لا أعتقد أن الاتفاق التركي ـ الإسرائيلي سيئ إلى هذه الدرجة، ولم أجد مبرراً منطقياً لكل هذا اللوم والنقد للموقف التركي، ولا أجد تفسيراً واضحاً لسبب الصدمة التي عبّر عنها البعض إزاء الاتفاق، لكني تفهمت أسباب الانتقادات المحدودة في إسرائيل لهذا الاتفاق، على أساس أن مرجعية هذه الانتقادات تعود إلى التقاطعات والاستقطابات الداخلية أكثر منها تقييماً لهذا الاتفاق.
وعلى العكس من معظم المنتقدين، فإني راجعت نصف الكأس الممتلئ لهذا الاتفاق، ووجدت بسهولة أن هذا الاتفاق فيه من الإيجابيات ما هو أكثر من السلبيات، هذا لا يعني بطبيعة الحال تأييدي لهذا الاتفاق، بل محاولة لتقييمه منطقياً بعيداً عن الشعارات والمواقف المسبقة.
ولعلّ أهم إيجابية لهذا الاتفاق، تتمثل في عودة «الابن الضال» عن ضلاله، وكفه عن الكذب والخداع، أو على الأقل محاولة للتخلص من هاتين الخصلتين، الرئيس التركي أردوغان، بالتوقيع على هذا الاتفاق، عاد إلى طبيعته وعاد إلى صوابه، ولم يعد قادراً على تصدير الوعود والتعهدات والأكاذيب والخداع، وبالتوقيع على هذا الاتفاق، فإن هناك صحوة متأخرة ـ ولا بأس بذلك ـ من أن الحديث عن مبادئ على حساب المصالح لا قيمة له ولا يؤدي إلى نتائج ملموسة على الأرض، صحوة ربما لو كانت في التراجيديا السياسية العربية، لأطلقنا عليها «ثورة تصحيحية» أما بالنسبة لأردوغان تركيا، فهي مجرد إدارة الظهر لتجربة فاشلة!!
هل كان هناك ما هو أقوى من العلاقات التركية ـ الأميركية ذات الطبيعة الاستراتيجية داخل حلف الأطلسي وخارجه؟! ظلت أنقرة بسياساتها الإقليمية والدولية وبصرف النظر عن حكامها وأحزابها الحاكمة، إحدى أهم أدوات السياسة الأميركية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكن.. ولكن من جديد، حتى هذه العلاقات الاستراتيجية أدار أردوغان لها ظهره، عندما أدرك أن مثل هذه العلاقات تتعارض مع المصالح التركية، وبعدما سقط رهانه على دور أميركي يستجيب لتورطه في الساحة السورية ومطامحه العثمانية، بعدما عارضت واشنطن قولاً وعملاً الإلحاح التركي بإقامة الشريط العازل أو منطقة حظر جوي على حدودها مع سورية، في حين أن واشنطن كانت ولا تزال تدير ظهرها للمواقف التركية المتعلقة بالمسألة الكردية، ذلك أن واشنطن تقوم علناً بدعم «قوات سورية الديمقراطية» المشكلة من أغلبية كردية والتي تواجه قوات «داعش» الحليف الخفي لأنقرة، وسيطرة «قوات سورية الديمقراطية» على المناطق المتاخمة لحدود تركيا مع سورية، تنذر بقيام دولة كردية تعتبرها أنقرة تهديداً خطيراً للدولة التركية وأمنها القومي ومستقبلها في المنطقة.
الدرس الذي تعلّمه أردوغان من هذه التجربة، كان مفيداً جداً لإعادة النظر بطريقة تفكيره، فقد حاول خداع الجميع، بمن فيهم الحليف الأميركي، عندما دعم سراً أحياناً وعلناً أحياناً أخرى «داعش» أكثر مما ينبغي وليس بالقدر «المتوازن» الذي حاولت أميركا من خلال خلق «داعش»، اللعب بورقتها بشكل مدروس وبحدود محددة، لكن أردوغان، كان يعتقد أن «داعش»، هي التي ستقف عقبة كأداء أمام إقامة دولة كردية، أو هيكل سياسي كردي كمشروع دولة، على حدودها مع سورية، سقط رهان أميركا على أردوغان بهذا الشأن، في وقت سقط فيه رهان أردوغان على السياسة الأميركية في الساحة السورية.. فأدار كل منها ظهره للآخر.
