سيطرت على البلاد، ظهر الخميس الماضي، مشاعر انتظار متوترة. وكان بالوسع الإحساس بذلك جيدا في مجمع شارونا، مقابل "الكريا" في تل ابيب، حيث اجتمع مئات من السكان، بعضهم جاءوا لاحتساء القهوة وشراء حاجيات، وآخرون جاءوا من جميع أرجاء البلاد للإعراب عن دعمهم وتماثلهم – في وقت جرى فيه في الطرف الثاني من الشارع، في "اكريا"، اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر.
ومواقع البث التي أقامتها عدة محطات إعلامية قرب مطعم ميكس برنر حيث وقعت العملية الفظيعة ليلة الأربعاء، كانت محاطة بالكثير من الفضوليين الذين احتشدوا للاستماع ولإسماع احتجاجهم. كانت هناك سجالات، صراخ واتهامات معتادة بين اليمين واليسار، ولكن كان السؤال الذي حام في الأجواء ولا أحد حقا استطاع الرد عليه: هل عندما تنتهي جلسة المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، سنسمع شيئا جديدا؟ وهل ستخرج أية بشارة جوهرية من هذه الحكومة، بعد عملية نشأت شقفا جديدا للعنف ايضا داخل فترة تميزت بتواصل "إرهابي" منذ تشرين الأول الفائت؟
وحتى موعد كتابة هذه السطور بعد 24 ساعة من انتهاء اجتماع الكابينت ذاك، يبدو أن الجواب هو لا. فحكومة أعضاؤها هنا في إسرائيل، ومنتقدوها الأشداء وراء البحار، يحبون أن يعرضوها على أنها «الحكومة الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل»، تبدو منذ زمن طويل كحكومة عاجزة وفاقدة للحكمة في كل ما يتعلق بالنزاع مع الفلسطينيين. وانضمام أفيغدور ليبرمان للحكومة، على حساب موشي يعلون، لم يغير من هذه المعادلة.
وقبل يوم من العملية الفظيعة، وقت ابتداء شهر رمضان، صادق ليبرمان على توصيات المؤسسة الأمنية بمنح سلسلة من التسهيلات للسكان الفلسطينيين في "المناطق"، كما كان يجري في السنوات السابقة. فمنذ عدة سنوات تحولت فترة رمضان إلى فترة «تنفيس الضغوط» في الجانب الفلسطيني، لدرجة منح تصاريح لمئات آلاف من أبنائهم للوصول لزيارة شاطئ البحر في تل أبيب. وكانت الفرضية هي أن هذه السياسة جيدة للأمن، والنتيجة على الأرض ـ هدوء أمني من جانب الفلسطينيين حتى في أيام رمضان الحساسة، فيما العالم العربي يشتعل من حولنا - أثبتت نفسها.
وليبرمان، وهو أحد وزراء الدفاع الأقل خبرة بين من سبق لهم أن خدموا في المنصب، أطلق عند توليه الوزارة وعدا بأن يكرس معظم وقته للدراسة الهادئة والمعمقة للواقع. كما أنه أفهم كبار قادة المؤسسة الأمنية أنه خلافا لتصريحاته الحماسية التي كان يطلقها وهو في المعارضة، فإنه كوزير للدفاع ينوي أن يأخذ بالحسبان مواقفهم وتقديراتهم المهنية. وقراره بالمصادقة على التسهيلات في فترة رمضان كانت إشارة أولية على ذلك.
