هل توجد زينة معينة للمرأة القوية؟ تعتمد بعض النساء على أساور براقة، بينما تصر أخريات على زوج مميز من الأحذية، أو تصميم معين لإحدى البدل. لكن لاريا ألبير-غلانستايتن، رئيسة الاتصالات والعلامة التجارية بشركة السيارات الفاخرة "فيراري" بإيطاليا، ترتدي وشاحاً بسيطا كعلامة مميزة لها.
تقول غلانستايتين، التي تدفع 700 دولار لشراء الأوشحة التي ترتديها، والمصنوعة من الحرير أو الصوف أو الباشمينا: "في العالم الذي أعيش فيه، عالم الأزياء والفخامة، يعد ارتداء ما يوحي بأنني على اطلاع ومعرفة بما يدور حولي أمرا في غاية الأهمية."
لماذا الأوشحة، ولماذا الآن؟ من ناحية، تتخذ النساء نهجاً أكثر مراعاة لأسلوب الشركات والمؤسسات التي يعملن بها، كما تقول دونا لوفداي، المنسقة المشاركة لمعرض "ومين فاشون باور" ( أو قوة أزياء المرأة) في متحف التصميم ديزاين ميوزيم في لندن.
الأوشحة أكثر ظهوراً على أعناق النساء في مجالس الإدارة، والمقرات الرسمية، والمكاتب كطريقة للتعبير عن الشخصية. من بين النساء ذوات النفوذ اللواتي يرتدين الوشاح بشكل معتاد كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، وعمدة باريس آن هيدالغو.
أحياناً يبوح الوشاح غالي الثمن بالوضع الاقتصادي لمن ترتديه.
تقول لوفداي: "اعتادت النساء أن يرتدين الملابس التي تسهل امتزاجهن في بيئة الشركات التي يغلب عليها الرجال في العادة. الآن، النساء لسن بحاجة للتنكر أو التخفي لطمس أنوثتهن."
من بين اللواتي عُرضت أزياؤهن في المعرض السيدة وي صون كريستيانسون، المديرة التنفيذية المشاركة بشركة مورغان ستانلي، فرع آسيا والمحيط الهادي، ومقرها في بكين.
وتقول لوفداي: " تتبوأ وي صون كريستيانسون منصباً رفيعاً جداً، وهي تعشق ارتداء الوشاح. بالنسبة لها، تعتبر قطعة من المجوهرات التقليدية أو وشاحاً زاهي الألوان طريقة للتعبير عن شخصيتها. تماماً كما هو حال رابطة العنق بالنسبة للرجل، التي تعتبر وسيلة للتعبير عن جوانب معينة في شخصيته."
ليس من المألوف أن يلقي الرجل خطاباً وهو يرتدي وشاحاً. ربما كان ذلك سبب موجة التعليقات التي انهالت على وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس بسبب حضوره جلسة مباحثات طارئة حول ديون بلاده بينما كان يرتدي حول عنقه وشاحاً من ماركة باربري، بدلاً من رابطة عنق.
لكن هيدالغو، عمدة باريس، لا تواجه النقد ذاته. تقول لوفداي: "عادة ترتدي (هيدالغو) معطفا قاتم اللون، وبنطالا، لكن لديها تشكيلة من الأوشحة من الحرير أو الصوف، ودائماً تستخدم الوشاح لتشعر نفسها بالثقة والقوة."
وشاركت أيضاً في ذلك المعرض دكتور جينيفيف بيل، نائب رئيس معامل "انتل" في أوريغون بالولايات المتحدة،. وقالت لمنظمي المعرض: "عندما ألج إلى قاعة لإلقاء كلمة، وعادة ما تكون القاعة ممتلئة بالرجال، لا أرتدي ملابس تجعلني أتلاءم معهم، ولكن أضع ملابس تميزني عنهم."
ما الذي يفعله الوشاح
هل يمكن للزينة المختارة بذكاء أن تساعدك في حياتك المهنية؟ وكيف لك أن تتأكد من أن ما ترتديه حول عنقك يوصل الرسالة الصحيحة لمن يراك؟ بداية، يلفت الوشاح الانتباه إلى وجهك، وهذا ما تؤكده دكتور كرويلين ماير، عالمة النفس في كلية لندن للأزياء.
وتضيف: "أظهرت الأبحاث أن النساء ينظرن إلى وجوه الأشخاص الذين يتعاملن معهم، لكن الرجال لا يفعلون ذلك كثيراً، ويساعد الوشاح على جذب انتباه الرجال إلى الوجه، وبهذه الوسيلة تتمكن من التواصل بشكل أفضل."
الزينة البراقة من شأنها كذلك أن تضفي بهاء على الملابس القاتمة التي ترتديها النساء عادة في أماكن العمل. تقول ماير: "الوشاح يضفي ضوءا على لون الملابس، ويخفف من حدة قتامتها، وسواء أعجبنا ذلك أو لا، فإن ظهور المرأة بشكل جذاب له إيجابيات كثيرة، فنحن نتخذ في خلال لحظة واحدة قرارنا بشأن ما إذا أعجبنا شخص ما أو لم يعجبنا."
