رغم إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مسؤولين إسرائيليين بأن تقرير الرباعية الدولية كان سيصدر أمس، إلا أنه حتى المساء لم يكن هذا التقرير قد صدر. وتتحدث أنباء مختلفة عن أن التقرير يتضمن انتقادات شديدة لإسرائيل في كل ما يتعلق بسياستها الاستيطانية، الأمر الذي يقضي على فرص نجاح حل الدولتين. وقد تأجل نشر التقرير الذي وزعت مسودة منه على الدول الأعضاء في الرباعية مراراً جراء خلافات حول النبرة الواجب اتخاذها تجاه إسرائيل. وسعت الحكومة الإسرائيلية إلى تأجيل صدور التقرير من ناحية، وإلى تلطيف أو حذف الفصل الخاص بالمستوطنات من ناحية أخرى، حتى لا يشكل سابقة يمكن للفلسطينيين الاستناد إليها في الأمم المتحدة.
وفي اللقاءات التي عقدها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع المسؤولين الإسرائيليين أثناء زيارته أمس الاول للأراضي المحتلة، قال بوضوح إن تقرير الرباعية الدولية بشأن الجمود في العملية السياسية سينشر يوم الأربعاء. غير أن يوم الأربعاء مرّ من دون نشر هذا التقرير الذي سبق وتأجل نشره مراراً لأسباب مختلفة.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد سرّب معلومات أنه بدأ بحملةٍ دولية بهدف تلطيف تقرير الرباعية وتليين حدة الانتقادات التي وردت في المسودة التي وزعت على الأعضاء. وضمن هذه الحملة، التقى نتنياهو بوزير الخارجية الأميركي جون كيري في روما، وأيضاً بوزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني وكذلك بوزراء خارجية أوروبيين آخرين. كما أجرى نتنياهو اتصالات هاتفية مع عدد من الزعماء، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لهذا الغرض. وكانت جهات إسرائيلية وغربية أعلنت أن مسودة التقرير وزعت على وزراء خارجية الرباعية قبيل نشرها في الأيام القريبة.
ومعروف أن الرباعية تضم إلى جانب روسيا وأميركا، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وقد تقررت صياغة تقرير الرباعية الدولية في شباط الماضي في ظل الجمود في العملية السياسية والمخاوف على ضياع حل الدولتين جراء السياسة الاستيطانية الإسرائيلية. وفي حينه، نشر وزراء خارجية الرباعية الدولية بلاغاً أشاروا فيه للمرة الاولى إلى وجود احتمالات للتعاون بينهم وبين مجلس الأمن الدولي وهو ما اعتبرته إسرائيل تهديداً لها. وتخشى إسرائيل على وجه الخصوص أن يشكل تقرير الرباعية مقدمة لخطوة أوسع في مجلس الأمن بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي.
وتضاربت التقديرات في إسرائيل بشأن مدى نجاح الحملة الديبلوماسية التي شنها نتنياهو مؤخراً في مواجهة تقرير الرباعية. وفيما لاحظ مراسلون في صحيفة «هآرتس» أن جهود إسرائيل ضاعت سدىً، خصوصاً بعد الموقف الذي اتخذه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي من المبادرة الفرنسية والمؤتمر الدولي، أشار آخرون إلى أن الحملة أعطت أكلها. ومعروف أن الدور المركزي في صياغة تقرير الرباعية موكول أساساً للمبعوث الأميركي لشؤون السلام في الشرق الأوسط فرانك ليفنشتاين بالتعاون مع المبعوث الأوروبي فرناندو جنتليني. وغالباً ما تحاول واشنطن أن تأخذ بالحسبان الموقف الإسرائيلي والرغبة في عدم إرباك دولة الاحتلال.
من جهة ثانية، نقلت صحيفة «اسرائيل اليوم» المقربة من حكومة نتنياهو عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن إسرائيل أفلحت في إخراج الفصل الخاص بالمستوطنات من التقرير.
وبحسب هذا المصدر، فانه لو تم نشر هذا الفصل في التقرير، وبافتراض معقول بأن التقرير سيتبناه مجلس الامن الدولي كوثيقة رسمية، فإن بوسع ذلك ان يستخدم كسلاح من الفلسطينيين ضد الاسرائيليين في المحكمة الجنائية في لاهاي. وبحسب هذا المصدر، فإن اخراج الفصل من التقرير هو «انجاز هام لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو».
ومعروف أن مجلس الأمن الدولي سوف يعقد اليوم اجتماعاً للتداول في المفاوضات العالقة بين اسرائيل والفلسطينيين. وقبيل الاجتماع، ستنشر الرباعية التقرير الحاد الذي سيعنى بالمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وكان من المفترض أن ينشر التقرير الاسبوع الماضي، ولكن اتفق على تأجيل النشر الى ما بعد اللقاء الذي جرى هذا الاسبوع بين نتنياهو وكيري.
وينتقد التقرير سياسة اسرائيل في المستوطنات وفي المناطق «ج». كما يتضمن انتقاداً للفلسطينيين أيضاً، بشأن التحريض على العنف، وانعدام قدرة الحكم والصراعات بين «حماس» و«فتح». ويقول التقرير إن اسرائيل والفلسطينيين، لا يتخذون خطوات بناءة تمهيداً لحل الدولتين.
وأوضحت «إسرائيل اليوم» أنه في اللقاء بين نتنياهو وكيري بحث الرجلان في المبادرة الدولية التي تعمل عليها فرنسا لاستئناف المفاوضات، وقال نتنياهو إنه يفضل مؤتمراً اقليمياً. غير أن محافل سياسية توضح بان احتمال المؤتمر الاقليمي بالشروط التي يطلبها نتنياهو متعذرة من جانب الفلسطينيين والدول العربية.