ولكن حينها جاءت العملية الفظيعة في تل أبيب، ووضعت الحكومة بأسرها وليبرمان داخلها، أمام وضع محرج. فماذا تفعل «الحكومة الأشد يمينية» حينما تقع عملية قاسية، تحديدا بعد فترة من عدة أسابيع هادئة، تبين خلالها أن التوصيات «التصالحية» من جانب المؤسسة الأمنية تثبت نفسه؟ هل يرون في هذه العملية، مهما كانت قسوتها، خللا لمرة واحدة، لا ينبغي أن يقود إلى تغيير في السياسة التي نجحت منذ شهر نيسان الفائت في إعادة الهدوء؟ أم التعامل مع العملية على أنها نقطة تحول، ينبغي في أعقابها إبطال كل السياسات السابقة، والخروج إلى طريق جديدة؟
وزراء الحكومة، بمن فيهم أعضاء في الكابينت، تعذر عليهم الحسم في هذه المسألة. خذوا مثلا نفتالي بينت، وزير التعليم. في الماضي فاجأ الجميع عندما قال أنه يؤيد توصيات رئيس الأركان وكبار قادة الجيش بزيادة كمية أذونات عمل الفلسطينيين في إسرائيل، من منطلق الفهم بأن الفلسطيني مع عمل ورزق، يغدو مرشحا أكثر صعوبة لأن يتجند في أي من منظمات التخريب في المناطق. ولكن أمس، حينما كان رد الفعل الأولي على العملية هو تجميد 83 ألف إذن دخول للفلسطينيين إلى إسرائيل، لم يسمع صوته في الموضوع.
ويأتي مثال آخر من وزير المواصلات والاستخبارات إسرائيل كاتس، الذي قال في مقابلات إذاعية بأنه يؤيد سياسة المؤسسة الأمنية في التمييز بين المخربين وبين عموم السكان الفلسطينيين، لكنه في الحالة المحددة مع بلدة يطا، التي خرج منها "المخربان" اللذان نفذا العملية في تل أبيب، ينبغي استخدام خط مختلف، عقاب جماعي تجاه سكان البلدة. وماذا سيحدث في العملية المقبلة؟
ولكن لا ينبغي توجيه الاتهامات لأعضاء الكابينت، عندما لا يكون حتى لرئيس الحكومة نفسه سياسة واضحة. لقد زار نتنياهو مرتين موقع العملية في شارونا ووعد بالرد وانتهاج سياسة اليد الحديدية، ولكن عندما نختبر القرارات التي خرجت حتى الآن عن الكابينت برئاسته فإن الشعور هو زيارة لسلة الصحف المعاد انتاجها. مرة أخرى تجميد تصاريح الدخول والعمل، وهي ستعاد لاحقا بعد فترة هدوء قصيرة؟ ومرة أخرى مداولات طويلة حول إبعاد عائلات مخربين، وهي خطوة مرفوضة قضائيا كما أن تنفيذها سيقود إسرائيل إلى ضائقة دولية؟ ومرة أخرى مطالبة بتسريع إجراءات هدم بيوت المخربين ـ رغم أن ديوان رئاسة الحكومة سبق وأعلن بشكل احتفالي بعد العمليات السابقة، أنه تقرر تسريع الإجراءات في الموضوع.
لقد تحدث الكثير من الساسة. ليس فقط من داخل الحكومة. بل أعضاء كنيست من المعارضة سارعوا بالوصول إلى مسرح العملية في شارونا من أجل أن تلتقط لهم صور وأن يقولوا بضع كلمات تشجيع للأمة. ولكن الحقيقة هي أنه من كل هذه الأقوال التي سمعناها، أهم ما قيل لم يأت على لسان وزير كبير أو عضو كنيست معروف، وإنما من ترأس المجلس الإقليمي في منطقة الجنوب: سيغال موران، رئيسة المجلس الإقليمي بني شمعون، والمجاورة لجنوب جبل الخليل، من حيث جاء المخربان اللذان نفذا العملية.
موران قالت في مقابلة مع «والا نيوز» إنها منذ شهور تحذر أمام السلطات في الدولة من الثمن الذي تدفعه إسرائيل جراء إصرارها غير الواضح على إبقاء فجوات واسعة في الجدار الفاصل، المفترض أن تفصل بين إسرائيل وبين "المناطق". وكمن ترأس مجلسا يقع كله داخل إسرائيل ويحد "المناطق"، فإن موران تحدثت عن حركة المقيمين غير الشرعيين في المنطقة، وعن المخاطر الأمنية المصاحبة لذلك. والمعطيات بهذا الشأن قاطعة: أغلبية ساحقة من العمليات التي وقعت داخل إسرائيل في الشهور الأخيرة، نفذها مقيمون غير شرعيين، فيما أن كمية العمليات التي نفذها فلسطينيون يحملون أذونات عمل يمكن عدها على أصابع يد واحدة.
