يحتدم النزاع في مدينة حلب الواقعة شمال سورية بين القوات الحكومية من جهة، والمعارضة على تنوعها، إلى جانب التواجد المكثف لتنظيم "داعش" الإرهابي في مناطق تقع في ريف حلب من بينها مدينة منبج الخاضعة لنزاع عنيف تشنه القوات الحكومية وسورية الديمقراطية ضد "داعش".
خريطة حلب الجغرافية تتوزع فيها العديد من أطراف النزاع التي تتقاتل فيما بينها على أمل السيطرة الكاملة على هذه المدينة المهمة والاستراتيجية، القريبة من الحدود التركية والتي تشكل مساحتها 10% من مساحة كامل الجمهورية السورية.
يولي تنظيم "داعش" أهمية قصوى لمدينة حلب، كونها تقع شمالي سورية وملاصقة للحدود التركية من حيث التموّن بالسلاح والعتاد ودخول العناصر الداعشية، إلى جانب مجاورتها من جهة الشرق محافظة الرقة حاضنة "داعش" ومعقلها الرئيسي.
أيضاً تطل حلب على محافظتي إدلب وحماة من جهة الغرب والجنوب الغربي وتعتبر ثاني أهم مدينة بعد العاصمة دمشق، إلى جانب كونها العاصمة الاقتصادية ومركز تركز أهم الصناعات الدمشقية الفاخرة من ألبسة وأقمشة وصناعات خفيفة ومتوسطة.
ولتلك الأسباب أيضاً ينظر النظام السوري بعين الأهمية إلى مدينة حلب، ليس من أجل ضبط وتأمين الحدود مع تركيا ومنع وصول مسلحي "داعش" وغيرهم من عناصر المعارضة إلى داخل الأراضي السورية فحسب، وإنما لأن حلب تقدم موقعاً استراتيجياً يخدم في ضبط الحالة الأمنية بالعموم في شمالي سورية.
في شهر آذار الماضي وبعيد استعادة القوات الحكومية السورية مدينة تدمر التي خضعت لبعض من الوقت تحت سيطرة تنظيم "داعش"، فضّل النظام السوري تكثيف جهده العسكري نحو استعادة مدينة حلب، كونها تشكل معقلاً لعدد من تنظيمات المعارضة.
القوات الحكومية اتبعت تكتيك تخفيف الضغط العسكري، حيث لم تكن قادرة قبل التدخل العسكري الروسي أواخر العام الماضي، على توزيع قواتها في عديد المناطق السورية، ويبدو أن هذا الأمر أفقدها قدرتها على المناورة واستعادة أهم المناطق السورية.
غير أن التدخل الروسي خدم النظام السوري بشكل كبير، وتمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على مناطق كانت محسوبة بالأساس لكل من "داعش" والمعارضة المعتدلة، ويبدو التركيز حالياً على مدينة حلب، خاصةً وأن بسط السيطرة عليها يحمل دلالات كثيرة.
قبل أن يتفق الطرفان الأميركي والروسي على وقف العمليات القتالية في سورية أواخر شهر شباط الماضي، كان النظام السوري يطمح بالاستعجال العسكري لحسم النزاع لصالحه في واقعة حلب، يشمل ذلك التركيز في الأساس على استهداف قوات المعارضة، وترك "داعش" وأخواتها للضربات الروسية والغربية.
آنذاك لم يكن الرئيس السوري بشار الأسد يريد الموافقة على تثبيت الهدنة في حلب تحديداً، وكان ملاحظاً تأخر تثبيت الهدنة ارتباطاً مع تواصل النزاع على الأرض، لأن حلب في إطار المسار السياسي عند أي طرف سوري، غيرها حلب خارج إطار العملية السياسية.
القصد من ذلك أن السيطرة على حلب عند أي طرف بمثابة عنصر قوة يخدم سواء في تثبيت الهدنة أو حتى عند استكمال المسار السياسي، ويلاحظ أن النظام السوري يحاول فرض منطق النزاع العسكري أولاً قبل الحل السياسي.
الرئيس السوري خرج حديثاً في خطاب مهم إلى مجلس الشعب الجديد قال فيه إنه سيواصل القتال حتى فرض السيطرة الكاملة على كل شبر من سورية في إطار حربه ضد ما وصفه "الإرهاب في سورية".
التعهد الذي صدر عن الأسد له أبعاد ومضامين كثيرة، لعل أولها أنه يريد القول إن سورية الدولة واقفة وقوية وماضية في النزاع العسكري لتحقيق مطالبها التي عجزت المفاوضات السياسية عن تحقيقها، ذلك أن الرئيس السوري تعرض إلى موضوع الورقة التي طرحها الوفد السوري في مفاوضات جنيف الأخيرة.
