بعد مرور عشرة أعوام على حرب لبنان الثانية (حرب تموز 2006)، نحن في الأساس نشعر بالهدوء على الحدود الشمالية. ويعتبر هذا الهدوء في نظر الكثيرين من الجمهور ومن متخذي القرارات إنجازاً وانتصاراً في الحرب، لكنه قد يكون مضللاً، بل ربما فعل ذلك.
في الحقيقة، منذ عشر سنوات لم يطلق «حزب الله» صواريخ على إسرائيل ولم يبادر إلى شن هجمات كبيرة ضد المدنيين أو ضد الجيش الإسرائيلي في الشمال. علاوة على ذلك، إذا كان مقاتلو الحزب قد تمركزوا في الماضي على الخط الأزرق ووقفوا باستفزاز في مواجهة مواقع للجيش الإسرائيلي وللجنود الذين يقومون بالدوريات على الخط (الأرزق)، فإنهم الآن ليسوا هناك. وقد تطورت الحياة كثيراً في شمال البلد وعادت إلى طبيعتها. لكن من الضروري ألا نخطئ في فهم الردع الذي حققته إسرائيل على الحدود الشمالية، لأن «حزب الله» يردعنا تماماً مثلما نحن نردعه.
صحيح أنه لا مجال للمقارنة بين الجيش الإسرائيلي بمقاتليه والتكنولوجيا التي لديه وموارده المختلفة وبين جيش نصر الله الإرهابي. لكن علينا الاعتراف بالحقيقة: نحن نفضل الوضع القائم المتوتر والهدوء الهش وتوازن الردع القائم بيننا وبين «حزب الله»، على خيار القيام بعملية عسكرية. وفي هذا السياق يمكن أن نشير إلى أحد الأمثلة: في 28 كانون الثاني 2015، وبعد مرور عشرة أيام على اغتيال ستة من مقاتلي «حزب الله» بينهم عماد مغنية والجنرال الإيراني الذي كان في رفقتهم، رد «حزب الله» بإطلاق صواريخ على الشمال وبصواريخ مضادة للمدرعات أطلقها على مركبتين عسكريتين إسرائيليتين. قتل في الحادثة جنديان إسرائيليان، لكن الجيش استوعبها.
ظاهرة الاستيعاب التي تبناها المستويان السياسي والعسكري منذ الانسحاب من لبنان في أيار 2000، هي التي أتاحت لـ»حزب الله» تطوير توازن للردع في مواجهة إسرائيل. عملية الانسحاب التي جرت بنجاح كبير ومن دون وقوع اصابات بين قواتنا، اعتبرت (خطأ) فراراً. انهيار جيش لبنان الجنوبي والخروج السريع من المواقع (العسكرية) منحا «حزب الله» صورة الانتصار. ولكن عملياً، الانسحاب هو الذي أدى إلى حرب لبنان الثانية. لماذا؟ لأنه كانت هناك عدة فرص أمام إسرائيل كي تفرض قواعد لعبة مختلفة في مواجهة التنظيم الارهابي اللبناني، أو، بحسب ما قاله حينها متخذو القرارات في إسرائيل، «أن تزلزل الأرض في لبنان». لكن حتى بعد خطف الجنود الثلاثة في تشرين الأول 2000، وأيضاً بعد خطف ألحنان تننباوم، وبعد الهجوم الإرهابي الذي نفذه «حزب الله» وأدى إلى مقتل خمسة مواطنين وجندي بالقرب من كيبوتس متسوفا في آذار 2002، امتنعت إسرائيل عن الرد. واعتبر «حزب الله» الامتناع عن الرد ضعفاً.
علاوة على ذلك، فإن الخطاب في الجانب الإسرائيلي عن أهمية الاحتواء، وأهمية الحاجة إلى رد مسؤول ومضبوط، وعن ضرورة عدم التضحية هباء بدماء أبنائنا في الوحل اللبناني، ولّد لدى «حزب الله» الاعتقاد بأن إسرائيل تفضل ضبط النفس رداً على عمليات صغيرة واستفزازية يقوم بها. صحيح أن زعيم «حزب الله» قام بعملية واحدة مبالغ فيها، انظروا إلى أهمية حادثة الخطف في تموز 2006. إن إدارة الحرب تثبت إلى أي حد كان نصر الله محقاً في تقديراته.
إن حقيقة أن المستوى السياسي لم يعرف كيف يحدد بدقة للجيش ما يتعين عليه إنجازه في عملية عسكرية؛ وأن الجيش اعتبر حادثة الخطف يوم قتال أو حدثاً قابلاً للتطور؛ وأن المستوى السياسي والمستوى العسكري فضلا التحرك جواً وامتنعا عن القيام بعمليات برية كبيرة خلال معظم مراحل الحرب؛ هي بمثابة أدلة كافية على ما ندّعيه. لكن قبل كل شيء يتبين أن حرب لبنان الثانية بدأت وانتهت كعملية عسكرية. من اعتبرها حرباً هم الناس الذين يسكنون في الشمال، وبتأثير من الضغط الشعبي قبلت القيادة في نهاية الأمر بذلك.
بعد مرور عشر سنوات على هذه الحرب، لا تزال الاعتبارات التي ذكرناها مطروحة على الطاولة. يتعين علينا استخلاص الدروس، وألا نخوض في المواجهة المقبلة حرب الأمس، بل أن نتلاءم مع مقتضيات حرب اليوم. إن وضع أهداف واضحة، وخطة سياسية منظمة، والنفس الطويل، وتغيير النظرة إلى العدو، هي الصيغة التي تؤدي إلى النجاح.
