في بداية آب 2006 دخلت مع كتيبة الكسندروني الى عمق القطاع الغربي في لبنان. كانت حرب لبنان في حينه عمرها شهر، حيث تعرض الشمال للقصف اليومي، وغرقت قواتنا في الوحل. مرت عشر سنوات منذ ذلك الحين. أعود الى قصة تلك الحرب، ليس بسبب الحنين للماضي – لا يوجد سبب للاشتياق، لا لتلك الحرب ولا لحروب اخرى – بل بسبب الرغبة في فهم كيف ستكون الحرب القادمة في الشمال.
الكسندروني هي كتيبة احتياط. عدت والتقيت مع جنودها حينما خرجوا من اجل الاحتجاج في القدس بسبب اخفاقات الحرب، عندما تم استدعاؤهم للتدريب، في معسكر التدريب في «تساليم». استئناف التدريبات كان أحد دروس الحرب.
دخلت الى لبنان ولم يكن هناك وقت لاستبدال الملابس المدنية لألبس الزي العسكري. انضممت الى شلومي كوهين، قائد الكتيبة الذي انضم الى اللواء الذي يجلس في راس البيضا. سافرنا في دبابة من صنع الجيش الاسرائيلي «تي 55» ذات المحرك الأميركي. وما زالت الكسندروني تسير حتى الآن: إنها كتيبة الاحتياط الوحيدة المبنية على هذه الأداة الحربية.
عندما استكملنا السير كنت على المهداف لعبوتين ناسفتين: كنت المواطن الوحيد في الميدان، أوقفوا اطلاق النار فقط لأنني كنت قريبا جدا من الجندي الذي سار أمامي. والليالي التالية أمضيتها في القرية.
وفر لي التواجد في لبنان نظرة مباشرة حول الحرب وادارتها. كانت الأجواء صعبة: ضباط وجنود تحدثوا بغضب عن الاستخبارات التي خيب الآمال وعن المهام التي لم تكن وعن الوسائل الشخصية التي سُرقت وعن المؤونة التي تأخرت. القيادة العليا، من قائد اللواء وحتى هيرش فما فوق، بدت كأنها منفصلة، وأسيرة سحر شاشات البلازما.
رأس البيضا قرية جميلة تطل من فوق على موقع الامم المتحدة في الناقورة وعلى البحر، وقد كانت القرية متروكة. اشارة الحياة الوحيدة فيها كانت اعلام الدول التي شاركت في ذلك الصيف في المونديال في ألمانيا – كل بيت وعلمه الخاص. بين الفينة والاخرى وجد الجنود قاذفة صواريخ أو واجهوا خلية، وبين فينة واخرى أصيب جندي. لم تكن هناك فائدة من البقاء، لم يكن ثمة أي هدف.
عندما خرجت وصفت الواقع كما رأيه. طلبت من الحكومة الموافقة على وقف اطلاق النار. وما حققناه، حققناه وما لم نحققه لن نحققه. اختارت الحكومة الاستمرار في المناورة البرية عدة ايام اخرى، والامور معروفة.
بعد تحرر جنود الكسندروني أقاموا خيمة اعتصام في حديقة الورود أمام مقر الحكومة. أحد المحتجين كان يارون لور، قائد في الكتيبة. «نحن في ازمة ثقة مع المستوى الاعلى»، قال لمراسل «هآرتس». «لا يوجد هنا تمرد، لكنني لست على استعداد لتعريض جنودي مرة اخرى للخطر مع عتاد غير كاف».
في اليوم التالي وفي مقابلة اخرى تغيرت اللهجة. «فقدنا الاطار المناسب قليلا»، قال، «دخلنا في دوامة. لن نسامح الجيش – سنطالب بالاجابات، ولكن محظور أن يروا الاهمال والامور السيئة فقط».
