذهلة ومخيفة.
وبالتالى عندما يظهر فى القمة العربية فى ظروف العالم العربى الذى يطلب منه أن تقوم مصر وتنهض بمسئوليات جديدة وهناك متغيرات كثيرة.. هذا التحول يلقى مسئوليات كبيرة عليه وأظن أننا أكثر مما نحن مستعدون له فى هذه الفترة.
وأعتقد أن مؤتمر القمة لن يسفر عن اشياء كثيرة جداً وهذا يتضح جلياً من جدول القمة لكن مابعد المؤتمر، وما تحدثنا عنه من أحداث الاسابيع الماضية فنحن أمام إحتمال أوضاع جديدة.. اقول إحتمال.
*لماذا ترى أن هذا المؤتمر قد لايسفر عن شيء رغم أن القادة العرب أمامهم جدول مكتظ جداً.. وابرزه
مجابهة الإرهاب؟
الا تلاحظين أنكى تقولين أن العالم العربى مفكك ويواجه الارهاب أضيفى عليها مشكلة أنخفاض وتراجع اسعار البترول الرهيب وهى أزمة كبيرة وهى ممول رئيسى لكل ما يجرى على الساحة.. لقد فقدنا وحتى الآن وبالارقام والتوقعات الصادرة عنهم 35 بليون دولار، مؤكداً أن أهم شيئ فى مؤتمر القمة العربية هو تشكيل القوة العربية.
- القوة العربية المشتركة وأجندة القمة
*غداً فى شرم الشيخ يجتمع القادة العرب حول قضايا كثيرة جداً منها القوة العربية المشتركة والتى كانت قد طرحتها مصر ولانعلم هل سيضمها جدول أعمال القمة أم أى شيء اخر ؟
*أول شيء أنا لدى اسباب للقلق.. هناك ما يسمى ضباب الحرب قبل المعارك الكبرى.. وهى السابقة للمعارك الكبرى حيث تحتشد الجيوش والميادين المحددة فى صورة كاملة أو على الاقل هناك ملامح مرسومة لهذه الحرب.
ويبقى السؤال.. من أين نبدأ ومن سيقود؟.. ومن سيتصرف وما هى المعلومات المتاحة باستمرار سواء فى السياسة أو الحرب أو الثورة؟.. هناك مايسمى ضباب الحرب أو ضباب الموقف بنفسه وهذا ما أقصده ويبدو كله ممكن وفى كله نحن قادرين ويبدو أن هناك عقبات ونحن فى هذه اللحظة تقريباً.. ومن اسباب قلقى أن مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى كان ناجح وبارز وخايف جداً أن يتم المقارنه بينه وبين القمة العربية من حيث عدد الحضور والغياب ومستوى الحضور.
وكنت أتمنى أن يكون هناك فاصل أوسع بين هذا وذاك لكى لاترتد الصور على بعضها وتؤثر على بعضها والشيء الثانى أننا فى المعركة الحالية أخر سلاح ينبغى أن نرتكن إليه هو السلاح وبالنسبة للجيش العربى أنا أحترم جداً كل الاراء والاجتهادات لكن أعتقد اننا أمام عصر متغير بالكامل وأخشى أن القيادة المشتركة هى من مفردات الصراع العربى الاسرائيلى وليس الصراع الذى نواجهه الان فعندما نذهب للحرب فإننا نحدد مصدر تهديد ونحدد مواجهته بقوة محددة وتحديد جبهة وميدان للحرب وتمويل وأمداد وتدريب والذى نحن أمامه ليس الصراع العربى الاسرائيلى والمفردات التى كانت مستخدمه فى هذا الصراع.. هنا جزء من الادراك أن الذى نتكلم عليه ليس استمراراً لمؤتمرات القمة السابقة لكن لروح مؤتمر شرم الشيخ، وكان هناك شيء سائد فى مرحلة ما هو ما يسمى " روح باندونج" وكان تفتح العالم الثالث لمستقبل من التنمية والاستقلال والعدل الاجتماعى.
