ما أن انفض مؤتمر باريس، حتى بدأت القاهرة في استقبال وفود الفصائل الفلسطينية، تباعاً، من الجهاد للجبهتين الشعبية والديمقراطية، ومن ثم حماس، التي سيواصل وفدها، حسب ما هو معلن من أوساطها، رحلته للدوحة، قبل أن يعود للقاهرة، ربما للقاء وفد حركة فتح، للاتفاق النهائي، عند حلول منتصف شهر رمضان، أي بعد أسبوع، على إنهاء الانقسام.
البرنامج المعلن لسفر الرئيس محمود عباس، الذي يبدأ بعمان في الثامن عشر من الجاري، ومن ثم للرياض، يؤكد رغم حرص حركتي فتح وحماس على الكتمان، أن هناك حراكا جديا، هذه المرة لإنهاء الانقسام، ليس بسبب توفر مفاجئ أو حتى معلل للإرادة على إنهائه لدى كل من فتح وحماس، بل لظهور « قرار « أو اتفاق جماعي، بين دول محور الاعتدال العربي، المقررة في شؤون الشرق العربي، ونعني بها بالتحديد، المثلث السعودي / القطري / المصري، بإغلاق ملف الانقسام الفلسطيني، وذلك بهدف رص صفوف أطراف هذا المحور لمواجهة حرب إقليمية دائرة، منذ نحو خمس سنوات، تزداد حدة واشتعالا في المنطقة .
وكما كنا قد أشرنا في أكثر من مقال سابق، ورغم أننا كنا قد توقعنا حسما خلال هذا العام لبعض الملفات الإقليمية الساخنة : ملفات سورية، اليمن، ليبيا، قبل إغلاق الملف الفلسطيني، ورغم أن دخول روسيا على خط الحرب في سورية منذ تشرين الأول من العام الماضي، قد عزز من فرصة تحقيق نظام بشار الأسد للانتصار العسكري وحسم الأمور في سورية، ورغم انه بالمقابل كان لتدخل التحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية والإمارات في اليمن، دورٌ في قلب ظهر المجن للحوثي وصالح، إلا أن التقارير تشير إلى أن التحالف في اليمن قد طرد الحوثي من نحو 45 % من الأراضي التي كان احتلها، قبل تدخل التحالف، فيما تشير أيضا متابعة الأحداث في سورية إلى انه بعد التقدم الميداني الذي حققه النظام بعد التدخل الروسي، توقف عند أبواب حلب، وبذلك، فان الحسم في اليمن وسورية لأحد الطرفين، وبما يخلق حالة تعادل إقليمي بين محوري المواجهة الطائفية، تعني أن الحرب ستستمر وقتا أطول .
وحيث أن أطراف المحور الشيعي : إيران، سورية، العراق، وحزب الله متراصة ولا مشاكل بينية فيما بينها، فانه في المقابل تعاني أطراف المحور السني من وجود خلافات واختلافات فيما بينها، فإذا كان هناك تطابق بين قطر والسعودية في سورية، فان حليف السعودية في اليمن هو الإمارات، وإذا كانت تركيا متحالفة مع السعودية / قطر في الملف السوري، فان مصر متحالفة مع السعودية / الإمارات في اليمن. وفي الوقت ذاته تحتاج علاقة مصر مع كل من قطر وتركيا إلى تطبيع، فيما تحتفظ مصر بعلاقة طبيعية مع النظام السوري وحتى مع إيران!
أما «حماس» فمنذ أن غادرت دمشق ومكثت في قطر، فقد عززت من تحالفها كتنظيم إخواني مع قطر وتركيا، واحتفظت بعلاقات جيدة مع السعودية، وعلى طريق رص صفوف المحور السني العربي، كان تطبيع العلاقة بين مصر وحماس قبل ثلاثة أشهر، بهدف تحقيق مصلحة أمنية وسياسية لمصر، وسياسية / معيشية لحماس .
المهم أن ذهاب وفدي فتح وحماس للدوحة _ ربما يكون هو الرحلة الأخيرة للعاصمة القطرية، بهذا الخصوص _ حيث سيتم على الأرجح نقل ملف المصالحة لمصر راعيته الأولى طوال السنوات الماضية _ والتي توقفت برهة عن رعايته بسبب انحياز حماس لأخوان مصر، واعتبارها ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم المرشد انقلاباً.