احتجاج المقاتلين كان مصمما. ولكن من الخيمة التي أقاموها في حديقة الورود خرجت رائحة قوية للخداع السياسي. تدفقت الاموال مثل المياه: مصادرها كانت خفية. اصحاب علاقات عامة وسياسيون سيطروا على الرواية: لم تكن اخفاقات الحرب تهمهم بل فرصة تغيير الحكومة بضغط من الشارع. كان نتنياهو على صلة بالأمر وكذلك بينيت. ومقاتلو الكسندروني كانوا أدوات في أيديهم.
يدفعون بالدم
يارون لور هو الآن نائب جنرال، وقائد فرقة الاستطلاع لالكسندروني. التقينا، الثلاثاء الماضي، في مقر قيادة الكتيبة في عين الزيتون قرب صفد. وشارك في اللقاء ضباط الكتيبة: قائد الكتيبة وهو عقيد في الجيش النظامي، وقد طلب عدم الكشف عن اسمه وثلاثة مواطنين في الاحتياط – نائب قائد الكتيبة وضابطان رفيعا المستوى. شارون غات، نائب قائد الكتيبة، صاحب شركة «كليفر 3» التي تقدم التأهيل العسكري لجهات في البلاد وفي العالم، دوره في الكسندروني يتم ابرازه في دعاية الشركة. روعي تيمور روسو، شقيق الجنرال طل روسو بالتبني، أقام ستارت آب باسم «فرينج» الذي بيع للشركة الأميركية مقابل 50 مليون دولار. وهو يستمر في ادارة طاقم الشركة في اسرائيل.
إنهم الآن في الاربعينيات من اعمارهم، وهذا هو العمر المناسب لدخول الاعمال والتطور اقتصاديا. ورغم ذلك، يخصصون 50 – 70 يوما في العام للجيش ولا يشتكون من الاجحاف.
«جميعنا هنا مدربون»، قال تيمور، «عندما أكون في الاحتياط تكون أذن على الهاتف للشركة وعندما أكون في الشركة تكون أذن على الهاتف للكتيبة».
كتائب الاحتياط في الجيش ترتبط الآن بالكتائب النظامية، الكسندروني تستقبل جنوداً فقط من غولاني، من الكتيبة 51، ومن كتيبة الاستطلاع. يأتي النظاميون لمقابلة شخصية في كتيبة الاحتياط قبل تسرحهم بأسبوع، إنهم يعرفون أين سيوضعون ومع من سيخدمون: إنهم على صلة. في السنة الاولى يتركونهم: في جميع الاحوال هم على الطريق، في جنوب أميركا أو الهند. بعد ذلك يتم استدعاؤهم من اجل التدريب أو العمل. من المفروض أن تحارب الكتيبة في لبنان.
ما الذي تغير من حرب 2006؟ سألت.
«ثلاثة أشياء تسببت في خروجنا السيئ الى الحرب في لبنان»، قال قائد الكتيبة. «الاول، مشكلة في الاستعداد – بالوسائل وبالتدريب. كان هذا هو الامر الأقل أهمية. الثاني، لم نحصل على مهام واضحة، وأهم شيء أنه كانت هناك مشكلة ثقة. ما هي الثقة؟ أنا كمرؤوس أنقل لرئيسي الشعور بأنني قادر على تنفيذ كل مهمة، ورئيسي ينقل لي الشعور بأنني محمي في جميع الاحوال».
«كنت في لقاء ارشادي لدى غال هيرش اثناء الحرب»، قال شارون غات، نائب قائد الكتيبة، «كان هذا غريبا، لا أفهم ماذا يقول. هل يمكنكم أن تفسروا لي؟ رئيسي قال أنا ايضا لا افهم».
«كانوا قادة كتائب واعتقدوا أنهم وزراء دفاع. لم يقودوا الجنود، ولم يتحدثوا مع القادة. اليوم عدنا لنكون جيش الماضي، جيش آبائنا، جيشا بسيطا، حيث إن القادة يعطون الجنود الاوامر البسيطة».
