.. ولم تغادر «بريطانيا العظمى» الاتحاد الأوروبي بسبب الخوف والقلق من المهاجرين، ولا بسبب ما تدفعه من التزامات مالية لتسيير أعمال مؤسسات الاتحاد، وليس بسبب تردي أوضاع الاتحاد ونظام «الكوبونة» الذي يمدّ الدول المترنحة والاقتصادات الضعيفة بعوامل الاستمرار، هذه أسباب تبدو هامشية لاتخاذ البريطانيين قرارهم بالانسحاب من الاتحاد، كما أن العودة بالتاريخ إلى الوراء سترينا أن بريطانيا ومنذ دخولها في اطار «السوق الأوروبية المشتركة» العام 1973، كانت وطوال تلك العقود تعاني من أصوات مهمة في اطار حكوماتها العمالية والمحافظة وقوى رأس المال من تململ وعدم رضا هذه القوى عن استمرار بريطانيا في هياكل الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفع البريطانيين إلى عدم الالتزام بأهم مؤسسات الاتحاد واتفاقياته، اتفاقية شينغن واتفاقية العملة الموحدة، «اليورو»، ظلت بريطانيا طوال تلك العقود، مجرد «الولد الشقي» والمشاكس في اطار عائلة الاتحاد الأوروبي، ولم تكن الأسباب المذكورة أعلاه هي السبب في كل ذلك، إذ لم تكن هناك مشكلة اللاجئين، ولا حصتها المالية والتزاماتها النقدية التي هي مجرد دفعات لتسيير أعمال مؤسسات الاتحاد، كما أن سعي الاتحاد باستمرار إلى ضم عضويات جديدة، خاصة من دول الاتحاد السوفياتي السابق، والمعسكر الشرقي، كان هدفاً معلناً طوال الوقت.
باعتقادي أن السبب الرئيس، أولاً، لضعف عضوية بريطانيا، بقرار بريطاني في مؤسسات الاتحاد، تم التخلص من هذه العضوية يعود إلى مصطلح «بريطانيا العظمى» فهذا المصطلح ليس مجرد كلمات بالنسبة إلى البريطانيين، خاصة كبار السن منهم، إنه شكل من أشكال التعبير عن التفوق الذي وصل أحياناً إلى عنصرية مكبوتة، قبل أن تصبح بريطانيا عضواً في السوق الأوروبية المشتركة، رغم الاتحاد الأوروبي، كانت هناك نقاشات في اطار مؤسسات المجتمع المدني، الرسمية والشعبية على حد سواء، تدور في جوهرها حول نزعة قومية متعالية، حتى مع باقي الدول الأوروبية المجاورة، بما في ذلك المانيا وفرنسا، كانت بريطانيا في ذلك الوقت دولة عظمى من حيث قدراتها الاقتصادية والمالية، كانت الأولى بنظر هذه القوى، كانت الأقوى والأهم، وهي ليست بحاجة أن يشاركها أحد في هذا الموقع الريادي، إنها «بريطانيا العظمى»، التي رغم انهيار نظام الاستعمار التقليدي، فإنها لا تزال تحتل مناطق تبعد عنها آلاف الأميال كجزر فوكلاند في الأرجنتين، وجبل طارق على الحدود الإسبانية ـ المغربية البحرية، الاعتداد بالنفس بشكل مرضي والالتزام بنزعة قومية متعالية، كانت الأسباب الحقيقية وراء موقف قوى مهمة داخل المجتمع البريطاني والمؤسسات الرسمية طوال العقود الماضية، وهو السبب الحقيقي هذه المرة وراء تصويت البريطانيين للانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
البعض يضع مسألة التخوف من تزايد الهجرة، خاصة اثر تداعيات «الربيع العربي» سبباً وراء تصويت البريطانيين لصالح مغادرة الاتحاد، هذا ليس سبباً على الإطلاق، بريطانيا لم تعان من هذه المسألة، هناك ثلاثة ملايين لاجئ في بريطانيا معظمهم من دول أوروبا الشرقية، وكلهم وصلوا إلى بريطانيا من خلال نظام «الفيزا» وليس عبر فيزا شينغن الأوروبية، باعتبار أن بريطانيا ليست عضواً في هذه الاتفاقية، هم عمال مهرة الاقتصاد البريطاني بحاجة لهم لتطوير الاقتصاد، أما اللاجئون من بلاد أخرى، كالدول العربية والإسلامية، فهم لاجئون سابقون، كانوا وما زالوا في اطار الدولة البريطانية، وهو أمر ليس بالجديد، ولم تصل دفعات جديدة من هؤلاء، كما حدث مع باقي الدول الأوروبية الأخرى، بسبب الجغرافيا السياسية من ناحية، والتصلب البريطاني حول هذه المسألة من ناحية أخرى، بريطانيا لا تعاني من مسألة اللاجئين، كما عانت وتعاني دول أوروبية أخرى ظلت متمسكة بعضويتها في الاتحاد الأوروبي.