وقالت موران إنها تلقت اتصالا هاتفيا من مكتب وزير الدفاع ليبرمان، قيل فيه أن إكمال بناء الجدار الفاصل في منطقة المجلس الإقليمي الذي ترأسه، سيتم تنفيذه خلال شهر. كما أن البلاغ الذي نشر في أعقاب جلسة الكابينت جاء فيه أن أعمال إكمال بناء المقاطع الناقصة في الجدار الفاصل حظيت بالميزانية اللازمة وسيبدأ التنفيذ في 28 حزيران الجاري. وبداهة أن ما لا يجيب عن السؤال الصعب: لماذا انتظروا حتى الآن، ولم يغلقوا هذه الفجوات في الجدار، المفترض أن يفصل بين إسرائيل وبين المناطق، منذ زمن طويل؟
وقد أثارت عضو الكنيست ستاف شافير (من المعسكر الصهيوني) عاصفة عندما كتبت أن سبب ذلك هو معارضة مجلس المستوطنات ورؤساء المستوطنين، الذين يخشون من أن إكمال الجدار سيجعل منه عمليا خط الحدود المستقبلي بين إسرائيل وبين "المناطق"، حيث إن كل ما سيكون شرقي الجدار لن يصير جزءا من الدولة. وحتى إذا وجدت ضغوط كهذه، فإن المسؤولية في نهاية المطاف ملقاة على رئيس الحكومة. فهو الذي ينبغي أن يقرر أين ستعبر في المستقبل حدود إسرائيل، وماذا ينبغي فعله حتى ذلك الوقت من أجل توفير الأمن.
وهذه القصة تذكير لواقع أنه لا توجد لدى دولة إسرائيل استراتيجية. فالمجلس الوزاري المصغر يكرر المداولات حول مواضيع تكتيكية ـ هل ينبغي أم لا ينبغي طرد هذه العائلة أو سواها، وهل ينبغي أم لا هدم بيت خلال أسبوعين أم يومين، ومتى ينبغي إبطال أذونات العمل ومتى يجب إعادتها ـ ولكن لا أحد يعرف ما هي بالضبط السياسة طويلة الأجل لهذه الحكومة في الشأن الفلسطيني. لهذا السؤال لم يتوفر جواب قبل العملية يوم الأربعاء، ويبدو أنه ليس متوفرا بعد.
ومواقع البث التي أقامتها عدة محطات إعلامية قرب مطعم ميكس برنر حيث وقعت العملية الفظيعة ليلة الأربعاء، كانت محاطة بالكثير من الفضوليين الذين احتشدوا للاستماع ولإسماع احتجاجهم. كانت هناك سجالات، صراخ واتهامات معتادة بين اليمين واليسار، ولكن كان السؤال الذي حام في الأجواء ولا أحد حقا استطاع الرد عليه: هل عندما تنتهي جلسة المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، سنسمع شيئا جديدا؟ وهل ستخرج أية بشارة جوهرية من هذه الحكومة، بعد عملية نشأت شقفا جديدا للعنف ايضا داخل فترة تميزت بتواصل "إرهابي" منذ تشرين الأول الفائت؟
وحتى موعد كتابة هذه السطور بعد 24 ساعة من انتهاء اجتماع الكابينت ذاك، يبدو أن الجواب هو لا. فحكومة أعضاؤها هنا في إسرائيل، ومنتقدوها الأشداء وراء البحار، يحبون أن يعرضوها على أنها «الحكومة الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل»، تبدو منذ زمن طويل كحكومة عاجزة وفاقدة للحكمة في كل ما يتعلق بالنزاع مع الفلسطينيين. وانضمام أفيغدور ليبرمان للحكومة، على حساب موشي يعلون، لم يغير من هذه المعادلة.