«يبدو لي أن الدرس قد فُهم في الأعلى»، قال يارون لور، الذي هدد في 2006 بعدم اخراج جنوده في الحرب القادمة. «هناك تحسن. الاوامر واضحة، ليس هناك عدم يقين ونحن نتدرب كثيرا».
طلبت منهم تعريف المهمة.
«ستكون معركة اخرى مع (حزب الله)»، قال روعي تيمور. «التقدير هو أن الحرب ستبدأ في اراضينا. قوة تابعة لحزب الله ستجتاز الحدود وستكون النتيجة عملية متدحرجة وليس بالضرورة حرباً تتم المبادرة إليها».
«مشاركة (حزب الله) في حرب سورية تغير من طبيعة الحزب»، قال قائد الكتيبة، «لقد أصبح أقرب الى الجيش منه الى منظمة عصابات. فهو يقوم بتطوير نظرة هجومية بدل النظرة الدفاعية. سيكون هدفه هو الوصول الى الاراضي الاسرائيلية وقتل أكبر عدد من الجنود».
«أقول لجنودي إنه سيكون لنا قتلى على الحدود»، قال روعي تيمور، «أريد أن يفهموا أن ثمن الحرب يُدفع بالدم. عندما يشاهدون المصاب الاول، والقتيل الاول فلن يفاجؤوا».
إنه على قناعة أن عملية برية واسعة ستتم في لبنان. «نحن نستعد للحسم في المناورة»، قال، «ستلقى المهمة على طاقم حربي مزدوج للمشاة والمدرعات. لذلك نحن نتدرب على مناورة عنيفة».
«ستكون معركة متعددة»، قال قائد الكتيبة، «ستكون الاستخبارات أفضل كثيرا مما كانت عليه في 2006. لقد دخلنا حينها دون أن نعرف أين القاذفات وأين المحميات الطبيعية. على المستوى التكتيكي لم تكن الاستخبارات جيدة. اليوم يتم اعطاؤنا المعلومات».
تعلموا الهجوم
ايهود اولمرت وعمير بيرتس، رئيس الحكومة ووزير الدفاع في الحكومة التي بادرت الى حرب لبنان الثانية، على قناعة أنه تم الاجحاف بحقهما: الانتقادات الشديدة التي وجهت لهما لم تكن في مكانها. عشر سنوات من الهدوء في الجبهة اللبنانية هي في صالحهم: في امتحان النتيجة هما انتصرا.
السؤال هو ما الذي يضمن استمرار الهدوء، هل هو الردع الذي تحقق في 2006، أم تورط «حزب الله» في الحرب الأهلية السورية؟ لقد تغيرت الساحة الشمالية في السنوات العشرية الاخيرة. محور ايران – سورية – «حزب الله» ضعف، حيث إن الشريك السوري كان سيسقط و»حزب الله» اضطر الى ارسال قواته الى سورية. كان الهدف الاول هو الدفاع عن نظام الاسد وعن الاقلية الشيعية، واستبدل بهدف أكثر تحديا هو محاربة منظمات الجهاد العالمي، وتحولت المواجهة العسكرية الى مواجهة دينية: الشيعة ضد السنة.
يقول نصر الله: «تدخلي في سورية ينقذ لبنان من الجهاد العالمي. ويقول خصومه، العكس هو الصحيح: تدخلك في سورية يجلب الجهاد العالمي الى لبنان. بالفعل تدور حرب بين منظمات الجهاد وبين الجيش اللبناني في شمال لبنان. هذا هو السبب الذي جعل الجيش الاسرائيلي يقلص نشاطاته في الجنوب. بقينا مع قوات «اليونفل» التي زادت من 2500 جندي الى 12000 جندي ومع «حزب الله» ايضا.
نصر الله يدفع ثمن تدخله في سورية، في لبنان. فهو يدفع ثمن فقدان القادة والمقاتلين والانتقاد الداخلي. تقلل جهات اجنبية مجال المناورة لديه: روسيا، الولايات المتحدة والسعودية، التي أوقفت المساعدات المقدمة للبنان انتقاما لتدخل «حزب الله» في الحرب لصالح الاسد. ايضا عندما يقوم باخراج قواته من سورية سيحتاج الى وقت طويل لاعادة التأهيل.