وبالعودة إلى قراءة تفصيلية بنتائج التصويت، سنجد أن قرابة 75 بالمئة من المصوتين الذين أيدوا البقاء في الاتحاد الأوروبي هم بين سن 18 إلى 24، ولهذه الأرقام دلالتها، إذ أن الشباب البريطاني، الأقل التزاماً بالنزعة القومية والاعتداد شبه العنصري «ببريطانيا العظمى» كان ينظر إلى مستقبل بلاده من خلال عضويتها في الاتحاد الأوروبي، عواجيز بريطانيا، جرّوا هؤلاء الشباب إلى مستقبل غامض مقابل تمسك هؤلاء العواجيز بنزعتهم القومية المتعالية، رغم مخاطر انزلاق بريطانيا العظمى إلى التشتت والتبعثر إثر نتائج هذا الاستفتاء، خاصة فيما يتعلق بموقف اسكتلندا التي باتت فرصها في استفتاء قادم بالانسحاب من «المملكة المتحدة» أقوى من أي وقت مضى.
لن يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد على الاتحاد، والأرجح، أن التفتت والغموض والضعف والتراجع، سيكون حليفاً لبريطانيا التي لم تعد عظمى على الإطلاق!!
باعتقادي أن السبب الرئيس، أولاً، لضعف عضوية بريطانيا، بقرار بريطاني في مؤسسات الاتحاد، تم التخلص من هذه العضوية يعود إلى مصطلح «بريطانيا العظمى» فهذا المصطلح ليس مجرد كلمات بالنسبة إلى البريطانيين، خاصة كبار السن منهم، إنه شكل من أشكال التعبير عن التفوق الذي وصل أحياناً إلى عنصرية مكبوتة، قبل أن تصبح بريطانيا عضواً في السوق الأوروبية المشتركة، رغم الاتحاد الأوروبي، كانت هناك نقاشات في اطار مؤسسات المجتمع المدني، الرسمية والشعبية على حد سواء، تدور في جوهرها حول نزعة قومية متعالية، حتى مع باقي الدول الأوروبية المجاورة، بما في ذلك المانيا وفرنسا، كانت بريطانيا في ذلك الوقت دولة عظمى من حيث قدراتها الاقتصادية والمالية، كانت الأولى بنظر هذه القوى، كانت الأقوى والأهم، وهي ليست بحاجة أن يشاركها أحد في هذا الموقع الريادي، إنها «بريطانيا العظمى»، التي رغم انهيار نظام الاستعمار التقليدي، فإنها لا تزال تحتل مناطق تبعد عنها آلاف الأميال كجزر فوكلاند في الأرجنتين، وجبل طارق على الحدود الإسبانية ـ المغربية البحرية، الاعتداد بالنفس بشكل مرضي والالتزام بنزعة قومية متعالية، كانت الأسباب الحقيقية وراء موقف قوى مهمة داخل المجتمع البريطاني والمؤسسات الرسمية طوال العقود الماضية، وهو السبب الحقيقي هذه المرة وراء تصويت البريطانيين للانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
البعض يضع مسألة التخوف من تزايد الهجرة، خاصة اثر تداعيات «الربيع العربي» سبباً وراء تصويت البريطانيين لصالح مغادرة الاتحاد، هذا ليس سبباً على الإطلاق، بريطانيا لم تعان من هذه المسألة، هناك ثلاثة ملايين لاجئ في بريطانيا معظمهم من دول أوروبا الشرقية، وكلهم وصلوا إلى بريطانيا من خلال نظام «الفيزا» وليس عبر فيزا شينغن الأوروبية، باعتبار أن بريطانيا ليست عضواً في هذه الاتفاقية، هم عمال مهرة الاقتصاد البريطاني بحاجة لهم لتطوير الاقتصاد، أما اللاجئون من بلاد أخرى، كالدول العربية والإسلامية، فهم لاجئون سابقون، كانوا وما زالوا في اطار الدولة البريطانية، وهو أمر ليس بالجديد، ولم تصل دفعات جديدة من هؤلاء، كما حدث مع باقي الدول الأوروبية الأخرى، بسبب الجغرافيا السياسية من ناحية، والتصلب البريطاني حول هذه المسألة من ناحية أخرى، بريطانيا لا تعاني من مسألة اللاجئين، كما عانت وتعاني دول أوروبية أخرى ظلت متمسكة بعضويتها في الاتحاد الأوروبي.
وبالعودة إلى قراءة تفصيلية بنتائج التصويت، سنجد أن قرابة 75 بالمئة من المصوتين الذين أيدوا البقاء في الاتحاد الأوروبي هم بين سن 18 إلى 24، ولهذه الأرقام دلالتها، إذ أن الشباب البريطاني، الأقل التزاماً بالنزعة القومية والاعتداد شبه العنصري «ببريطانيا العظمى» كان ينظر إلى مستقبل بلاده من خلال عضويتها في الاتحاد الأوروبي، عواجيز بريطانيا، جرّوا هؤلاء الشباب إلى مستقبل غامض مقابل تمسك هؤلاء العواجيز بنزعتهم القومية المتعالية، رغم مخاطر انزلاق بريطانيا العظمى إلى التشتت والتبعثر إثر نتائج هذا الاستفتاء، خاصة فيما يتعلق بموقف اسكتلندا التي باتت فرصها في استفتاء قادم بالانسحاب من «المملكة المتحدة» أقوى من أي وقت مضى.
لن يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد على الاتحاد، والأرجح، أن التفتت والغموض والضعف والتراجع، سيكون حليفاً لبريطانيا التي لم تعد عظمى على الإطلاق!!