السكِّين على رقابنا جميعاً: ما العمل؟

د. فيحاء عبد الهادي
حجم الخط
طاف سؤال "ما العمل؟" بعض وسائل الإعلام، وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، في تعقيب على مقالتي بتاريخ 26 حزيران 2016، بعنوان: واقع فلسطيني مأزوم. اتَّسعت دائرة الحوار؛ في محاولة للإجابة عن بعض ما طرحته المقالة من تساؤلات وقضايا، بالإضافة إلى طرح أسئلة وقضايا أخرى؛ تغني النقاش. أستضيف بعض وجهات النظر، مع الاختصار، ضمن مساحة للحوار.
*****
"أرى أن المعارك اليومية التي يخوضها الشعب الفلسطيني تفرض بشكل طبيعي أنماط الوحدة في العمل على الأطراف المختلفة، وربما أبلغ الأمثلة ما جرى في تحرّك المعلمين ومظاهرات الضمان الاجتماعي مؤخراً، دون انتظار توصيات مؤتمر توحيدي معين. وأوافقك الرأي بأن المرأة عنصر أساس في أي جهد وطني".
د. زيد حمزة/ عمان
*****
"حال لا وصف له؛ لكني أتساءل، ما دمنا كلنا نحمل هذا الهم: ما العمل؟ ما الذي يمنع تجمعنا في حلقة قوية، حتى وإن كان عدد أفرادها قلة، وفي أي مكان؛ لنكون نواة عمل عربي شامل؟ الكل يشكو ولكن ليس من يضع برنامج عمل. أنا لست محبطة؛ بل أتمزق ألماً؛ لأن الجميع يقترح حلولاً ولا يضع برنامجاً. آسفة؛ لكن على الرغم من تقدم العمر؛ ما زلنا أهلاً للعمل والعطاء".
وداد عاروري/ عمان
*****
"من جانبي حضرت أربعة لقاءات حوارية، وكنت أنتظر الجديد من ممثلي "فتح" و"حماس"، ولكن ملاحظاتي: أولاً، مندوب "فتح" لم يقدِّم شيئاً بعيداً عن رؤية "فتح" المعروفة. ممثل "حماس" تحدَّث إلى حد معين بشكل جيد؛ ولكن في نفس الوقت رأيه لا يتم تبنيه من الحركة. وملاحظة أخرى: اللقاءات نخبوية، تتركز في المدينة؛ غزة ورام الله، بحضور نخبة بعينها. إضافة لذلك أرى أن الأجندات الخارجية هي سبب رئيس في استمرار الانقسام، ومصالح فئات من الطرفين، وعدم وجود إرادة سياسية.
أما بالجانب الاجتماعي، والنوع الاجتماعي؛ هذا ضروري؛ ولكنه يحتاج إلى عمل متواصل من الأحزاب والنظام السياسي ومنظمات المجتمع المدني، ويجب أن يكون من برنامج منظمة التحرير، وهذا لا يمكن دون تحقيق الوحدة الوطنية، على قاعدة برنامج الحد الأدنى، وعلينا نحن، القوى الديمقراطية، العمل على الأرض لتغيير الواقع المرّ، والتخلف، وتغييب مشاركة النساء عن طاولة الحوار.
الجميع مدعو إلى مراجعة شاملة وجريئة؛ لنعرف أين أصبنا، وأين أخطأنا، وما العمل للخروج من الأزمة. أختلف مع القول إنه ليس هناك موقف متميز لليسار على أرض الواقع، هذا ليس موضوعياً. هناك أزمة لكل حركات التحرر في العالم، ونحن في فلسطين، مشكلة اليسار هو انقسامه، ولكن مسؤولية استمرار الانقسام ليست متساوية. لم نحقق نصراً؛ هذا سؤال برسم الإجابة".