من ناحية اخرى، طور قدراته، تعلم الحرب في أطر أكبر مما في السابق، وتعلم الهجوم. زادت قوته العسكرية بشكل كبير منذ 2006 ولديه الآن عشرات الآلاف في النظامي والاحتياط.
نظرية متخذي القرارات في اسرائيل هي أن نصر الله عقلاني. حينما يقوم بحساب الربح والخسارة سيتوصل الى استنتاج أنه ليس من الجدير التحرش بنا. مع كل الاحترام للمتمردين في سورية، إلا أن محاربة الجيش الاسرائيلي شيء مختلف تماما. هذا مثل الفرق بين اللعب في دوري عندنا واللعب في دوري بطولة اوروبا، كما قال مصدر رفيع المستوى هذا الاسبوع.
لماذا، اذاً، يستثمرون الاموال في بناء عائق جديد يفصل بين المناطق الاسرائيلية وبين الجدار؟ السكان في الشمال ينظرون الى الجدار الذي يبنى قرب منازلهم ولا يعرفون ما فائدة ذلك – هل هذا يعزز الشعور بالامن أو الخوف. يتساءلون: لماذا يبنون جدار بصمت؟
الجدار هو رسالة لنصر الله. وهو يهدف الى تقليل الاغراء.
في 2006 وجدت اسرائيل صعوبة في تحديد هدفها الاستراتيجي في لبنان. وهي تجد صعوبة في ذلك الآن ايضا. مقاتلو الكسندروني سيخرجون الى الحرب القادمة ومعهم غلاف استخباري ولوجستي مُحسن. سيكونون أكثر تدريبا وتسليحا واستعدادا. هذا هو انتقام الحروب السابقة: تفرض على الجيوش تكرارها، أو على الاقل التدرب من اجل العودة اليها.
يتحدث قادة الكتائب عن عملية برية حاسمة: يدربون الجنود على ذلك. حسم ماذا؟ سألت. «نحن نواجه على المستوى التكتيكي وليس على المستوى الاستراتيجي»، قال روعي تيمور.
الكسندروني هي كتيبة احتياط. عدت والتقيت مع جنودها حينما خرجوا من اجل الاحتجاج في القدس بسبب اخفاقات الحرب، عندما تم استدعاؤهم للتدريب، في معسكر التدريب في «تساليم». استئناف التدريبات كان أحد دروس الحرب.
دخلت الى لبنان ولم يكن هناك وقت لاستبدال الملابس المدنية لألبس الزي العسكري. انضممت الى شلومي كوهين، قائد الكتيبة الذي انضم الى اللواء الذي يجلس في راس البيضا. سافرنا في دبابة من صنع الجيش الاسرائيلي «تي 55» ذات المحرك الأميركي. وما زالت الكسندروني تسير حتى الآن: إنها كتيبة الاحتياط الوحيدة المبنية على هذه الأداة الحربية.
عندما استكملنا السير كنت على المهداف لعبوتين ناسفتين: كنت المواطن الوحيد في الميدان، أوقفوا اطلاق النار فقط لأنني كنت قريبا جدا من الجندي الذي سار أمامي. والليالي التالية أمضيتها في القرية.
وفر لي التواجد في لبنان نظرة مباشرة حول الحرب وادارتها. كانت الأجواء صعبة: ضباط وجنود تحدثوا بغضب عن الاستخبارات التي خيب الآمال وعن المهام التي لم تكن وعن الوسائل الشخصية التي سُرقت وعن المؤونة التي تأخرت. القيادة العليا، من قائد اللواء وحتى هيرش فما فوق، بدت كأنها منفصلة، وأسيرة سحر شاشات البلازما.