نجاح مصر، بالدعم القطري / السعودي في إغلاق ملف الانقسام الداخلي الفلسطيني، سيشجعها على التقدم فورا باتجاه الملف الفلسطيني / الإسرائيلي لإغلاقه، بعد أن صارت مخولة بذلك دوليا بعد مؤتمر باريس وإقليميا باسم المبادرة العربية.
وستجد الأمور ممهدة في طريقها على الجانبين الفلسطيني، الذي سيكون منتشيا بفرحة إنهاء الانقسام، والإسرائيلي الذي سيواجه سياسة العصا والجزرة، العصا باحتمال أن تؤدي عودة السلطة لغزة إلى عودة المقاومة للضفة، والجزرة متمثلة بتعديل المبادرة العربية.
مع ذلك يدرك الجميع بأن إنهاء الانقسام فعليا، سيخرج إيران من غزة، لكن دون ذلك عقبة القسام، لكن يمكن معالجة الأمر، بضبط الحدود بين مصر وغزة، وبتغطية رواتب موظفي غزة، بمن فيهم عناصر الأمن، من خلال تكفل قطر والسعودية بحل المشكلة، لأنه من الضروري إدخال حماس الأخوانية / السنية للمحور السني وقطع الطريق نهائيا على احتمال عودتها للمحور الشيعي، توطئة ربما لدخول إخوان معتدلين، مصريين حتى، هذا المحور, فالمصالحة بين مصر وحماس قد تكون مدخلا لمصالحة القيادة المصرية مع إخوانها وحتى مع قطر وتركيا.
حتى انه يمكن احتواء الجهاد لاحقا، ولابد أن تتبع هذا مصالحة مصر على كل من قطر وتركيا، فيما يفتح إغلاق ملف الانقسام الفلسطيني الباب واسعا للتوصل لحل إقليمي بين العرب وإسرائيل من أجل عقد تحالف امني بينهما لمواجهة المحور الشيعي وأطماعه في نفط وغاز الخليج خاصة، وإذا كانت فتح وحماس قد توقفتا في السابق عند ملفي موظفي غزة وبرنامج الحكومة، فان الرياض والدوحة، تغطيان ملف الموظفين مقابل صمت «حماس» عن برنامج الحكومة، الذي سيكون برنامج الحل الإقليمي، برنامج المحور السني العربي، الذي سيجد بعد رص صفوفه فرصة قوية في عقد تحالف سني عربي / تركي، لا يكون فيه العرب طرفا ملحقا بتركيا، بما يجدد من أحلامها العثمانية، وكأن العرب حينها بلجوئهم لتركيا هربا من إيران، يكونون كمن يستجير من الرمضاء بالنار!
البرنامج المعلن لسفر الرئيس محمود عباس، الذي يبدأ بعمان في الثامن عشر من الجاري، ومن ثم للرياض، يؤكد رغم حرص حركتي فتح وحماس على الكتمان، أن هناك حراكا جديا، هذه المرة لإنهاء الانقسام، ليس بسبب توفر مفاجئ أو حتى معلل للإرادة على إنهائه لدى كل من فتح وحماس، بل لظهور « قرار « أو اتفاق جماعي، بين دول محور الاعتدال العربي، المقررة في شؤون الشرق العربي، ونعني بها بالتحديد، المثلث السعودي / القطري / المصري، بإغلاق ملف الانقسام الفلسطيني، وذلك بهدف رص صفوف أطراف هذا المحور لمواجهة حرب إقليمية دائرة، منذ نحو خمس سنوات، تزداد حدة واشتعالا في المنطقة .
وكما كنا قد أشرنا في أكثر من مقال سابق، ورغم أننا كنا قد توقعنا حسما خلال هذا العام لبعض الملفات الإقليمية الساخنة : ملفات سورية، اليمن، ليبيا، قبل إغلاق الملف الفلسطيني، ورغم أن دخول روسيا على خط الحرب في سورية منذ تشرين الأول من العام الماضي، قد عزز من فرصة تحقيق نظام بشار الأسد للانتصار العسكري وحسم الأمور في سورية، ورغم انه بالمقابل كان لتدخل التحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية والإمارات في اليمن، دورٌ في قلب ظهر المجن للحوثي وصالح، إلا أن التقارير تشير إلى أن التحالف في اليمن قد طرد الحوثي من نحو 45 % من الأراضي التي كان احتلها، قبل تدخل التحالف، فيما تشير أيضا متابعة الأحداث في سورية إلى انه بعد التقدم الميداني الذي حققه النظام بعد التدخل الروسي، توقف عند أبواب حلب، وبذلك، فان الحسم في اليمن وسورية لأحد الطرفين، وبما يخلق حالة تعادل إقليمي بين محوري المواجهة الطائفية، تعني أن الحرب ستستمر وقتا أطول .
