كيف تصبح "داعشياً" فى سبع خطوات

thumbgen (52)
حجم الخط
 

من أين أتى كل هؤلاء «الدواعش»؟ وكيف أمكن توفير هذا العدد الكبير من الإرهابيين والانتحاريين، الذين يستطيعون الضرب فى اسطنبول، والمدينة المنورة، وبروكسل، وسيناء، وباريس، وسوريا، والعراق فى أوقات متزامنة؟

إنها «الإنترنت»؛ إذ توفر شبكة المعلومات الدولية فرصة سهلة ومتكاملة لإنتاج «الدواعش»، وقد أصبحت عمليات التجنيد الأساسية لضم أفراد جدد لهذا التنظيم الإرهابى تنطلق من مواقع التواصل الاجتماعى.

تفيد البحوث التى أجراها المركز الدولى لدراسات الحركات الراديكالية، ومقره بريطانيا، أن مواقع التواصل الاجتماعى باتت مصدراً أساسياً للتجنيد والإلهام والمعلومات لعدد كبير من الإرهابيين.

ونتيجة للدراسات التى أجريت على نحو 190 مقاتلاً أجنبياً انضموا لـ «داعش» فى سوريا والعراق، اتضح أن 80% منهم تم تجنيدهم عبر تلك المواقع.

لكن كيف يتم تجنيد «الدواعش» عبر «الإنترنت»؟

من جانبى، سأسعى فى السطور المقبلة إلى محاولة شرح الخطوات التى يتبعها ناشطو «داعش»، لاستقطاب مجندين جدد، عبر وسائط التواصل الاجتماعى، استناداً إلى متابعة دقيقة لبعض تلك المواقع، وما يرشح من شهادات المتفاعلين معها.

تتجسد الخطوة الأولى فى «البحث»؛ إذ تقوم العناصر الفعالة فى «داعش» بعمليات بحث واسعة عبر المواقع والحسابات والمنتديات، لتصطاد مستخدمين يظهر من أقوالهم والمواد التى يبثونها أنهم مؤهلون للتجنيد.

إن الشعور بالنقمة والتهميش والعزلة واليأس والإحباط كلها عوامل تعزز الاختيار، كما أن اتخاذ موقف معارض قوى ضد النظم الحاكمة، والميل الدينى، عاملان مهمان.

أما الخطوة الثانية، فيمكن تسميتها بخطوة «الفرز»، إذ يتم التأكد من هويات هؤلاء المستخدمين عبر وسائل تقنية، ومن خلال تحليل محتوى مساهماتهم. وفى تلك الخطوة أيضاً يتم تنقية المرشحين، بحيث تكون هناك قوائم قصيرة يحظى المتواجدون فيها بتركيز التنظيم واهتمامه. وحين يقع الاختيار على بعض هؤلاء المستهدفين، تبدأ الخطوة الثالثة، والتى تتمثل فى «الاختبار»؛ إذ يتم تصميم اختبارات معينة، لضمان أهلية هؤلاء المرشحين للانضمام إلى «داعش». وتعتمد تلك الاختبارات على توجيه أسئلة معينة، تتصل بمدى استعدادهم للانخراط فى «حياة الجهاد»، وصلابة مواقفهم إزاء مجتمعاتهم وأنظمة الحكم فيها.

ومن بين ما رشح عن مرحلة الاختبار الكثير مما أدلى به بعض الهاربين من تنظيم «داعش»، خصوصاً من البريطانيين والشيشانيين، فضلاً عما أوضحته صحفية فرنسية ألفت كتاباً عن تجربة خاضتها كمرشحة للتجنيد من قبل التنظيم.

وتتعلق الخطوة الرابعة فى هذا الصدد بعملية «التأويل»؛ إذ يقوم العنصر «الداعشى» المكلف بتجنيد العناصر الجديدة بتأويل الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، بشكل يلوى معانيها، ويجعلها مواتية للتفكير «الجهادى»، كما يقوم بتأويل مواقف الدول والجماعات والتنظيمات المعادية للتنظيم، بشكل يشيطنها جميعاً، ويضمن ولاء كاملاً من قبل المرشح للتجنيد.

فى تلك الأثناء، يكون العنصر المستهدف قد أصبح جاهزاً لتلقى العرض؛ وهى الخطوة الخامسة المتعلقة بـ «التجنيد»؛ إذ يطلب مسؤول التجنيد منه الانضمام إلى «الدولة الإسلامية»، وقد تترافق تلك الخطوة مع وعود وإغراءات مالية وجنسية ومعنوية، بحسب شخصية المستهدف. تتعلق الخطوة السادسة بعمليات «التأهيل والتدريب» اللازمة لتعزيز قدرات العنصر على التعامل مع السلطات والأجهزة الرسمية، وتلقينه بالتعليمات الأمنية المختلفة، فضلاً عن التدريب التخصصى الذى يتعلق بالمجال الذى سيعمل فيه، أو الخطط التى يجب أن يشترك فى تنفيذها.

وتأتى الخطوة السابعة؛ وهى خطوة «التكليف»، ليتم إخطار العنصر المستهدف، الذى جرى تجنيده، بالمطلوب منه تحديداً، وقد يكون المطلوب هو السفر إلى سورية، للانضمام إلى التنظيم مباشرة، أو القيام بمهام فى المكان الذى يعيش فيه، أو الذى يسهل أن ينتقل إليه.

يتضح من هذا العرض أن تلك العملية متكاملة بما يكفى لكى تُفعل استراتيجية استقطاب وتجنيد وتعبئة وتجهيز وتدريب وتنفيذ شبه تامة، كما يتضح أيضاً أن الحرب مع «داعش» أصعب من أن نكسبها، من دون أن نفقده ورقته الرابحة.. «الإنترنت».

عن المصري اليوم