ينتمي رئيس الكنيست، يولي ادلشتاين، الى اليمين الايديولوجي في «الليكود»، وهو جزء من مجموعة اعضاء الكنيست التي اختارت البقاء في «الليكود» عندما تم إنشاء حزب كديما ولم تترك مع ارئيل شارون. هم الذين تمت تسميتهم «المتمردين». وأثبت ادلشتاين التزامه وولاءه لقيم اليمين على مدى السنين، وأعرب عن تأييد مشروع الاستيطان، واقامة النصب التذكاري في الكنيست لاخلاء (أو طرد) سكان غوش قطيف، وايضا، عندما جاء إلى البلاد اختار العيش في مستوطنة الون شفوت، وبعد ذلك في مستوطنة نفيه دانيال.
تزوج رئيس الكنيست، هذا الاسبوع، وقرر نقل منزله من نفيه دانيال في غوش عصيون الى هرتسليا. هذا قرار شخصي، لكنه ينطوي على أكثر من مغزى عند الحديث عن شخصية عامة.
الكثيرون من اعضاء الكنيست قرروا على مدى السنين تغيير اماكن سكنهم كنوع من التعبير عن القيم: دافيد بن غوريون انتقل الى كيبوتس سديه بوكر في النقب، يوسي سريد اختار السكن في كريات شمونه التي تُقصف، ميخائيل ايتان عاش بضع سنوات في سدروت، حيث كانت المدينة تتعرض للقصف من قطاع غزة، ومن الكنيست الحالية اختار ايتسيك شمولي السكن في اللد للتعبير عن التزامه بالمدينة الفقيرة وسكانها.
فهم أعضاء الكنيست هؤلاء أن مكان السكن له أهمية قيمية واخلاقية، وكذلك انتقال ادلشتاين من نفيه دانيال الى هرتسليا هو بمثابة اعلان أن المثاليين من بين المستوطنين في «يهودا» و»السامرة» يغادرون منازلهم في الظروف الصحيحة ومقابل الثمن الصحيح.
إن عمله يدعم الادعاء الذي يُسمع بين فينة واخرى بأن اخلاء المستوطنين من اجل اقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب اسرائيل شيء ممكن.
زعم شاؤول اريئيلي أن مشروع الاستيطان فشل لأنه لم ينجح في النمو بالشكل الذي يمنع الاخلاء، لذا فمن السهل التشكيك باستنتاج نشيط السلام، رغم أن الحديث يدور عن شخص يعرف خارطة «يهودا» و»السامرة» بشكل أكثر عمقا.
يمكن الادعاء مثلا أن اولئك الذين اختاروا السكن في مناطق سيتم اخلاؤها (أي تلك التي توجد خارج الكتل الكبيرة) بسبب جودة الحياة، سيتم اخلاؤهم بهدوء.
«المستوطنون الايديولوجيون» لن يوافقوا على الاخلاء دون مواجهة.
عندما تم اخلاء «غوش قطيف» ومناطق في شمال «السامرة» حدثت مواجهة، ويمكن القول إنه ستكون هناك معارضة لاخلاء المستوطنات، رغم أنه حسب ذلك النموذج يمكن أن يكون العنف من قبل المعارضين محدودا وأن السلوك سيكون بمسؤولية.
لقد تعلمنا الآن شيئا جديدا. انتقال رئيس الكنيست من غوش عصيون الى الساحل يُبين أن ايديولوجيا الاستيطان فارغة المضمون، لا سيما في الفترة التي يتحدث فيها كل عضو في الائتلاف عن حقنا في جميع البلاد، في أعقاب كل عملية «إرهابية»، وتعارض الحكومة مرة تلو الاخرى مبادرات السلام. إن انتقال ادلشتاين يبين منذ الآن أن الكلام ليس من الضروري أن يُدعم بالافعال.
اوري مسغاف أوضح أن تصريحات وزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، بأن الاجابة على «الارهاب» هي الانتقال الجماعي الى «يهودا» و»السامرة» هي تصريحات فارغة المضمون، لأن بينيت نفسه يسكن في رعنانا («هآرتس»، 4/3).
اغلبية قادة اليمين اختاروا عدم العيش وراء الخط الاخضر، والذين يسكنون هناك لا يُقسمون على البقاء.
وزير الدفاع، افيغدور ليبرمان، الذي يسكن في مستوطنة نوكديم، قال في السابق إنه سيوافق على اخلاء منزله «اذا اقتنعت أن الحديث يدور عن اتفاق دائم».
وقد ذهب ادلشتاين خطوة اخرى الى الامام وأعلن لجمهور المستوطنين أنه سيخلي بيته في نفيه دانيال منذ الآن دون اتفاق ودون قرار من الحكومة.
لقد قام رئيس الكنيست بعمل كبير، حيث أوضح لكل مواطن في الدولة أنه يمكن اخلاء المستوطنين، بما في ذلك الايديولوجيون من بينهم، وبقليل من القوة.
يجب علينا أن نشكره لأنه يساعد معسكر السلام على إثبات الادعاء بأن اخلاء المستوطنات والمستوطنين ممكن، وبأن الثمن الذي سنضطر إلى دفعه لن يكون باهظاً كما يعتقد الكثيرون.
عن «هآرتس»
-