وحيث أن أطراف المحور الشيعي : إيران، سورية، العراق، وحزب الله متراصة ولا مشاكل بينية فيما بينها، فانه في المقابل تعاني أطراف المحور السني من وجود خلافات واختلافات فيما بينها، فإذا كان هناك تطابق بين قطر والسعودية في سورية، فان حليف السعودية في اليمن هو الإمارات، وإذا كانت تركيا متحالفة مع السعودية / قطر في الملف السوري، فان مصر متحالفة مع السعودية / الإمارات في اليمن. وفي الوقت ذاته تحتاج علاقة مصر مع كل من قطر وتركيا إلى تطبيع، فيما تحتفظ مصر بعلاقة طبيعية مع النظام السوري وحتى مع إيران!
أما «حماس» فمنذ أن غادرت دمشق ومكثت في قطر، فقد عززت من تحالفها كتنظيم إخواني مع قطر وتركيا، واحتفظت بعلاقات جيدة مع السعودية، وعلى طريق رص صفوف المحور السني العربي، كان تطبيع العلاقة بين مصر وحماس قبل ثلاثة أشهر، بهدف تحقيق مصلحة أمنية وسياسية لمصر، وسياسية / معيشية لحماس .
المهم أن ذهاب وفدي فتح وحماس للدوحة _ ربما يكون هو الرحلة الأخيرة للعاصمة القطرية، بهذا الخصوص _ حيث سيتم على الأرجح نقل ملف المصالحة لمصر راعيته الأولى طوال السنوات الماضية _ والتي توقفت برهة عن رعايته بسبب انحياز حماس لأخوان مصر، واعتبارها ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم المرشد انقلاباً.
نجاح مصر، بالدعم القطري / السعودي في إغلاق ملف الانقسام الداخلي الفلسطيني، سيشجعها على التقدم فورا باتجاه الملف الفلسطيني / الإسرائيلي لإغلاقه، بعد أن صارت مخولة بذلك دوليا بعد مؤتمر باريس وإقليميا باسم المبادرة العربية.
وستجد الأمور ممهدة في طريقها على الجانبين الفلسطيني، الذي سيكون منتشيا بفرحة إنهاء الانقسام، والإسرائيلي الذي سيواجه سياسة العصا والجزرة، العصا باحتمال أن تؤدي عودة السلطة لغزة إلى عودة المقاومة للضفة، والجزرة متمثلة بتعديل المبادرة العربية.
مع ذلك يدرك الجميع بأن إنهاء الانقسام فعليا، سيخرج إيران من غزة، لكن دون ذلك عقبة القسام، لكن يمكن معالجة الأمر، بضبط الحدود بين مصر وغزة، وبتغطية رواتب موظفي غزة، بمن فيهم عناصر الأمن، من خلال تكفل قطر والسعودية بحل المشكلة، لأنه من الضروري إدخال حماس الأخوانية / السنية للمحور السني وقطع الطريق نهائيا على احتمال عودتها للمحور الشيعي، توطئة ربما لدخول إخوان معتدلين، مصريين حتى، هذا المحور, فالمصالحة بين مصر وحماس قد تكون مدخلا لمصالحة القيادة المصرية مع إخوانها وحتى مع قطر وتركيا.
حتى انه يمكن احتواء الجهاد لاحقا، ولابد أن تتبع هذا مصالحة مصر على كل من قطر وتركيا، فيما يفتح إغلاق ملف الانقسام الفلسطيني الباب واسعا للتوصل لحل إقليمي بين العرب وإسرائيل من أجل عقد تحالف امني بينهما لمواجهة المحور الشيعي وأطماعه في نفط وغاز الخليج خاصة، وإذا كانت فتح وحماس قد توقفتا في السابق عند ملفي موظفي غزة وبرنامج الحكومة، فان الرياض والدوحة، تغطيان ملف الموظفين مقابل صمت «حماس» عن برنامج الحكومة، الذي سيكون برنامج الحل الإقليمي، برنامج المحور السني العربي، الذي سيجد بعد رص صفوفه فرصة قوية في عقد تحالف سني عربي / تركي، لا يكون فيه العرب طرفا ملحقا بتركيا، بما يجدد من أحلامها العثمانية، وكأن العرب حينها بلجوئهم لتركيا هربا من إيران، يكونون كمن يستجير من الرمضاء بالنار!