في الحقيقة، منذ عشر سنوات لم يطلق «حزب الله» صواريخ على إسرائيل ولم يبادر إلى شن هجمات كبيرة ضد المدنيين أو ضد الجيش الإسرائيلي في الشمال. علاوة على ذلك، إذا كان مقاتلو الحزب قد تمركزوا في الماضي على الخط الأزرق ووقفوا باستفزاز في مواجهة مواقع للجيش الإسرائيلي وللجنود الذين يقومون بالدوريات على الخط (الأرزق)، فإنهم الآن ليسوا هناك. وقد تطورت الحياة كثيراً في شمال البلد وعادت إلى طبيعتها. لكن من الضروري ألا نخطئ في فهم الردع الذي حققته إسرائيل على الحدود الشمالية، لأن «حزب الله» يردعنا تماماً مثلما نحن نردعه.
صحيح أنه لا مجال للمقارنة بين الجيش الإسرائيلي بمقاتليه والتكنولوجيا التي لديه وموارده المختلفة وبين جيش نصر الله الإرهابي. لكن علينا الاعتراف بالحقيقة: نحن نفضل الوضع القائم المتوتر والهدوء الهش وتوازن الردع القائم بيننا وبين «حزب الله»، على خيار القيام بعملية عسكرية. وفي هذا السياق يمكن أن نشير إلى أحد الأمثلة: في 28 كانون الثاني 2015، وبعد مرور عشرة أيام على اغتيال ستة من مقاتلي «حزب الله» بينهم عماد مغنية والجنرال الإيراني الذي كان في رفقتهم، رد «حزب الله» بإطلاق صواريخ على الشمال وبصواريخ مضادة للمدرعات أطلقها على مركبتين عسكريتين إسرائيليتين. قتل في الحادثة جنديان إسرائيليان، لكن الجيش استوعبها.
ظاهرة الاستيعاب التي تبناها المستويان السياسي والعسكري منذ الانسحاب من لبنان في أيار 2000، هي التي أتاحت لـ»حزب الله» تطوير توازن للردع في مواجهة إسرائيل. عملية الانسحاب التي جرت بنجاح كبير ومن دون وقوع اصابات بين قواتنا، اعتبرت (خطأ) فراراً. انهيار جيش لبنان الجنوبي والخروج السريع من المواقع (العسكرية) منحا «حزب الله» صورة الانتصار. ولكن عملياً، الانسحاب هو الذي أدى إلى حرب لبنان الثانية. لماذا؟ لأنه كانت هناك عدة فرص أمام إسرائيل كي تفرض قواعد لعبة مختلفة في مواجهة التنظيم الارهابي اللبناني، أو، بحسب ما قاله حينها متخذو القرارات في إسرائيل، «أن تزلزل الأرض في لبنان». لكن حتى بعد خطف الجنود الثلاثة في تشرين الأول 2000، وأيضاً بعد خطف ألحنان تننباوم، وبعد الهجوم الإرهابي الذي نفذه «حزب الله» وأدى إلى مقتل خمسة مواطنين وجندي بالقرب من كيبوتس متسوفا في آذار 2002، امتنعت إسرائيل عن الرد. واعتبر «حزب الله» الامتناع عن الرد ضعفاً.
علاوة على ذلك، فإن الخطاب في الجانب الإسرائيلي عن أهمية الاحتواء، وأهمية الحاجة إلى رد مسؤول ومضبوط، وعن ضرورة عدم التضحية هباء بدماء أبنائنا في الوحل اللبناني، ولّد لدى «حزب الله» الاعتقاد بأن إسرائيل تفضل ضبط النفس رداً على عمليات صغيرة واستفزازية يقوم بها. صحيح أن زعيم «حزب الله» قام بعملية واحدة مبالغ فيها، انظروا إلى أهمية حادثة الخطف في تموز 2006. إن إدارة الحرب تثبت إلى أي حد كان نصر الله محقاً في تقديراته.
إن حقيقة أن المستوى السياسي لم يعرف كيف يحدد بدقة للجيش ما يتعين عليه إنجازه في عملية عسكرية؛ وأن الجيش اعتبر حادثة الخطف يوم قتال أو حدثاً قابلاً للتطور؛ وأن المستوى السياسي والمستوى العسكري فضلا التحرك جواً وامتنعا عن القيام بعمليات برية كبيرة خلال معظم مراحل الحرب؛ هي بمثابة أدلة كافية على ما ندّعيه. لكن قبل كل شيء يتبين أن حرب لبنان الثانية بدأت وانتهت كعملية عسكرية. من اعتبرها حرباً هم الناس الذين يسكنون في الشمال، وبتأثير من الضغط الشعبي قبلت القيادة في نهاية الأمر بذلك.
بعد مرور عشر سنوات على هذه الحرب، لا تزال الاعتبارات التي ذكرناها مطروحة على الطاولة. يتعين علينا استخلاص الدروس، وألا نخوض في المواجهة المقبلة حرب الأمس، بل أن نتلاءم مع مقتضيات حرب اليوم. إن وضع أهداف واضحة، وخطة سياسية منظمة، والنفس الطويل، وتغيير النظرة إلى العدو، هي الصيغة التي تؤدي إلى النجاح.