وبينما تجد واشنطن بدائل عديدة عن الرهان التركي في الساحة السورية، بما في ذلك التفاهمات الأميركية ـ الروسية، فإن أردوغان وفي الوقت الذي أدار فيه ظهره إلى أميركا، توجه إلى روسيا، ورسالة الاعتذار المتزامنة مع عقد الصلح والتطبيع مع إسرائيل، إشارة واضحة على أن أردوغان تعلّم الدرس جيداً، وأدرك أن مصالح بلاده أهم من كل الشعارات الخادعة والكاذبة التي انطلت على السذج في السياسة، خاصة لدينا في الساحة الفلسطينية.
وهذا يقودنا إلى إيجابية ثانية يمكن تلمُّسها من الاتفاق التركي ـ الإسرائيلي، ذلك أن انكشاف أردوغان وسياسته، من شأنه أن يخفف ـ على الأقل ـ من غلواء هيامنا بالسياسة التركية، وبحيث لم يعد أردوغان قادراً على بيع شعاراته في الساحة الفلسطينية بعد هذا الانكشاف، ولعلّ درس تخلي أردوغان عن الحليف الأميركي، هو درس، أيضاً، للساسة الفلسطينيين، فمن تخلى عن هذا الحليف الاستراتيجي والقوي والفاعل في الساحات الإقليمية والدولية، كالولايات المتحدة، لقادر ببساطة شديدة على التخلي عن التحالفات الأقل أهمية، أو حتى عديمة الأهمية على مستوى العلاقات الإقليمية والدولية.
ولعلّي لا أجد كخاتمة لهذا المقال، أفضل مما كتبه الصديق يونس الزريعي مختصراً الحكاية برمتها، عندما نشر على صفحته: «لعلّ تركيا ترفع في شوارعها «شكراً غزة» لقد منحتِنا اتفاقاً تاريخياً مع إسرائيل»!!
وعلى العكس من معظم المنتقدين، فإني راجعت نصف الكأس الممتلئ لهذا الاتفاق، ووجدت بسهولة أن هذا الاتفاق فيه من الإيجابيات ما هو أكثر من السلبيات، هذا لا يعني بطبيعة الحال تأييدي لهذا الاتفاق، بل محاولة لتقييمه منطقياً بعيداً عن الشعارات والمواقف المسبقة.
ولعلّ أهم إيجابية لهذا الاتفاق، تتمثل في عودة «الابن الضال» عن ضلاله، وكفه عن الكذب والخداع، أو على الأقل محاولة للتخلص من هاتين الخصلتين، الرئيس التركي أردوغان، بالتوقيع على هذا الاتفاق، عاد إلى طبيعته وعاد إلى صوابه، ولم يعد قادراً على تصدير الوعود والتعهدات والأكاذيب والخداع، وبالتوقيع على هذا الاتفاق، فإن هناك صحوة متأخرة ـ ولا بأس بذلك ـ من أن الحديث عن مبادئ على حساب المصالح لا قيمة له ولا يؤدي إلى نتائج ملموسة على الأرض، صحوة ربما لو كانت في التراجيديا السياسية العربية، لأطلقنا عليها «ثورة تصحيحية» أما بالنسبة لأردوغان تركيا، فهي مجرد إدارة الظهر لتجربة فاشلة!!