ومؤتمر شرم الشيخ أحدث أمراً مهماً جداً هو أننا أمام عصر تتراجع فيه الايدولوجيات وتتقدم فيه التكنولوجيات.. "تحدثى عن الايدولوجيات عن ماركسية ورأسمالية ممكن نستفيد منها كثقافة".. لكن ما أصبح امامنا هو التقدم.. والعقيدة السائدة هى التقدم والعدل الاجتماعى بمفهومه الشامل وليس فقط مظهر الحداثة.. الصراع أمامى ليس عسكرى.. القوة قد تدخل فيه لكن يحتاج لادارة من نوع مختلف ونحتاج لتصورات قبل التحركات.. وأنا فى حقيقة الامر لاأرى هذه التصورات إلا أن هناك رغبة فى العالم والاتجاه لقرارات لكن الماضى لازال يحكمنا وتجربتنا ممكن تقفز فوق مانستشعره أن الدنيا تتغير لتعود بنا إلى ماضى فى حديثنا عن هذه القوةة المشتركة أين ستحارب ولماذا؟.
*الارهاب " داعش – الحوثيين"؟
*سأكلمك عن داعش.. عندما قال أوباما أن الحرب على داعش سوف تستمر ثلاث سنوات قلنا جميعنا "إيه الكلام الفاضى ده؟.. "لاننا قسنا بمقاييس الماضى لكن لو استخدمنا مقاييس الحاضر فنحن أمام شيء مختلف قد يطول مدتها وأمدها طويل ورغم هذا.. فالسلاح أخر شيء فهناك اسلحة كثيرة فى الساحة لكن نحتاج إلى مواجهة بتصورات مختلفة.
*لكن تحتاج ايضاً إلى حل عسكرى فى ليبيا مثلاً؟
*لا..لا..لا.. أنا موافق أن القوة لابد أن تدخل فى مرحلة من المراحل، لكن عندما سألت كصحفى عادى عن المعلومات قيل لى: "أن الموضوع عبارة عن قوة تتدخل وقت اللزوم".. اللزوم فى حقيقة الامر حاصل.. ولكن ليس هو الموضوع نحن امام صراع من نوع جديد على المستقبل وإمكانياته وينبغى أن نديره بأسلحته وأول أنواع الاسلحة هى أن نفهم كيف نحارب ما لا تفهميه؟.. طوال الفترة الماضية وحتى الان لم نتصور ماذا أمامنا كل الدول والمجتمعات فى ظل الظروف الفاصلة فى التاريخ وهى مشابهة لما نشهده الان.
*قبل أن نعود للتاريخ إذا أنت ترى أن القادة العرب فى شرم الشيخ يجب أن يغلقوا على أنفسهم الابواب ويفكروا؟
*لن يسعفهم الوقت أن يفكروا فى شيء أعتقد أن الرئيس السيسى عليه أن يفكر فى مؤتمر أخر من نوع أخر يجمع فيه القادة العرب.. مؤتمر الغد ليس عنده شيء إلا أن يقر جدول أعماله وأن يشعر أن ثمة غياب كبير وأن ثمة مرحلة جديدة ليس بوسعه توصيفها أو مواجهة الخطر الداهم المشكلة فى هذا المؤتمر أنه يهدف لوضع حلول دون أن نوصف المشكلة أنا سأعطيى ثلاثة نماذج فى العالم ماذا أرادوا أن يفعلوا مثلاً أوروبا بعد الحروب النابليونية والثورة الفرنسية كأنت أوروبا فى حالة كبيرة من الدماء وجاءوا فى محاولة لاعادة بناء أوروبا فكيف يمكن أن يفعلوا هذا وهذا هو ما كتبه كسينجر فى رسالته للدكتوراه بعنوان "عالم يعاد بناؤه" هذا العالم عقد به مؤتمر فيينا عامى 1814و1815 واستغرق عامين كما ذكرت هاتين السنتين كان هناك أربعة كبار شاركوا فى حرب أسقاط نابليون ألكسندر قيصر روسيا وميترنيخ ورئيس خارجية انجلترا فيسكونت كاسلريا و شارل موريس تاليران ثعلب فرنسا وبطل الدبلوماسية.