الأسد يريد حسم موضوع حلب لصالح استعادتها بالكامل، ومن ثم إمكانية الشروع في تثبيت هدنة شاملة أو هدن جزئية، يتبعها الحديث عن استكمال المسار السياسي، ويريد القول للغرب إن الأخير يمكنه الرهان على النظام السوري في إمكانية اجتثاث "داعش" من جذوره.
إذن هناك استراتيجية تتبعها الحكومة السورية تتصل بتقوية وتعزيز موقعها العسكري، لضمان تثبيت مطالبها السياسية التي تنادي بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتحضر لصياغة دستور جديد والتجهيز لانتخابات برلمانية.
هذه الاستراتيجية تخالفها عقيدة المعارضة المعتدلة التي ترى في بقاء الأسد في السلطة كارثة على الدولة السورية واستمرار للنزاع، لذلك تركز المعارضة على عاملين لتعزيز موقفها في مقابل موقف النظام السوري، الأول أن المعارضة تريد من الغرب وحلفائها أن يتمسكوا بصيغة رحيل الأسد عن السلطة.
أما العامل الثاني الذي يهم المعارضة فيتصل بتقديم الدعم المادي والعسكري لها، على أن يتضمن الأخير إرسال معدات عسكرية ثقيلة تشكل تهديداً حقيقياً للنظام السوري، وبدون توفر هذين العاملين فإن المعارضة قاب قوسين أو أدنى من التراجع الوجودي على الأرض.
أما تنظيم "داعش" الإرهابي وبرغم الضربات الدولية والمحلية الموجهة ضده، إلا أنه ما يزال صامداً في سورية، وهذا يفسر حجم القوة التي يمتلكها هذا التنظيم في كل من العراق وسورية، خصوصاً وأنه لم يخسر ذلك العمق الجغرافي الاستراتيجي الحيوي في هذين البلدين، بالرغم من تقهقره وانحساره في أكثر من منطقة هناك.
وعلى كل حال لا يوجد هناك في الأفق الحالي غير مواصلة النزاع العسكري، مصحوبا ببعض الدعوات الخجولة التي تتحدث عن أهمية تثبيت هدنة في سورية، وهذا ما يفسر استعجال فرقاء النزاع واستثمارهم للوقت الآني في مساعي السيطرة الكاملة على حلب.
خلاصة القول إن حلب إذا خضعت لطرف من الأطراف المتنازعة في سورية، فهذا يعني أن العملية السياسية لن تكون كما كانت في السابق، لأنها ستخضع لتغير في موازين القوة، تشكل حلب أساس هذا التغير وجوهره في البحث عن أي مخرج للأزمة السورية.
خريطة حلب الجغرافية تتوزع فيها العديد من أطراف النزاع التي تتقاتل فيما بينها على أمل السيطرة الكاملة على هذه المدينة المهمة والاستراتيجية، القريبة من الحدود التركية والتي تشكل مساحتها 10% من مساحة كامل الجمهورية السورية.
يولي تنظيم "داعش" أهمية قصوى لمدينة حلب، كونها تقع شمالي سورية وملاصقة للحدود التركية من حيث التموّن بالسلاح والعتاد ودخول العناصر الداعشية، إلى جانب مجاورتها من جهة الشرق محافظة الرقة حاضنة "داعش" ومعقلها الرئيسي.
أيضاً تطل حلب على محافظتي إدلب وحماة من جهة الغرب والجنوب الغربي وتعتبر ثاني أهم مدينة بعد العاصمة دمشق، إلى جانب كونها العاصمة الاقتصادية ومركز تركز أهم الصناعات الدمشقية الفاخرة من ألبسة وأقمشة وصناعات خفيفة ومتوسطة.
ولتلك الأسباب أيضاً ينظر النظام السوري بعين الأهمية إلى مدينة حلب، ليس من أجل ضبط وتأمين الحدود مع تركيا ومنع وصول مسلحي "داعش" وغيرهم من عناصر المعارضة إلى داخل الأراضي السورية فحسب، وإنما لأن حلب تقدم موقعاً استراتيجياً يخدم في ضبط الحالة الأمنية بالعموم في شمالي سورية.
في شهر آذار الماضي وبعيد استعادة القوات الحكومية السورية مدينة تدمر التي خضعت لبعض من الوقت تحت سيطرة تنظيم "داعش"، فضّل النظام السوري تكثيف جهده العسكري نحو استعادة مدينة حلب، كونها تشكل معقلاً لعدد من تنظيمات المعارضة.
القوات الحكومية اتبعت تكتيك تخفيف الضغط العسكري، حيث لم تكن قادرة قبل التدخل العسكري الروسي أواخر العام الماضي، على توزيع قواتها في عديد المناطق السورية، ويبدو أن هذا الأمر أفقدها قدرتها على المناورة واستعادة أهم المناطق السورية.
