أزمتنا تراجع دور الحزب السياسي

صلاح هنية
حجم الخط
تارة يقال اننا بحاجة لتيار ثالث يسعف أزمة الحزب السياسي الفلسطيني،  وبعدها بقليل يقال بات التيار الثالث ملجأ لمن هم غاضبون من احزابهم، وبالتالي هم سيستنسخون ذات التجربة وذات الآليات في المكان الجديد.
تارة يقال يجب ان تنهض موجة اصلاح من داخل مؤسسات الحزب ذاته للنهوض بواقعه ولا تكون تمردا وليس انشقاقا، ومن ثم يقال أن من يركب موجة الاصلاح غالبا ما يصاب بالحول والعمى السياسي، فيحمل معول الهدم ويبدأ بالهدم الكامل دون أن يرى ماذا بعد.
تارة يقال المركزية الديمقراطية تستخدم بافراط داخل مؤسسات الحزب لتتحول إلى ديكتاتورية قيادة الحزب نتيجة للافراط في المركزية الديمقراطية وتصبح قوة طاردة لا يستطيع البعض ان يتعاطى معها، وبالتالي اما يصبح العضو خاملا غير مبالي أو أن يصبح ناقدا لا يسمع الا صدى صوته دون جدوى.
كان النقاش سابقا ان الاحزاب اليسارية الفلسطينية تمتلك برنامجا اقتصاديا اجتماعيا وكانوا يعيبون على حركة فتح انها تفتقد هذا البرنامج، مع انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية بات واضحا أن الجميع سواء في موضوع غياب البرنامج الاجتماعي الاقتصادي، وباتت الجماهير تبحث عن طوق نجاة لم يعد قائما.
لن اصل في تحليلي (( اذا اعتبرنا هذا تحليلا لا سمح الله )) الى الاستنتاج أنه لم يعد لدينا حزب سياسي، وبات لدينا كادر  حزبي متذمر متأزم وبات يرى نفسه  أكبر من الحزب الذي لم يعد قادر على تلبية طموحات كانت اساس تأسيس هذا الحزب او ذاك، بات الكادر الحزبي يبحث ويجتهد عن تبني موقف حزبه من قضايا العمل النقابي ومحاربة الفقر ومقاطعة المنتجات الاسرائيلية وموقف واضح من التطبيع وموقف واضح من مسألة انهاء الانقسام.
ازمة الحزب السياسي ان العلاقات الناظمة لكوادره هي علاقات اجتماعية انسانية جهوية وليست علاقة ناظمة من خلال منظمات واطر الحزب السياسي، فبات اعضاء الحزب يجاملون بعضهم العض بمناسبات اجتماعية وفي مهرجان فني ثقافي اذا اسعف الوقت وفي لقاء يضم خريجي جامعة ليس اكثر، واذا استنهضت الهمم صوب المقاطعة تتراخى ويصبح الحليب الاسرائيلي اطيب واضمن!!!.
في اية محاولة حزبية لتفعيل المواقع والشعب والمناطق وعند وضع معايير حزبية ناظمة على اساس تقاليد الحزب، يبرز بعض الذين يعتبرون ان تلك الشعبة ملك لهم فيه طابو أو تلك المنطقة ويقولون اهلا بمن رغب بالتجديد والنهوض بواقع الحزب ولكن في صالوننا نحن وليس بعيدا عنا، ويصبح  هذا الطرح في ظل ازمة الحزب السياسي منطقا مقبولا ومتفهما.
لم يعد مقبولا لدى الكادر التنظيمي أن يعلق الحزب السياسي الفلسطيني كل عجزه وتراجعه وانسداد افق تداول السلطة في قيادة الحزب أو القدرة على التأثير على قرارات الحزب بالتعليق على شماعة مناكفة حزب أخر وتصبح هذه الشماعة جزءا من ادبيات الحزب ومكونات رؤيته ومنطلقاته، واذا ناقشت بالامر تصبح متراخيا عن مواجهة خطر داهم ليس على الحزب ذاته بل على المشروع الوطني برمته، واذا ناقش شاب شهد مؤتمرا حزبيا في المانيا أو فرنسا يقال له: نحن وضعنا مختلف لا نستطيع أن نغامر.
ولا يعقل أن لا تدرك الاحزاب السياسية الفلسطينية انها تترك اثارا سلبية على مكونات الحياة السياسية الفلسطينية، وعلى الجماهير، وعلى فعالية المؤسسات، وعلى رؤى التنمية بالاعتماد على الذات أو بالحماية الشعبية، وعلى اساس تفعيل العامل الذاتي والرهان على الجماهير التي ظلت الحاضنة الامينة والقوية للحزب السياسي، ولا يجوز ان تتحول الاحزاب إلى منتديات مغلقة، أو تتحول في لحظة الى نادي يرتاده من شاء متى شاء ويغادره من شاء ايضا متى شاء، ولا يجوز ان يتحول منتدى لرجال الاعمال وتجار الاراضي والعقارات وكبار التجار على حساب اكادر التنظيمي الذي خبر النضال والعمل الجماهيري والتعبئة والتوجيه السياسي، ولا يعقل ان يتحول جل الكادر التنظيمي صوب المال والاعمال وتجارة الارض والعقار وتحصيل سمسرة مقابل صفقة كان محكما فيها وليس سمسارا فيها.