وقبل يوم من العملية الفظيعة، وقت ابتداء شهر رمضان، صادق ليبرمان على توصيات المؤسسة الأمنية بمنح سلسلة من التسهيلات للسكان الفلسطينيين في "المناطق"، كما كان يجري في السنوات السابقة. فمنذ عدة سنوات تحولت فترة رمضان إلى فترة «تنفيس الضغوط» في الجانب الفلسطيني، لدرجة منح تصاريح لمئات آلاف من أبنائهم للوصول لزيارة شاطئ البحر في تل أبيب. وكانت الفرضية هي أن هذه السياسة جيدة للأمن، والنتيجة على الأرض ـ هدوء أمني من جانب الفلسطينيين حتى في أيام رمضان الحساسة، فيما العالم العربي يشتعل من حولنا - أثبتت نفسها.
وليبرمان، وهو أحد وزراء الدفاع الأقل خبرة بين من سبق لهم أن خدموا في المنصب، أطلق عند توليه الوزارة وعدا بأن يكرس معظم وقته للدراسة الهادئة والمعمقة للواقع. كما أنه أفهم كبار قادة المؤسسة الأمنية أنه خلافا لتصريحاته الحماسية التي كان يطلقها وهو في المعارضة، فإنه كوزير للدفاع ينوي أن يأخذ بالحسبان مواقفهم وتقديراتهم المهنية. وقراره بالمصادقة على التسهيلات في فترة رمضان كانت إشارة أولية على ذلك.
ولكن حينها جاءت العملية الفظيعة في تل أبيب، ووضعت الحكومة بأسرها وليبرمان داخلها، أمام وضع محرج. فماذا تفعل «الحكومة الأشد يمينية» حينما تقع عملية قاسية، تحديدا بعد فترة من عدة أسابيع هادئة، تبين خلالها أن التوصيات «التصالحية» من جانب المؤسسة الأمنية تثبت نفسه؟ هل يرون في هذه العملية، مهما كانت قسوتها، خللا لمرة واحدة، لا ينبغي أن يقود إلى تغيير في السياسة التي نجحت منذ شهر نيسان الفائت في إعادة الهدوء؟ أم التعامل مع العملية على أنها نقطة تحول، ينبغي في أعقابها إبطال كل السياسات السابقة، والخروج إلى طريق جديدة؟
وزراء الحكومة، بمن فيهم أعضاء في الكابينت، تعذر عليهم الحسم في هذه المسألة. خذوا مثلا نفتالي بينت، وزير التعليم. في الماضي فاجأ الجميع عندما قال أنه يؤيد توصيات رئيس الأركان وكبار قادة الجيش بزيادة كمية أذونات عمل الفلسطينيين في إسرائيل، من منطلق الفهم بأن الفلسطيني مع عمل ورزق، يغدو مرشحا أكثر صعوبة لأن يتجند في أي من منظمات التخريب في المناطق. ولكن أمس، حينما كان رد الفعل الأولي على العملية هو تجميد 83 ألف إذن دخول للفلسطينيين إلى إسرائيل، لم يسمع صوته في الموضوع.
ويأتي مثال آخر من وزير المواصلات والاستخبارات إسرائيل كاتس، الذي قال في مقابلات إذاعية بأنه يؤيد سياسة المؤسسة الأمنية في التمييز بين المخربين وبين عموم السكان الفلسطينيين، لكنه في الحالة المحددة مع بلدة يطا، التي خرج منها "المخربان" اللذان نفذا العملية في تل أبيب، ينبغي استخدام خط مختلف، عقاب جماعي تجاه سكان البلدة. وماذا سيحدث في العملية المقبلة؟
ولكن لا ينبغي توجيه الاتهامات لأعضاء الكابينت، عندما لا يكون حتى لرئيس الحكومة نفسه سياسة واضحة. لقد زار نتنياهو مرتين موقع العملية في شارونا ووعد بالرد وانتهاج سياسة اليد الحديدية، ولكن عندما نختبر القرارات التي خرجت حتى الآن عن الكابينت برئاسته فإن الشعور هو زيارة لسلة الصحف المعاد انتاجها. مرة أخرى تجميد تصاريح الدخول والعمل، وهي ستعاد لاحقا بعد فترة هدوء قصيرة؟ ومرة أخرى مداولات طويلة حول إبعاد عائلات مخربين، وهي خطوة مرفوضة قضائيا كما أن تنفيذها سيقود إسرائيل إلى ضائقة دولية؟ ومرة أخرى مطالبة بتسريع إجراءات هدم بيوت المخربين ـ رغم أن ديوان رئاسة الحكومة سبق وأعلن بشكل احتفالي بعد العمليات السابقة، أنه تقرر تسريع الإجراءات في الموضوع.