وعلى مدار عامين ظلوا يفكروا كيف يمكن بناء عالم جديد واستطاعوا وضع تصورات الحلف المقدس الذى منع حرب أوروبية شاملة بداية من 1814 إلى 1914.. مائة عام شهدت تطورات مهمة كبيرة جداً وبعد الحرب العالمية الثانية ووشوكها على الانتهاء والقنبلة النووية على وشك الاستخدام وتشرشل موجود وتحدث أنتخابات فى نصف المدة وياتى رئيس وزراء أخر " أتلى " وأول مشكلة فى عملية البناء إلى جانب الحلفاء كان يفكرون أن ثمة 18 مليون جندى سيتم تسريحهم من الحرب وكيف سيتم التعامل معهم من خلال توفير أعمال لهم ومعيشة افضل.
ألمانيا كانت مدمرة ووسط اوروبا لا يمكنه العيش بدونها فهى تحفظ توازناته وأنجلترا لديها مشاكل كبيرة وهى مفلسة وبدأ الناس يفكرون كيف يمكن بناء مستقبل جديد وجلسوا لبحث تصورات وليس قرارات.
*هل لدينا تشابه مع العالم العربى؟
*نعم هناك تشابه.. عندما نقول أن هناك عالم عربى " خربان ومفكك" وعندما نقول أن الارهاب يرعى فيه.. فانتى امام عالم جديد يجب بناؤه وضع تصورات لهذا البناء.
*ربما يكون هنا أن ما حدث هو أدارك العرب أن مصر تحتاج للعودة لدورها وقوتها ؟
- هذا صحيح.. ممكن تقوى وتعود مصر لدورها.. والسيسى يقول أنها تستيقظ وتتحرك لكن لاى الطرق؟!.. أنتى مقبلة على ساحة مدمرة وانتى البلد التى كانت منعزلة تخرجين الان لتقومى بدورك وتتحملى مسئوليات.. ولن اقول ريادة أو شيء من هذا القبيل فقد مللنا منها والطرق كثيرة وعليكى أن تختارى من اين تبداى البداية بتصور قوة عسكرية مشتركة أعتقد فى رأيى قد تكون ضرورية لكن ليست هى شكل ما هو قادم أو يكفى لما هو قادم فأنتى تحتاجين تصور أوسع بكثير لما هو قادم لا يدخل فيها فقط القوة العسكرية، وإنما الاقتصاد والثقافة... وغيرها.. وعندما نقول مصر تستيقظ وتتقدم عليكى فرز الاولويات، وهذا شيء مهم جداً، والفرز هنا أعتقد أنه فى منتهى الصعوبة فى ظل ضباب الحرب والثورة والفوضى.
*من وجهة نظرك ما هى أولويات الفرز؟
*هناك خطوتين مهمين قامت بها مصر.. المؤتمر الاقتصادى حيث كان عودة بديعة لمصر، بعد أن أرهقنا أنفسنا ونحن نتسائل هل السيسى هو ناصر 2؟ أم هو السادات 2؟ أم مبارك 2؟.. والإجابة أنه ليس كل هؤلاء، هو رئيس قادم بمرجعية رئيسية هى ثورة يناير، والهدف المطلوب منه ليس الايدولوجيات القديمة.
الخطوة الثانية.. المؤتمر الاقتصادى أظهر أن مصر فى الاتجاه الصحيح لكن ليس الطريق المحدد وهناك فرق بين الاتجاه الصحيح والطريق.
بالإضافة إلى ذلك التعاطى الجيد من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى لقضية مياه النيل.. حيث نجحت مصر فى الإمساك بطرف الخيط والعودة إلى محيطها الإفريقى خاصة بعد تغلل إسرائيل فى تلك الدول وهذا يدل على أننا فى الاتجاه الصحيح.
ويجب أن ندرك أيضا أننا لسنا أمام الصراع العربى الإسرائيلى.. نحن أمام صراع من نوع أخر وهو الصراع مع الارهاب.