غير أن التدخل الروسي خدم النظام السوري بشكل كبير، وتمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على مناطق كانت محسوبة بالأساس لكل من "داعش" والمعارضة المعتدلة، ويبدو التركيز حالياً على مدينة حلب، خاصةً وأن بسط السيطرة عليها يحمل دلالات كثيرة.
قبل أن يتفق الطرفان الأميركي والروسي على وقف العمليات القتالية في سورية أواخر شهر شباط الماضي، كان النظام السوري يطمح بالاستعجال العسكري لحسم النزاع لصالحه في واقعة حلب، يشمل ذلك التركيز في الأساس على استهداف قوات المعارضة، وترك "داعش" وأخواتها للضربات الروسية والغربية.
آنذاك لم يكن الرئيس السوري بشار الأسد يريد الموافقة على تثبيت الهدنة في حلب تحديداً، وكان ملاحظاً تأخر تثبيت الهدنة ارتباطاً مع تواصل النزاع على الأرض، لأن حلب في إطار المسار السياسي عند أي طرف سوري، غيرها حلب خارج إطار العملية السياسية.
القصد من ذلك أن السيطرة على حلب عند أي طرف بمثابة عنصر قوة يخدم سواء في تثبيت الهدنة أو حتى عند استكمال المسار السياسي، ويلاحظ أن النظام السوري يحاول فرض منطق النزاع العسكري أولاً قبل الحل السياسي.
الرئيس السوري خرج حديثاً في خطاب مهم إلى مجلس الشعب الجديد قال فيه إنه سيواصل القتال حتى فرض السيطرة الكاملة على كل شبر من سورية في إطار حربه ضد ما وصفه "الإرهاب في سورية".
التعهد الذي صدر عن الأسد له أبعاد ومضامين كثيرة، لعل أولها أنه يريد القول إن سورية الدولة واقفة وقوية وماضية في النزاع العسكري لتحقيق مطالبها التي عجزت المفاوضات السياسية عن تحقيقها، ذلك أن الرئيس السوري تعرض إلى موضوع الورقة التي طرحها الوفد السوري في مفاوضات جنيف الأخيرة.
الأسد يريد حسم موضوع حلب لصالح استعادتها بالكامل، ومن ثم إمكانية الشروع في تثبيت هدنة شاملة أو هدن جزئية، يتبعها الحديث عن استكمال المسار السياسي، ويريد القول للغرب إن الأخير يمكنه الرهان على النظام السوري في إمكانية اجتثاث "داعش" من جذوره.
إذن هناك استراتيجية تتبعها الحكومة السورية تتصل بتقوية وتعزيز موقعها العسكري، لضمان تثبيت مطالبها السياسية التي تنادي بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتحضر لصياغة دستور جديد والتجهيز لانتخابات برلمانية.
هذه الاستراتيجية تخالفها عقيدة المعارضة المعتدلة التي ترى في بقاء الأسد في السلطة كارثة على الدولة السورية واستمرار للنزاع، لذلك تركز المعارضة على عاملين لتعزيز موقفها في مقابل موقف النظام السوري، الأول أن المعارضة تريد من الغرب وحلفائها أن يتمسكوا بصيغة رحيل الأسد عن السلطة.
أما العامل الثاني الذي يهم المعارضة فيتصل بتقديم الدعم المادي والعسكري لها، على أن يتضمن الأخير إرسال معدات عسكرية ثقيلة تشكل تهديداً حقيقياً للنظام السوري، وبدون توفر هذين العاملين فإن المعارضة قاب قوسين أو أدنى من التراجع الوجودي على الأرض.
أما تنظيم "داعش" الإرهابي وبرغم الضربات الدولية والمحلية الموجهة ضده، إلا أنه ما يزال صامداً في سورية، وهذا يفسر حجم القوة التي يمتلكها هذا التنظيم في كل من العراق وسورية، خصوصاً وأنه لم يخسر ذلك العمق الجغرافي الاستراتيجي الحيوي في هذين البلدين، بالرغم من تقهقره وانحساره في أكثر من منطقة هناك.
وعلى كل حال لا يوجد هناك في الأفق الحالي غير مواصلة النزاع العسكري، مصحوبا ببعض الدعوات الخجولة التي تتحدث عن أهمية تثبيت هدنة في سورية، وهذا ما يفسر استعجال فرقاء النزاع واستثمارهم للوقت الآني في مساعي السيطرة الكاملة على حلب.
خلاصة القول إن حلب إذا خضعت لطرف من الأطراف المتنازعة في سورية، فهذا يعني أن العملية السياسية لن تكون كما كانت في السابق، لأنها ستخضع لتغير في موازين القوة، تشكل حلب أساس هذا التغير وجوهره في البحث عن أي مخرج للأزمة السورية.