مع دخولنا العام الخمسين للاحتلال، يمكن تلخيص بعض مزاياه الحسنة: لقد أنقذ كما يبدو الوجود الاسرائيلي، أو على الاقل أطاله.
ليس فقط أن يهود العالم منذ الحرب التي تحمل الاسم المتفائل، وبالذات يهود الولايات المتحدة، اعترفوا – خلافا للفترة التي سبقت حرب "الايام الستة" – بدولة اسرائيل كقائدة للشعب اليهودي، وليس فقط أن اللاسامية قد اختفت تدريجيا، خلافا للصرخات التي تصدرها اسرائيل.
ليس فقط أن الوجود العنيف قد تحول منذ الاحتلال وبالتدريج الى مصلحة غربية واضحة – لا توجد طريقة اخرى لتفسير التجاهل المتزايد لاصحاب "حقوق الانسان" لما تقوم به اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني (التفكيك التدريجي لهذا الشعب من أمة الى جاليات مطاردة ومقموعة حتى النهاية). وليس فقط أن اسرائيل أكثر من أي وقت آمنة وقوية ولا أحد يهددها ("اسحق، لا يوجد شريك للحرب"، قال لي بسخرية محمود درويش ذات مرة، حيث كانت "عملية السلام" عالقة) – خلافا لدعاية نتنياهو واحيانا خلافا لحوار اليسار الذي يريد اقناع الشعب بأنه "بدون سلام ستكون هناك حرب فظيعة" – إلا أنه يبدو أن انهيار الشرق الاوسط بمساعدة اسرائيل أو بدون أي صلة بها، يبقيها غير مرتبطة بأي تحولات في المنطقة. وهذا ما يعرفه جيدا الشعب الذي يصوت لنتنياهو. فقد صمد هذا الحصن الأميركي الذي هو اسرائيل مع انتهاء الحرب الباردة في داخل جهنم الشرق الاوسط التي اشعلتها الولايات المتحدة.
لم يقلل انهيار الاتحاد السوفييتي من قيمتنا الاستراتيجية. أثبتنا أن صناعات السلاح القوية هي ورقة مهمة في السياسة الأميركية، وما فعله الاحتلال بدولة إسرائيل من الداخل يتلخص بتأجيل انهيار رموزها، هذا التأجيل الذي يستمر منذ سنوات كثيرة بفضل الاحتلال وبفضل ابتلاع الرموز – في النقاش حول الاحتلال – وكل النقاشات حول الرموز ذاتها: التطوع، إنتاج البلاد، الزراعة، دمج الشتات، الجيش، الكيبوتس، الاشتراكية، سلطة القانون، اللغة العبرية. كل ذلك وغيره ليس فقط لم تضرب جذورها ولم تتطور، إلا أنها تكشفت بالتدريج كسطحية أكثر ولا مضمون حقيقي لها، ولا شك أنها كانت ستنهار هناك مع قدوم الرأسمالية الجديدة في السبعينيات، لولا أن الاحتلال منحنا موضوع انتظم حوله المجتمع السياسي، يهوداً وعرباً، يساراً ويميناً، والتحدي الكولونيالي تنفذه الدولة بالقوة الكبيرة وبمساعدة رموز بسيطة.
ليس أمامنا سوى الاعتراف ومدح المؤامرة الكولونيالية. ايضا حينما اعتقدنا أن الكولونيالية انتهت وأن العرب في اوساطنا قد تم نسيانهم، وقمنا باعمار الصحراء كنموذج للاغيار، وأرسلنا الشرقيين للعيش في الضواحي دون سؤالهم عن رغبتهم، وايضا عندما تنازلنا عن بناء شعب يتحدث العبرية وسمحنا لمليون روسي بأن يكونوا كما هم. وبذلك أبقينا على مئات آلاف سنوات التعليم لـ 15 ألف مهندس وطبيب من الاتحاد السوفييتي وتفاخرنا بالهاي تيك، وكأن من أوجده هم الـ 8200 محرر للأخبار في القناة 2 ، وكأن هذا لم يكن عمل مئات علماء الرياضيات المهاجرين من الاتحاد السوفييتي الذين تعلموا هناك وبعد ذلك قاموا باثرائنا هنا – ليس فقط أننا لم نعترف ونشكر ذلك، بل واصلنا حالة الرضا الاسرائيلية والقول إن كل شيء سيكون على ما يرام بعد قليل.
لقد بقينا أمام الشيء الفعلي: الكراهية. ومن اجل ذلك نشكر كل من أيد الخروج لتلك الحرب، وأجل النهاية.