هل كان هناك ما هو أقوى من العلاقات التركية ـ الأميركية ذات الطبيعة الاستراتيجية داخل حلف الأطلسي وخارجه؟! ظلت أنقرة بسياساتها الإقليمية والدولية وبصرف النظر عن حكامها وأحزابها الحاكمة، إحدى أهم أدوات السياسة الأميركية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكن.. ولكن من جديد، حتى هذه العلاقات الاستراتيجية أدار أردوغان لها ظهره، عندما أدرك أن مثل هذه العلاقات تتعارض مع المصالح التركية، وبعدما سقط رهانه على دور أميركي يستجيب لتورطه في الساحة السورية ومطامحه العثمانية، بعدما عارضت واشنطن قولاً وعملاً الإلحاح التركي بإقامة الشريط العازل أو منطقة حظر جوي على حدودها مع سورية، في حين أن واشنطن كانت ولا تزال تدير ظهرها للمواقف التركية المتعلقة بالمسألة الكردية، ذلك أن واشنطن تقوم علناً بدعم «قوات سورية الديمقراطية» المشكلة من أغلبية كردية والتي تواجه قوات «داعش» الحليف الخفي لأنقرة، وسيطرة «قوات سورية الديمقراطية» على المناطق المتاخمة لحدود تركيا مع سورية، تنذر بقيام دولة كردية تعتبرها أنقرة تهديداً خطيراً للدولة التركية وأمنها القومي ومستقبلها في المنطقة.
الدرس الذي تعلّمه أردوغان من هذه التجربة، كان مفيداً جداً لإعادة النظر بطريقة تفكيره، فقد حاول خداع الجميع، بمن فيهم الحليف الأميركي، عندما دعم سراً أحياناً وعلناً أحياناً أخرى «داعش» أكثر مما ينبغي وليس بالقدر «المتوازن» الذي حاولت أميركا من خلال خلق «داعش»، اللعب بورقتها بشكل مدروس وبحدود محددة، لكن أردوغان، كان يعتقد أن «داعش»، هي التي ستقف عقبة كأداء أمام إقامة دولة كردية، أو هيكل سياسي كردي كمشروع دولة، على حدودها مع سورية، سقط رهان أميركا على أردوغان بهذا الشأن، في وقت سقط فيه رهان أردوغان على السياسة الأميركية في الساحة السورية.. فأدار كل منها ظهره للآخر.
وبينما تجد واشنطن بدائل عديدة عن الرهان التركي في الساحة السورية، بما في ذلك التفاهمات الأميركية ـ الروسية، فإن أردوغان وفي الوقت الذي أدار فيه ظهره إلى أميركا، توجه إلى روسيا، ورسالة الاعتذار المتزامنة مع عقد الصلح والتطبيع مع إسرائيل، إشارة واضحة على أن أردوغان تعلّم الدرس جيداً، وأدرك أن مصالح بلاده أهم من كل الشعارات الخادعة والكاذبة التي انطلت على السذج في السياسة، خاصة لدينا في الساحة الفلسطينية.
وهذا يقودنا إلى إيجابية ثانية يمكن تلمُّسها من الاتفاق التركي ـ الإسرائيلي، ذلك أن انكشاف أردوغان وسياسته، من شأنه أن يخفف ـ على الأقل ـ من غلواء هيامنا بالسياسة التركية، وبحيث لم يعد أردوغان قادراً على بيع شعاراته في الساحة الفلسطينية بعد هذا الانكشاف، ولعلّ درس تخلي أردوغان عن الحليف الأميركي، هو درس، أيضاً، للساسة الفلسطينيين، فمن تخلى عن هذا الحليف الاستراتيجي والقوي والفاعل في الساحات الإقليمية والدولية، كالولايات المتحدة، لقادر ببساطة شديدة على التخلي عن التحالفات الأقل أهمية، أو حتى عديمة الأهمية على مستوى العلاقات الإقليمية والدولية.
ولعلّي لا أجد كخاتمة لهذا المقال، أفضل مما كتبه الصديق يونس الزريعي مختصراً الحكاية برمتها، عندما نشر على صفحته: «لعلّ تركيا ترفع في شوارعها «شكراً غزة» لقد منحتِنا اتفاقاً تاريخياً مع إسرائيل»!!