- العراق
*ياتى القادة العرب لشرم الشيخ.. وكل منهم محمل بملفات كثيرة.. فالعراق مثلاً الذى كسر جيشه منذ فترة طويلة.. ويواجه داعش.. ماذا سيطلب من القمة العربية؟
* المشكلة فى العراق أن الموجودين فى بغداد أو غيرها يحاربون أى شيء يمسهم.. وايران موجودة فى الساحة بما يمسها.. ونحن موجودين بما يمسنا كعالم عربى وسوريا موجودة بما يمسها.. والولايات المتحدة موجودة لكن المشكلة أن كل الاطراف فى نفس المعركة لكن كل طرف بقصد مختلف.. المعارك لاتكسب بهذه الطريقة على الاقل من الجانب العربى هناك إختلاف كبير أننا اصبحنا نتولى مسئولية كبيرة فى العالم العربى ونحن نتحدث عن داعش فالخليج أهم منطقة فى العالم العربى الأن.. الشمال كله به داعش والجنوب كله به حوثيين والمنطقة الشرقية فى السعودية كلها شيعة وأنا ضد أنقسام العالم العربى إلى سنة وشيعة لكن اعتقد أنها من اكبر الجرائم فى التاريخ الاسلامى "الفتنة الكبرى".. ولكن المهم أن الخليج كله محاصر الان وليبيا ومصر والمنطقة مطوقة بالمخاطر.
* اصبح دائرة؟
*السياسات التى أتبعناها هزمت كل أهدافنا للاسف فحاربنا ايران وجعلناها اقوى دولة فى المنطقة واصبحت نووية.. حاربنا الحوثيين بمنطقة صعدة فأعطيناهم اليمن بأكمله.. نحن فى يوم من الايام فى مصر أخطأنا ونحن نواجه ثورة فأعطينا البلد كلها لجماعة الاخوان وغيبة التصورات جعلت كل جهودنا فى خدمه هزيمة كل أهدافنا وهى قضية مزعجة.
ارجوكى تعرفى ما هى داعش.. أننا فى البداية صنعنا داعش من خلال التنظيم المؤسس وهو "الاخوان" الذى تفرعت وتشعبت منه التيارات المختلفة فى أفغانستان، وصنعنا وحش الارهاب وهو ما يسمى القاعدة.. وداعش هو رد فعل لخيبة عربية كبرى.. ويجب أن تعلمى أن داعش بدأت بالزرقاوى الذى واجه الامريكان فى العراق بعد الهزيمة.
بالإضافة إلى أن التغيير الذى حدث فى داعش فى الموصل حيث أنضم إليه ما يقرب ما بين 1500-2000 من افراد ضباط الجيش العراقى السابق، وهذا ما يحمل تغيراً نوعياً فى داعش.
*بعد كسر الجيش العراقى ؟
*بعد كسره وتسريحه وما ألم به وبعد ابو غريب وحبس الضباط.. خرج العساكر والضباط للانضمام إلى أى مقاومة.. وأنا فى بيروت حدثتنى شخصية اتصلت بداعش او قريبة منهم بشكل أو بأخر قلت له أنا مستعد أقبل الجهاد لكن الذبح غير مقبول.. فقال لى تعلموه من الامريكان.
وقال لى تذكر الاسم الرمزى لتدمير العراق (الصدمة والتخويف) وبداية الحملة فى العراق بدأت بضربة جوية بإسم "رعد"، ولم يكن الهدف منها أهداف لكن خلع قلوب العراقيين من الرعب وبالفعل نجحوا فى ذلك.
ولذا فإن جز كبير كبير جداً مما نراه فى داعش ردة فعل لاشياء كثيرة جداً فهو ليس فقط تنظيم أرهابى لكن تنظيم أرهابى يدير ويشرف على مساحة كبيرة، وأصبح مسيطراً على موارد الموصل وكان هناك شيء عجيب جداً قام به صدام حسين حيث أعطى لكل منطقة من المناطق من الاموال مايكفى للتمويل والحرب فى حال دخول الامريكان للمقاومة الشعبية ومتصور أن الحرب ستطول وماأخذوه فى الموصل 400 مليون دولار ثم فرضوا ضرائب ووجدوا من الناس من يساعدهم.
