ليست مظاهر الفوضي والانفلات السياسي والاجتماعي في المشهد العربي الراهن سوي انعكاس لغياب الأمن وضياع الاستقرار ومن هنا فإنه يتحتم علي الذين أصابتهم الغفلة ورقصوا - بوعي أو دون وعي - علي دفوف الخارج التي استظلت برايات التغيير الديمقراطي المزعوم مما أدي إلي اتساع الفجوة بين مكونات الأوطان نتيجة تغييب العقل في سراديب الوهم.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة ودور القوي الخارجية في تفخيخ وتفجير المشهد العربي علي مدار السنوات الخمس الأخيرة فإن المسئولية تقع في المقام الأول علي الذين شحنوا النفوس والمشاعر بسياسات المزايدة وطرح المستحيلات وغياب المواءمة الضرورية بين قدرات الوطن وطموحات المواطنين.
لقد غاب عن شعوبنا - خصوصا في دوائر النخبة السياسية - أن ما انجرفنا إليه تحت مطرقة الترويج الأجنبي لوعود التنمية والتغيير الديمقراطي لم يكن سوي غطاء لتمرير أهداف ومقاصد الهيمنة علي المنطقة بعد نشر الفوضي في ربوعها حتي يمكن الاستئثار بثرواتها مع إبقاء شعوب وكيانات الأمة كمجتمعات ضعيفة تتستر فقط برداء حرية شكلية توفر أنسب الأجواء لضمان استمرار التبعية الأجنبية من ناحية ورسم خريطة جديدة للمنطقة لا تتصادم مع المصالح الاستراتيجية العليا للقوي الدولية فى الشرق الأوسط.
ولعل الدرس الأهم الذي ينبغي التوقف أمامه الآن أن الخطر الذي يهدد أمن واستقرار أي وطن يتمثل في محاولة استخدام الديمقراطية في غير موضعها وعدم الانتباه إلي أن الحرية تعني حق إبداء الرأي ولكنها لا تعني حق التطاول وتوجيه الاتهامات بغير دليل لأن ذلك يمثل تجاوزا للخيط الرفيع بين الحرية المسئولة والفوضي المدمرة.
والحمد لله أن مصر نجت من الفخ المنصوب وصححت المسار بثورة 30 يونيو وقرارات 3 يوليو 2013 وصنعت نموذجا يقتدي به الآخرون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان... وتلك هى عظمة مصر وعظمة ذلك اليوم المجيد فى تاريخ الأمة والوطن.
خير الكلام:
<< صحا الشرق وانجاب الكري عن عيونه.. وليس لمن رام الكواكب مضجع!.
عن الاهرام