رأس البيضا قرية جميلة تطل من فوق على موقع الامم المتحدة في الناقورة وعلى البحر، وقد كانت القرية متروكة. اشارة الحياة الوحيدة فيها كانت اعلام الدول التي شاركت في ذلك الصيف في المونديال في ألمانيا – كل بيت وعلمه الخاص. بين الفينة والاخرى وجد الجنود قاذفة صواريخ أو واجهوا خلية، وبين فينة واخرى أصيب جندي. لم تكن هناك فائدة من البقاء، لم يكن ثمة أي هدف.
عندما خرجت وصفت الواقع كما رأيه. طلبت من الحكومة الموافقة على وقف اطلاق النار. وما حققناه، حققناه وما لم نحققه لن نحققه. اختارت الحكومة الاستمرار في المناورة البرية عدة ايام اخرى، والامور معروفة.
بعد تحرر جنود الكسندروني أقاموا خيمة اعتصام في حديقة الورود أمام مقر الحكومة. أحد المحتجين كان يارون لور، قائد في الكتيبة. «نحن في ازمة ثقة مع المستوى الاعلى»، قال لمراسل «هآرتس». «لا يوجد هنا تمرد، لكنني لست على استعداد لتعريض جنودي مرة اخرى للخطر مع عتاد غير كاف».
في اليوم التالي وفي مقابلة اخرى تغيرت اللهجة. «فقدنا الاطار المناسب قليلا»، قال، «دخلنا في دوامة. لن نسامح الجيش – سنطالب بالاجابات، ولكن محظور أن يروا الاهمال والامور السيئة فقط».
احتجاج المقاتلين كان مصمما. ولكن من الخيمة التي أقاموها في حديقة الورود خرجت رائحة قوية للخداع السياسي. تدفقت الاموال مثل المياه: مصادرها كانت خفية. اصحاب علاقات عامة وسياسيون سيطروا على الرواية: لم تكن اخفاقات الحرب تهمهم بل فرصة تغيير الحكومة بضغط من الشارع. كان نتنياهو على صلة بالأمر وكذلك بينيت. ومقاتلو الكسندروني كانوا أدوات في أيديهم.
يدفعون بالدم
يارون لور هو الآن نائب جنرال، وقائد فرقة الاستطلاع لالكسندروني. التقينا، الثلاثاء الماضي، في مقر قيادة الكتيبة في عين الزيتون قرب صفد. وشارك في اللقاء ضباط الكتيبة: قائد الكتيبة وهو عقيد في الجيش النظامي، وقد طلب عدم الكشف عن اسمه وثلاثة مواطنين في الاحتياط – نائب قائد الكتيبة وضابطان رفيعا المستوى. شارون غات، نائب قائد الكتيبة، صاحب شركة «كليفر 3» التي تقدم التأهيل العسكري لجهات في البلاد وفي العالم، دوره في الكسندروني يتم ابرازه في دعاية الشركة. روعي تيمور روسو، شقيق الجنرال طل روسو بالتبني، أقام ستارت آب باسم «فرينج» الذي بيع للشركة الأميركية مقابل 50 مليون دولار. وهو يستمر في ادارة طاقم الشركة في اسرائيل.
إنهم الآن في الاربعينيات من اعمارهم، وهذا هو العمر المناسب لدخول الاعمال والتطور اقتصاديا. ورغم ذلك، يخصصون 50 – 70 يوما في العام للجيش ولا يشتكون من الاجحاف.
«جميعنا هنا مدربون»، قال تيمور، «عندما أكون في الاحتياط تكون أذن على الهاتف للشركة وعندما أكون في الشركة تكون أذن على الهاتف للكتيبة».
كتائب الاحتياط في الجيش ترتبط الآن بالكتائب النظامية، الكسندروني تستقبل جنوداً فقط من غولاني، من الكتيبة 51، ومن كتيبة الاستطلاع. يأتي النظاميون لمقابلة شخصية في كتيبة الاحتياط قبل تسرحهم بأسبوع، إنهم يعرفون أين سيوضعون ومع من سيخدمون: إنهم على صلة. في السنة الاولى يتركونهم: في جميع الاحوال هم على الطريق، في جنوب أميركا أو الهند. بعد ذلك يتم استدعاؤهم من اجل التدريب أو العمل. من المفروض أن تحارب الكتيبة في لبنان.