* واستخدام البترول ؟
* وأهم من البترول ضعى فى ذهنك أنضمام 1500-2000 ضابط عراقى مؤهل بجانب أنهم استطاعو بالتصورات المبهمة والاحلام الهائمة وردة الفعل خيبات أمل طويلة جداً.
*ومذا عن الصراع السنى الشيعى فى العراق ؟
*صحيح لكن بدأوا ايضاً يجذبوا عناصر من اوروبا ويكفى أن عدد طلبة الطب القادمين من أنجلترا ونحن كنا أمام هجرة كبيرة من العالم العربى لاوروبا لم تكن منظمة ولم يستطيعوا الانسجام فى المجتمعات التى ذهبوا إليها فاصبح لديهم مشكلة إغتراب.
وبالتالى ما نواجهه فى داعش هو ردة فعل لاحباط عربى طويل وصراعات لم يكن لها لزوم وهى متجمعة فى تنظيم أرهابى لابد من التعامل معه بطريقة مختلفة.
*لكن الا يتطلب المقاومة مع هذا الفريق الارهابى جيوش ومعركة عسكرية؟
*أريد أن اقول لكى شيئاً عندما نقول جيوش نحن نتحدث عن جبهة وعندما نتحدث عن قوة عربية كم سيكون قوامها واين سنضعهم فى العراق واليمن وسوريا وليبيا ؟ أين ؟ ماهى الجبهة ؟.. المشكلة أنكى لأول مرة تحاربين حرباً بلا جبهة وبلا عدو معروف حتى الان.
- اليمن
*وماذا عن اليمن الذى طلب تدخل عسكرى من درع الجزيرة وحظر جوي؟
*الامريكان موجودين ويحاربون فى اليمن وكان هناك بعثة أمريكية من 100 ضابط تم أجلائهم.. والرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح لديه جيش وانصار، وليست القضية فى "الحوثيين" فقط لكن المناخ يسمح بتمدد كل ما ترينه هذا الفراغ والحيرة والاحباط فى العالم العربى هو ردة فعل لمرحلة من الهزائم والتراجعات والفوضى وهى مرحلة من الانسحاب.
*إذا لم يواجه هذا بالجيوش العربية بماذا سيواجه إذاً؟
* أنا أعرف أن هناك لحظة يجب استخدام القوة العسكرية.. لكن اين ومتى فى هذا الصراع؟.. وفى جبهة؟.
*وماهو البديل ؟
*نحن نحتاج إلى تصورات.. وأذا لم تكونى قادرة على التصور فلا فائدة.
*هل بعد انتخاب نتانياهو اصبحت القضية الفلسطينية اكثر تعقيداً؟
* هو قال صراحة ماكان ظاهرا ومعلنا فى أتفاقية اوسلو " لا دولة فلسطينية".. والامريكان يعلمون أن تصريحاته تعكس الحقيقة بالنسبة لاسرائيل لكن عندما قال هذا الكلام ذهبوا إليه وأرسلوا له كل من تتخيلى حتى رئيس الجمهوريين فى الكونجرس وهو من دعاه حتى يقولون له هذا التوقيت خاطيء فأنت تحرج اصدقائنا فى المنطقة قم بالتغطية وقم بما تريد لكن ليس هناك داعى لهذه الفجاجة.
فأولاً ستحرج اصدقائنا فى المنطقة وسوف ترغمون عباس على حل السلطة وأذا فعل ذلك فسوف يعرض قضية شعب فلسطين وهوتحت الاحتلال فى زمن لم يعد فيه الاحتلال مقبولاً.. أنتم ستجدون أنفسكم فى مواجهة أنتفاضة ثالثة وستصرفون الانظار عن المعركة الحقيقية التى " ما صدقنا " أن تكون فى سوريا وسنة شيعة والارهاب.