وتتابع: "لذا، إن تمكنا من جذب الانتباه إلى شيء براق قريب من الوجه الذي يحمل معالم شخصية الإنسان، فسوف ينظر الشخص الذي يتحدث معنا إلينا على أننا أكثر جاذبية، ويبدي اهتماما أكبر لما نقول."
وتضيف: "الأشخاص الجذابون دائما ينظر اليهم على أنهم أكثر صدقاً، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هذا الرأي."
تحليل قواعد الزي
ويحمل كل اختيار للزي معنى معين. يتضح ذلك عندما تفكر في أحد المشاهير المعروفين بارتداء نظارة باتت تحمل بصمته الشخصية، أو في مسؤول معروف بارتداء رابطات العنق المقوسة، أو ما يعرف بالتوكسيدو.
"كل قطعة من الملابس تعادل كلمة في جملة،" كما تقول ميريلا زاناتا، المديرة المشاركة للبرامج في شركة "كوربوريت كلاس" الاستشارات في تورنتو بكندا.
وتضيف زاناتا التي تشغل أيضاً منصب رئيس الفرع الكندي لإحدى شركات الاستشارات العالمية: "إن ارتداء الوشاح المناسب بطريقة صحيحة يجعلك تبدين إنسانة أنيقةً تنتقى ملابسها بعناية."
ومن المثير للدهشة، توجد أيضاً علاقة بين الملابس وبين طريقة الأداء. تقول ماير: "عندما تعتقد أن لباساً معيناً له علاقة بشخص تكن له الإعجاب، فإن ذلك يشحذ قدراتك الذهنية."
وقد توصلت دراسة نشرت عام 2012 وعرفت باسم "دراسة معاطف المختبرات"، إلى أن الأشخاص الذين اعتقدوا أن المعطف الذي يرتدونه يعود إلى أحد الأطباء، كان أداؤهم في اختبارات التركيز أفضل من الذين ارتدوا معطفاً يعود لأحد عمال دهان المنازل، على سبيل المثال.
وبالنسبة للنساء اللواتي لا يملكن سعة من المال، يعتبر ارتداء الوشاح الفاخر وسيلة للتعبير عن طموحاتهن الأنيقة. فوشاح من ماركة "هيرمز" (Hermes) على سبيل المثال يباع بنحو 450 دولار على موقع الشركة.
تقول زاناتا: "إذا رأيت امرأة ترتدي وشاحاً من ماركة هيرمز فمعنى ذلك أنها امرأة ناجحة، وإلا لما استطاعت أن تشتريه."
المسموح والممنوع
وتنصح زاناتا التي تملك حوالي 50 وشاحاً، بأن يكون لديك خبير أو صديق مخلص ليساعدك في اختيار الأشكال التي تلائم لون بشرتك.
وتقول: "اللون الصحيح يجعلك تبدو بصحة جيدة، ومرتاح، ونابض بالحياة. إذا كنت نحيفة، فاختاري نسيجاً ناعماً وخفيفاً، مثل الحرير أو الكشمير أو الكتان. ستبدو هذه الأوشحة جميلة، حيث تتثنى وتنسدل بطريقة أفضل. وفقي أيضا بين ما ترتدينه من ملابس وبين المكان الذي تعملين فيه. فارتداء وشاح متهدل يوحي بأنك تشعرين بالراحة، وأنك سهلة المخالطة."
وتضيف بأن هذه الطريقة في الملبس ملائمة جداً في بيئة العمل الخالية من التوتر كمجال تكنولوجيا المعلومات. لكن في بيئة الشركات الأكثر رسمية، فالأفضل ألا يكون الوشاح متهدلاً أو مسترخياً. "عندما أكون مع مسؤول كبير في شركة، أفضل أن أرتدي وشاحاً مع معطفي، ولكن ليس مع بدلتي، إلا إذا كان الوشاح حريرياً يلبس تحت الملابس."
وإذا كنت تفضلين ارتداء وشاح لامع كالذي ترتديه كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، فعليك بالتفكير ملياً قبل أن تقلدي مظهرها، خصوصاً خارج القارة الأروبية.
تقول زاناتا: "غالبية النساء يحاولن الحصول على مصداقية ونفوذ، لكن وشاحاً كبيراً يبدد هذا الهدف ولا يصلح لهذه الغاية."
الأهم من كل ما سبق هو أن تختاري شيئاً تحبينه ويجعلك تشعرين بالثقة. تقول غلانستايتين إن وشاحها المفضل حالياً هو الوشاح المرح، الذي يحمل صور للكلاب. وتضيف: "كلما أرتديه أتلقى الثناء من الناس، إنه وسيلة رائعة للبدء في الحديث، ويضفي عليك حيوية وبهاء."