لقد تحدث الكثير من الساسة. ليس فقط من داخل الحكومة. بل أعضاء كنيست من المعارضة سارعوا بالوصول إلى مسرح العملية في شارونا من أجل أن تلتقط لهم صور وأن يقولوا بضع كلمات تشجيع للأمة. ولكن الحقيقة هي أنه من كل هذه الأقوال التي سمعناها، أهم ما قيل لم يأت على لسان وزير كبير أو عضو كنيست معروف، وإنما من ترأس المجلس الإقليمي في منطقة الجنوب: سيغال موران، رئيسة المجلس الإقليمي بني شمعون، والمجاورة لجنوب جبل الخليل، من حيث جاء المخربان اللذان نفذا العملية.
موران قالت في مقابلة مع «والا نيوز» إنها منذ شهور تحذر أمام السلطات في الدولة من الثمن الذي تدفعه إسرائيل جراء إصرارها غير الواضح على إبقاء فجوات واسعة في الجدار الفاصل، المفترض أن تفصل بين إسرائيل وبين "المناطق". وكمن ترأس مجلسا يقع كله داخل إسرائيل ويحد "المناطق"، فإن موران تحدثت عن حركة المقيمين غير الشرعيين في المنطقة، وعن المخاطر الأمنية المصاحبة لذلك. والمعطيات بهذا الشأن قاطعة: أغلبية ساحقة من العمليات التي وقعت داخل إسرائيل في الشهور الأخيرة، نفذها مقيمون غير شرعيين، فيما أن كمية العمليات التي نفذها فلسطينيون يحملون أذونات عمل يمكن عدها على أصابع يد واحدة.
وقالت موران إنها تلقت اتصالا هاتفيا من مكتب وزير الدفاع ليبرمان، قيل فيه أن إكمال بناء الجدار الفاصل في منطقة المجلس الإقليمي الذي ترأسه، سيتم تنفيذه خلال شهر. كما أن البلاغ الذي نشر في أعقاب جلسة الكابينت جاء فيه أن أعمال إكمال بناء المقاطع الناقصة في الجدار الفاصل حظيت بالميزانية اللازمة وسيبدأ التنفيذ في 28 حزيران الجاري. وبداهة أن ما لا يجيب عن السؤال الصعب: لماذا انتظروا حتى الآن، ولم يغلقوا هذه الفجوات في الجدار، المفترض أن يفصل بين إسرائيل وبين المناطق، منذ زمن طويل؟
وقد أثارت عضو الكنيست ستاف شافير (من المعسكر الصهيوني) عاصفة عندما كتبت أن سبب ذلك هو معارضة مجلس المستوطنات ورؤساء المستوطنين، الذين يخشون من أن إكمال الجدار سيجعل منه عمليا خط الحدود المستقبلي بين إسرائيل وبين "المناطق"، حيث إن كل ما سيكون شرقي الجدار لن يصير جزءا من الدولة. وحتى إذا وجدت ضغوط كهذه، فإن المسؤولية في نهاية المطاف ملقاة على رئيس الحكومة. فهو الذي ينبغي أن يقرر أين ستعبر في المستقبل حدود إسرائيل، وماذا ينبغي فعله حتى ذلك الوقت من أجل توفير الأمن.
وهذه القصة تذكير لواقع أنه لا توجد لدى دولة إسرائيل استراتيجية. فالمجلس الوزاري المصغر يكرر المداولات حول مواضيع تكتيكية ـ هل ينبغي أم لا ينبغي طرد هذه العائلة أو سواها، وهل ينبغي أم لا هدم بيت خلال أسبوعين أم يومين، ومتى ينبغي إبطال أذونات العمل ومتى يجب إعادتها ـ ولكن لا أحد يعرف ما هي بالضبط السياسة طويلة الأجل لهذه الحكومة في الشأن الفلسطيني. لهذا السؤال لم يتوفر جواب قبل العملية يوم الأربعاء، ويبدو أنه ليس متوفرا بعد.