*هل هذا يعنى أنه بفعل غربى أمريكى أن يحدث التقسيم المذهبى "سنة وشيعة وأرهاب"؟
*هو أعقد من ذلك فى حقيقة الامر.. وبالتالى هى خيبات امل طويلة ولا يمنع أن هناك من ليس لديه مانع.. وتعالى شاهدى الامريكان وطريقتهم فى ليبيا وغيرها كانوا موجودين فى كل المعارك لكن من بعيد دون تكرار تجربة "فيتنام" عبر الدرونز أو التوجيهات أو الضربات الجوية.
أننا فعلنا أخطاء كثيرة.. ونوايا رئيس وزراء اسرائيل لم تكن جديدة وسأعود بالذاكرة لواقعة مؤتمر اوسلو وإعلان النتائج كنت ذاهب إلى لندن وصلت إلى هناك وثانى الايام ألتقيت بعدنان بجاجى مع زوجته وعزمتهم فى مطعم ايطالى يقوم بطهى الطعام على طريقة " فينسيا " ودخلنا المطعم أنا وزوجتى وزوجته وجدت الملك حسين فى ركن مع عائلته فتعجبت وذهبت له وكانت معه الملكة نور والاميرة هيا زوجة الامير محمد بن راشد والامير حمزة والملك حسين سيصيبه الجنون لديه أخبار عن الاجتماع والاتصالات مستمرة لكن لم يكن يتخيل أن هناك أتفاق سيحدث فيسأل تعال نضم المنضدتين.
وسالنى من معك قلت له السيد عدنان باجاجى قال لى مأمون؟ قلت له نعم قال أذا فأنضموا لنا.. وتكلم قائلاً: " أنا نصحت اسرائيل مرة أن لا يتفاوضوا معنا فيما يخص الضفة الغربية وأنا مسئول عنها لكن تفاوضوا مع الفلسطنيين لانى لو فعلتها واتيت بها على صحن من فضة لن يقبلوها منى وسوف يشككون فتركتهم للتفاوض وكنت أعلم أن هذه المفاوضات دائرة ونصحت الاسرائيلين بهذا التفاوض".
وتحدثنا طويلاً وألتقينا فى ثانى يوم لانه كان لديه شيء يريد أن يقوله جلسنا سوياً دون أحد لتناول الشاى فقال لى " لو الاسرائيلين لديهم شيء كانوا سيعطونه لى وليس لاحد أخر (اقصد المنظمة)، وأنا اقطع أنهم ليس لديهم اى شيء ولن يكون " ولم يقل لى أنه يقابل الاسرائيليين وانا أعرف أنه قابلهم مليون مرة وحتى الأن كنت مستفزا جداً.
وبعدها ذهبت لمقابلة الدكتور باسل عقل، وكان يتحدث لابو مازن وهو يقول لى ممكن تكلمه تهنيه ؟ قلت له سأكلمه لكن لن اهنيه بعدها قال لى مدير الجامعة الامريكية لدينا موسم ثقافى ونريدك أن تفتحه قلت له ليس لدى موضوع ثقافى لكن لدى موضوع سياسى قال لى انا تحت أمرك.. وقتها القيت محاضرة عنوانها " غزة واريحا اولا.. وأخيرا " وكنت أعرف أنه لن يضاف لهذه الارض شيء.
* إذا حينما يقرا ابو مازن كلمته فى القمة العربية هل سيكون امام العرب شيء ليقدموه؟
* هل ستنفعه القوة العسكرية المشتركة؟.. أنتى أمام شيء أخر.. أبو مازن مع الاسف الشديد سيطلب دعم وأعتقد أن المعركة فى مكان اخر وأنا بالنسبة لغزة أتفهم وضعها جيداً وأعتقد اننا نعالج الامور هناك بطريقة تحتاج إلى تفكير جديد.
*لكن غزة لم تصلها المعونات حتى الان نتيجة الخلافات بين الفصائل؟
*أنا لايهمنى هذا الأن بقدر مايهمنى المشاعر الموجودة فى قطاع غزة تجاه مصر هناك حالة حصار على غزة وهنا محكمة فى مصر أخرجت حكماً تقول فيه أن حماس منظمة أرهابية وأنا لست معجباً بحماس لكن فى هذه اللحظة غزة قنبلة لو أنفجرت سوف تصيب مصر فهناك 2-2.5 مليون فلسطينى هناك، لو غضبوا سيقتحمون الحدود.. ووقتها لن يكون بوسعنا القيام بعملية صد او أطلاق النار.