النهاية مرت منذ زمن. الآن نعيش بعد الموت مثل الخفافيش.
ليس فقط أن يهود العالم منذ الحرب التي تحمل الاسم المتفائل، وبالذات يهود الولايات المتحدة، اعترفوا – خلافا للفترة التي سبقت حرب "الايام الستة" – بدولة اسرائيل كقائدة للشعب اليهودي، وليس فقط أن اللاسامية قد اختفت تدريجيا، خلافا للصرخات التي تصدرها اسرائيل.
ليس فقط أن الوجود العنيف قد تحول منذ الاحتلال وبالتدريج الى مصلحة غربية واضحة – لا توجد طريقة اخرى لتفسير التجاهل المتزايد لاصحاب "حقوق الانسان" لما تقوم به اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني (التفكيك التدريجي لهذا الشعب من أمة الى جاليات مطاردة ومقموعة حتى النهاية). وليس فقط أن اسرائيل أكثر من أي وقت آمنة وقوية ولا أحد يهددها ("اسحق، لا يوجد شريك للحرب"، قال لي بسخرية محمود درويش ذات مرة، حيث كانت "عملية السلام" عالقة) – خلافا لدعاية نتنياهو واحيانا خلافا لحوار اليسار الذي يريد اقناع الشعب بأنه "بدون سلام ستكون هناك حرب فظيعة" – إلا أنه يبدو أن انهيار الشرق الاوسط بمساعدة اسرائيل أو بدون أي صلة بها، يبقيها غير مرتبطة بأي تحولات في المنطقة. وهذا ما يعرفه جيدا الشعب الذي يصوت لنتنياهو. فقد صمد هذا الحصن الأميركي الذي هو اسرائيل مع انتهاء الحرب الباردة في داخل جهنم الشرق الاوسط التي اشعلتها الولايات المتحدة.
لم يقلل انهيار الاتحاد السوفييتي من قيمتنا الاستراتيجية. أثبتنا أن صناعات السلاح القوية هي ورقة مهمة في السياسة الأميركية، وما فعله الاحتلال بدولة إسرائيل من الداخل يتلخص بتأجيل انهيار رموزها، هذا التأجيل الذي يستمر منذ سنوات كثيرة بفضل الاحتلال وبفضل ابتلاع الرموز – في النقاش حول الاحتلال – وكل النقاشات حول الرموز ذاتها: التطوع، إنتاج البلاد، الزراعة، دمج الشتات، الجيش، الكيبوتس، الاشتراكية، سلطة القانون، اللغة العبرية. كل ذلك وغيره ليس فقط لم تضرب جذورها ولم تتطور، إلا أنها تكشفت بالتدريج كسطحية أكثر ولا مضمون حقيقي لها، ولا شك أنها كانت ستنهار هناك مع قدوم الرأسمالية الجديدة في السبعينيات، لولا أن الاحتلال منحنا موضوع انتظم حوله المجتمع السياسي، يهوداً وعرباً، يساراً ويميناً، والتحدي الكولونيالي تنفذه الدولة بالقوة الكبيرة وبمساعدة رموز بسيطة.
ليس أمامنا سوى الاعتراف ومدح المؤامرة الكولونيالية. ايضا حينما اعتقدنا أن الكولونيالية انتهت وأن العرب في اوساطنا قد تم نسيانهم، وقمنا باعمار الصحراء كنموذج للاغيار، وأرسلنا الشرقيين للعيش في الضواحي دون سؤالهم عن رغبتهم، وايضا عندما تنازلنا عن بناء شعب يتحدث العبرية وسمحنا لمليون روسي بأن يكونوا كما هم. وبذلك أبقينا على مئات آلاف سنوات التعليم لـ 15 ألف مهندس وطبيب من الاتحاد السوفييتي وتفاخرنا بالهاي تيك، وكأن من أوجده هم الـ 8200 محرر للأخبار في القناة 2 ، وكأن هذا لم يكن عمل مئات علماء الرياضيات المهاجرين من الاتحاد السوفييتي الذين تعلموا هناك وبعد ذلك قاموا باثرائنا هنا – ليس فقط أننا لم نعترف ونشكر ذلك، بل واصلنا حالة الرضا الاسرائيلية والقول إن كل شيء سيكون على ما يرام بعد قليل.
لقد بقينا أمام الشيء الفعلي: الكراهية. ومن اجل ذلك نشكر كل من أيد الخروج لتلك الحرب، وأجل النهاية.
النهاية مرت منذ زمن. الآن نعيش بعد الموت مثل الخفافيش.