د. مريم أبو دقة/ غزة
*****
"مناقشة موضوع الانقسام مهم جداً، على الصعيد الفلسطيني؛ لأن عمره الآن تسع سنوات، ومع مرور الوقت يزداد تعمقاً، وتزداد القضية تراجعاً، ويزداد التضامن العربي والدولي ابتعاداً عنها. الكل مجمع على ضرورة إنهاء الانقسام، والكل ينأى بنفسه عن وزره، وأنا اعتقد أن الكل الفلسطيني وليس طرفي الانقسام فقط، يتحمل بشكل أو آخر استمرار هذه الحالة العبثية؛ ولكن بتفاوت. لا توجد إرادة حقيقية لإنهاء الانقسام من كل الأطراف؛ ولكن الطرف الذي يتحمل المسؤولية الأولى عن وجوده واستمراره هي "حماس"، دون تبرئة الآخرين. أتفق معك أن الخروج من المأزق هو فتح حوار وطني، يشارك به الكل الفلسطيني، بأطيافه، وفي أماكن تواجده كافة، من أجل بلورة برنامج وطني موحَّد، يشمل الجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي؛ لأنها كلها مترابطة. برنامج وطني يجمع عليه الشعب الفلسطيني، يكون حدّه الأدنى إنهاء الاحتلال، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجِّروا منها، وهذا لا يتعارض مع قرارات الشرعية الدولية. كذلك تفعيل منظمة التحرير بهيئاتها واتحاداتها الشعبية تفعيلاً حقيقياً، وليس صورياً، كما حدث مع بعض الاتحادات الشعبية التي عقدت مؤتمراتها. العمل على الأرض بفعاليات وحدوية، ترفع العلم الفلسطيني فقط؛ فمن أراد الوحدة عليه أن يطبِّقها على الأرض، بدلاً من رفع الشعارات. القضية ليست سهلة؛ هناك مستفيدون، وهناك أجندات خارجية، وهناك فكر إقصائي وتخويني وظلامي أيضاً.
أين دور القوى الحيَّة الفلسطينية في إنهاء هذا الوضع الشاذ؟ هل يقتصر دورها على الانتظار، وتوجيه اللوم إلى الأطراف الأخرى؟! أين دور اليسار؟ دوره مهمش جداً؛ لأنه يعيش حالة من الشرذمة والبيات الطويل وليس الشتوي. ألم يكن يشكل رافعة قوية للمشروع الوطني سابقاً؟!
أؤكِّد ما ذكرتِه: يجب أن يكون هناك حراك جماهيري قوي ومنظَّم، يخرج عنه برنامج وطني واحد له بعد ثقافي واجتماعي حضاري، من أجل توحيد الشعب الفلسطيني خلف قيادة وطنية واحدة، تستوعب كل الطيف السياسي، وتستفيد من طاقات الشعب الفلسطيني كله؛ في الوطن وفي الشتات. إذا تمَّ ذلك يمكن الخروج من حالة الانقسام العبثية".
هناء/ الشارقة
*****
الكل يتحمل المسؤولية؛ لكني أتفق مع الرأي الذي يقول، إن هناك تفاوتاً في تحملها. هناك قيادات في مركز صنع القرار تتحمل المسؤولية أكثر من غيرها، كما أن هناك قيادات في المعارضة؛ يفترض أن تقدِّم رؤية جديدة، ومواقف تنسجم مع برامجها السياسية والاجتماعية؛ تتحمل المسؤولية أكثر من غيرها أيضاً.
أما الجديد؛ فكيف يمكن أن يتمّ ما دامت القيادات تعيد إنتاج خطابها السياسي القديم، رغم تغير الظروف الفلسطينية والعربية والدولية؟! وما دامت لا تمارس تداول السلطة رغم حديثها الدائم عن وجوب ممارسة الديمقراطية؟!
بالنسبة لمكان اللقاءات؛ يحرص مركز "مسارات" على تنظيم لقاءاته وندواته في مدن وقرى ومخيمات عديدة؛ في فلسطين؛ شمالها وجنوبها ووسطها. وحين ينظم لقاءاته الدورية في رام الله؛ ينظمها دائماً بالشراكة مع غزة، بالإضافة إلى إشراك الشتات، ما أمكن ذلك. وهذا لا ينفي مسؤولية وأهمية إشراك جماهيري أوسع، من خلال وسائل الإعلام المرئي والمسموع، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
السكِّين على رقابنا جميعاً. وعلينا معاً، أن نشخِّص، ونقترح، ونجد القاسم المشترك؛ كي نعمل بهمة ومسؤولية عالية، من أجل الخروج من العتمة إلى النور، حيث خلاص الوطن وبناء الإنسان.