*لم تعد القضية الفلسطينية هى الاولى للعالم العربى رغم أنها الحاكمة وعدد اللاجئين الفلسطنيين لا يقارن بعدد لاجئين أكثر من دول عربية الآن؟
* ببساطة شديدة وللاسف الشديد أحزن لأن العالم العربى لديه قتلى وليس ابطال ولا شهداء فى الوقت الحالى.. فى كل حروب فلسطين وإسرائيل لدينا 250 ألف شهيد، بينما فى الفوضى الاخيرة لدينا ما بين 12-15 مليون قتيل ولديكى مشردين لانستطيع معرفة عددهم أنتى أمام وضع يحتاج لتصورات.
*القضيتين اليمنية والليبية هما قضيتان يهددان مصر بشكل مباشر.. خاصة أنه هناك مخاطرعلى باب المندب؟
*هذا يلغى قناة السويس ودبى.. وأريد أن اقول أذا ضاع هذا الموقع ستتاثر دبى.
* كيف سيتعامل القادة العرب مع ذلك ؟
*هنا نحتاج إلى تصورات أخرى
*هو من طالب بدرع الجزيرة؟
*نحن لدينا تجربة فى اليمن لم يدرسها أحد..خاصة أننا "ما صدقنا" نخلص منها فطوينا ملفاتها دون دراسة.
*لدينا عقدة ؟
* لدينا عقدة أنا كنت فى البداية ضد حرب اليمن ووقتها دخلت فى نقاشات حادة مع السادات وكان وقتها فى مجلس الشعب لكن كنت أخاف من الوضع فى اليمن وأنا ذهبت هناك سنة 48 ورأيت مافيها، فأنتى أمام بلد بديع حضارة هائلة لكن الظروف تركته وهى ظروف كثيرة جداً وتحول التجارة كان مهم.
*وصول الحوثيين إلى باب المندب يعنى وصول ايران لهناك ؟
*باب المندب.. سوف تواجهى مشاكل لكن اريد أن اقول شيئاً أن الحرب ليست هى ما نقفز أليه والقوات المشتركة ليست هى ما نقفز اليه من اللحظة الاولى علينا أن ندرس أولاً، لانك أمام اليمن الذى يعد بركان نائم فى جنوب شبه الجزيرة العربية واذا أنفجر سيجرف كل المنطقة.
ولكن افترضى أن الحوثيون عند باب المندب.. فى حرب أكتوبر ارسلنا مدمرتين لمضيق باب المندب لوقف حركة الملاحة هناك، وهذا ما دفع إسرائيل لانشاء قاعدة أمريكية فى أحد الجزر القريبة من بابا المندب.. ولن أدخل فى تفاصيل.
*هل أمريكا تحاول أنفاذ اتفاق مع أيران حول تمددها فى المنطقة وبالتالى تغض الطرف عن اشياء أخرى؟
*لا.. العلاقات الدولية ليست كذلك فهى ليست عبارة عن صفقات فقط هى عبارة عن حركة موازين قوى.. الدول تتحرك بطموحاتها وأراداتها، وبالتالى هى ليست صفقة فقط وأنا حزين جداً للطريقة التى وصلنا بها مع إيران " والله لم يكن لها لزوم ".
- سوريا والاسد
* سوريا والتصريحات حول ما إذا كان الحوار فى النهاية يجب أن يكون مع الاسد؟
*هذا الكلام قاله كيرى ولست أنا
* ثم أعتذر عنه؟
*لا.. أريد أن اقول لكى شيئاً هناك لغتين دائماً الاولى نتحدث بها مع الاقوياء والشركاء والكلام الحقيقى قيل للعالم أنه لا يمكن حل الأزمة السورية بدون بشار الاسد.. وهذا صحيح لوجود نظام لازال يقاوم وجيش لازال ايضاً على مدار ثلاث سنوات يخوض حرباً أهلية، وشعب يقع أغلبه تحت حكم هذا النظام لايمكن تجاهله.. كيرى عبر عن الحقيقة للاقوياء لكن الرسالة الثانية على طريقة " لحسن يزعلوا" ولذلك اقول لكى لانريد قرارات نحتاج لتصورات.