ما الذي تغير من حرب 2006؟ سألت.
«ثلاثة أشياء تسببت في خروجنا السيئ الى الحرب في لبنان»، قال قائد الكتيبة. «الاول، مشكلة في الاستعداد – بالوسائل وبالتدريب. كان هذا هو الامر الأقل أهمية. الثاني، لم نحصل على مهام واضحة، وأهم شيء أنه كانت هناك مشكلة ثقة. ما هي الثقة؟ أنا كمرؤوس أنقل لرئيسي الشعور بأنني قادر على تنفيذ كل مهمة، ورئيسي ينقل لي الشعور بأنني محمي في جميع الاحوال».
«كنت في لقاء ارشادي لدى غال هيرش اثناء الحرب»، قال شارون غات، نائب قائد الكتيبة، «كان هذا غريبا، لا أفهم ماذا يقول. هل يمكنكم أن تفسروا لي؟ رئيسي قال أنا ايضا لا افهم».
«كانوا قادة كتائب واعتقدوا أنهم وزراء دفاع. لم يقودوا الجنود، ولم يتحدثوا مع القادة. اليوم عدنا لنكون جيش الماضي، جيش آبائنا، جيشا بسيطا، حيث إن القادة يعطون الجنود الاوامر البسيطة».
«يبدو لي أن الدرس قد فُهم في الأعلى»، قال يارون لور، الذي هدد في 2006 بعدم اخراج جنوده في الحرب القادمة. «هناك تحسن. الاوامر واضحة، ليس هناك عدم يقين ونحن نتدرب كثيرا».
طلبت منهم تعريف المهمة.
«ستكون معركة اخرى مع (حزب الله)»، قال روعي تيمور. «التقدير هو أن الحرب ستبدأ في اراضينا. قوة تابعة لحزب الله ستجتاز الحدود وستكون النتيجة عملية متدحرجة وليس بالضرورة حرباً تتم المبادرة إليها».
«مشاركة (حزب الله) في حرب سورية تغير من طبيعة الحزب»، قال قائد الكتيبة، «لقد أصبح أقرب الى الجيش منه الى منظمة عصابات. فهو يقوم بتطوير نظرة هجومية بدل النظرة الدفاعية. سيكون هدفه هو الوصول الى الاراضي الاسرائيلية وقتل أكبر عدد من الجنود».
«أقول لجنودي إنه سيكون لنا قتلى على الحدود»، قال روعي تيمور، «أريد أن يفهموا أن ثمن الحرب يُدفع بالدم. عندما يشاهدون المصاب الاول، والقتيل الاول فلن يفاجؤوا».
إنه على قناعة أن عملية برية واسعة ستتم في لبنان. «نحن نستعد للحسم في المناورة»، قال، «ستلقى المهمة على طاقم حربي مزدوج للمشاة والمدرعات. لذلك نحن نتدرب على مناورة عنيفة».
«ستكون معركة متعددة»، قال قائد الكتيبة، «ستكون الاستخبارات أفضل كثيرا مما كانت عليه في 2006. لقد دخلنا حينها دون أن نعرف أين القاذفات وأين المحميات الطبيعية. على المستوى التكتيكي لم تكن الاستخبارات جيدة. اليوم يتم اعطاؤنا المعلومات».
تعلموا الهجوم
ايهود اولمرت وعمير بيرتس، رئيس الحكومة ووزير الدفاع في الحكومة التي بادرت الى حرب لبنان الثانية، على قناعة أنه تم الاجحاف بحقهما: الانتقادات الشديدة التي وجهت لهما لم تكن في مكانها. عشر سنوات من الهدوء في الجبهة اللبنانية هي في صالحهم: في امتحان النتيجة هما انتصرا.