*هل ممكن أن تلعب مصر دوراً فى الازمة السورية؟
*مكن تلعب دوراً فى كل شيء.. وأنا قلت لكى هذه تكلفة.. وعندما قال السيسى عليه أن يتصرف ويعبر عن الحضارين والغائبين.
- ليبيا
*ليبيا والارهاب واصرار الغرب على الحوار السياسى وأدماج التيارات الإرهابية فيما يسمى بـ"العملية السياسية الشاملة"؟
*أريد أن أكررر القول.. لا نريد معركة ضد الارهاب يختلط بالاسلام السياسى، نظراً لأن الأخير قضية معقدة، وأكثر شيء نخطأ فيها وأنا فاهم موقف الجزائر المختلفة معنا فأنتى مضطرة مراعاة أوضاع ليبيا نفسها فهناك إسلام سياسى من المفيد التحدث معه لكنه يجب أن يكون موجوداَ ضمن ماهو أكثر من قرار فى تصور.
* هل أنت موافق على العملية العسكرية المصرية فى ليبيا ؟
*الضربة التى قامت بها مصر كنت أتمنى أن تحدث بطريقة تانية عبر أخطار مجلس الامن ايضاً.
*ربما لو كنا أخطرنا مجلس الامن لما كان سيوافق؟
* لا.. كان علينا الاخطار ثم نتصرف كما نشاء لانريد اذنه.. فى السياسة الدولية يمكن التصرف دون أن تفاجئى ولا تستأذنى أخطرى أثناء التصرف، ومرات أخطرنا بأشياء قبل حدوثها بدقائق عند استخدام القوة العسكرية خارج حدودك فهى تحتاج لترتيبات دولية.
*أمريكا تقوم بذلك واسرائيل أيضاً ؟
*أمريكا تقوم بذلك لقدرتها واسرائيل لانها موازين قوة اسرائيل تستأذن أمريكا والبلد الوحيد الذى يتصرف كيف يشاء دون أخطار كانت هى الولايات المتحدة وكان هذا مستمراً حتى وقت قريب.
*لكن هناك أزدواجية فى المعايير فالتحالف يقصف الارهاب فى العراق وسوريا فى حربه ضد داعش لكن بمعايير مختلفة فى ليبيا ؟
* لانه يدرك أن السلاح ليس هو الحل فى ليبيا.
تحديات قمة شرم الشيخ
* أذاً أمام القادة العرب تحديات كبرى فى شرم الشيخ وأن يضعوا تصورات لاعادة بناء مجتمع عربى جديد ؟
* أنا أعتقد أن أجتماع القمة يمكن أن يتم التوقيع على الملفات العربية ثم ركنها جانباً.. لن يحدث شيئاً وليس هو المطلوب لكن مطلوب قوة أخرى.. القوة العسكرية يمكن أن تكون مهمة لكن مطلوب وجودها فى ظل تصور ثقافى اجتماعى كبير جداً.
*حتى لو قوات تدخل سريع تؤدى مهام بعينها ؟
*لا تتورطى فى اشياء لا تعرفى بدايتها وليس نهايتها هل ستحل قضية عدن مثلا.
*ضربات جوية ؟
*الضربات الجوية غير مؤثرة ممكن تهد شيئ وتهدم اشياء لكن اى عسكرى يتحدث عن الاستراتجيات يعلم أن الوجود على المواقع هو ما يحدد المصائر وليس العكس.
*وقد لانملك ترفاً أن نترك اليمن يسطير عليها الحوثيين ؟
*أنا لم أقل نترك.. أنا أوافقكك ولكن عليكى أن لا تتقدمى دون بصيرة وتقفزين بل برؤية وتدبر.. القفز فى موقع محدد فى هذه اللحظة كارثى لانكى لاتعرفى أين تقفزين.