السؤال هو ما الذي يضمن استمرار الهدوء، هل هو الردع الذي تحقق في 2006، أم تورط «حزب الله» في الحرب الأهلية السورية؟ لقد تغيرت الساحة الشمالية في السنوات العشرية الاخيرة. محور ايران – سورية – «حزب الله» ضعف، حيث إن الشريك السوري كان سيسقط و»حزب الله» اضطر الى ارسال قواته الى سورية. كان الهدف الاول هو الدفاع عن نظام الاسد وعن الاقلية الشيعية، واستبدل بهدف أكثر تحديا هو محاربة منظمات الجهاد العالمي، وتحولت المواجهة العسكرية الى مواجهة دينية: الشيعة ضد السنة.
يقول نصر الله: «تدخلي في سورية ينقذ لبنان من الجهاد العالمي. ويقول خصومه، العكس هو الصحيح: تدخلك في سورية يجلب الجهاد العالمي الى لبنان. بالفعل تدور حرب بين منظمات الجهاد وبين الجيش اللبناني في شمال لبنان. هذا هو السبب الذي جعل الجيش الاسرائيلي يقلص نشاطاته في الجنوب. بقينا مع قوات «اليونفل» التي زادت من 2500 جندي الى 12000 جندي ومع «حزب الله» ايضا.
نصر الله يدفع ثمن تدخله في سورية، في لبنان. فهو يدفع ثمن فقدان القادة والمقاتلين والانتقاد الداخلي. تقلل جهات اجنبية مجال المناورة لديه: روسيا، الولايات المتحدة والسعودية، التي أوقفت المساعدات المقدمة للبنان انتقاما لتدخل «حزب الله» في الحرب لصالح الاسد. ايضا عندما يقوم باخراج قواته من سورية سيحتاج الى وقت طويل لاعادة التأهيل.
من ناحية اخرى، طور قدراته، تعلم الحرب في أطر أكبر مما في السابق، وتعلم الهجوم. زادت قوته العسكرية بشكل كبير منذ 2006 ولديه الآن عشرات الآلاف في النظامي والاحتياط.
نظرية متخذي القرارات في اسرائيل هي أن نصر الله عقلاني. حينما يقوم بحساب الربح والخسارة سيتوصل الى استنتاج أنه ليس من الجدير التحرش بنا. مع كل الاحترام للمتمردين في سورية، إلا أن محاربة الجيش الاسرائيلي شيء مختلف تماما. هذا مثل الفرق بين اللعب في دوري عندنا واللعب في دوري بطولة اوروبا، كما قال مصدر رفيع المستوى هذا الاسبوع.
لماذا، اذاً، يستثمرون الاموال في بناء عائق جديد يفصل بين المناطق الاسرائيلية وبين الجدار؟ السكان في الشمال ينظرون الى الجدار الذي يبنى قرب منازلهم ولا يعرفون ما فائدة ذلك – هل هذا يعزز الشعور بالامن أو الخوف. يتساءلون: لماذا يبنون جدار بصمت؟
الجدار هو رسالة لنصر الله. وهو يهدف الى تقليل الاغراء.
في 2006 وجدت اسرائيل صعوبة في تحديد هدفها الاستراتيجي في لبنان. وهي تجد صعوبة في ذلك الآن ايضا. مقاتلو الكسندروني سيخرجون الى الحرب القادمة ومعهم غلاف استخباري ولوجستي مُحسن. سيكونون أكثر تدريبا وتسليحا واستعدادا. هذا هو انتقام الحروب السابقة: تفرض على الجيوش تكرارها، أو على الاقل التدرب من اجل العودة اليها.
يتحدث قادة الكتائب عن عملية برية حاسمة: يدربون الجنود على ذلك. حسم ماذا؟ سألت. «نحن نواجه على المستوى التكتيكي وليس على المستوى الاستراتيجي»، قال روعي تيمور.