كل جيش وطغمته، وطغمتنا – شكراً للرب وتبارك اسمه – هي طغمة حاخامين مقتنعين بأن من حقهم التحكم بوعي الجيش الإسرائيلي وغرس أنماط "الهلاخا" اليهودية، بعماها وعقمها فيه.
المؤسسة السلطوية العتيقة، التي نجت من تغييرات الحداثة وبقيت على حالها، حتى وإن كان بشكل غير رسمي، تنكشف في الأيام الأخيرة بكامل بهائها المشكوك فيه مع صدور أمر تعيين إيال كريم، الحاخام العسكري الرئيس، ونشر أقواله في الماضي ضد النساء، الأقليات، والأسرى.
وهكذا مثلا قال الحاخام شلومو أفينر، من قادة الصهيونية الدينية والذي كان عين في الماضي كريم رئيسا للكلية العسكرية التمهيدية: "التشهير بالحاخام كريم هو تشهير كريه: فكل شخصية عامة تعين تقوم على الفور ذبابات القمامة التي تعشق القذارة كي تشهر بها. وها هم لم يجدوا ضده أي شيء، غير كذبهم الحقير، ما يدل على أن كل ما تبقى على ما يرام".
شرح الحاخام إسرائيل فايس، الحاخام العسكري الرئيس السابق، أقوال كريم بكلمات: "أعتقد أن هذه التصريحات هي للمدرسة الدينية، لتلميذ ذكي يجلس ويعنى بشؤون التوراة".
العقيد احتياط الحاخام موشيه هاغر، رئيس الكلية العسكرية التمهيدية "يتير"، ادعى بأن "تعيين الحاخام العسكري الرئيس ممتاز، فهو رجل الهلاخا وتلميذ ذكي، مقاتل وقائد على حد سواء... والهجوم على تعيينه ينبع من دوافع هامشية، من أناس لا يفهمون احتياجات مقاتلي الجيش الإسرائيلي".
الحاخام زئيف شارون، رئيس الكلية العسكرية التمهيدية "أرز لبنان" في شيلو، يعتقد بأنهم "يحاولون مهاجمة الحاخامية والصهيونية الدينية ... فهم يفهمون بأنه يوجد هنا أناس طيبون يربون على التجنيد والمساهمة بتفاني الروح... ثمة أناس يشعرون بأنهم مهددون من هذه القوى... ولكنهم لن ينجحوا في عرقلة التعيين".
واختتم الحاخام اليشع فيشلتسكي بالقول: "مهاجمو الحاخام كريم لا يميزون بين الخير والشر".
الحاخامون رفاق كريم لم يأتوا فقط للتهنئة فقد ظهروا شاتمين وسابين، بل جسدوا بأقوالهم استخفافهم بأولئك "الجهلة" الذين لا يعرفون كيف يميزون ويفرقون بين أقوال التوراة التي قيلت في المدرسة الدينية وبين الواقع في ميدان المعركة.
حجتهم الأساس هي أن أقوال كريم أخرجت عن سياقها، وأن التقارير عن أفكاره الهاذية فهمت بشكل غير صحيح من الصحافيين وذوي المصالح العلمانية الذين يخافون من السيطرة الدينية على الجيش.
إن حجج أولئك الحاخامين ترسم حدود "نحن محقون" و"هم مخطئون" للجمهور الديني – القومي، وتتسلل عميقا إلى فهم واقع الجنود، القادة، والأهالي.
وهم يعرفون جيدا، تماما مثل الموالين لهم، بأن الناس يأتون إلى المدرسة الدينية كي يمتصوا الأفكار، ويعمقوا ويطوروا الإيمان، وأن تفسيراتهم للأحكام العتيقة مثل "المرأة ذات الحسن" هي تفسيرات ذات مغزى أكبر من مجرد بوست مصادف لمراقب سينما أو مغني هب هوب ما.
فهم مربون ومصممو طريق، وهم يقولون أقوالهم في المدارس الدينية وخارجها، بهدف التأثير على المجتمع.
غريب بعض الشيء أن يكون حاخامو الصهيونية الدينية بالذات، المتقدمة ظاهرا، غير مستعدين لأخذ المسؤولية والتنكر لتفسيرات كريم المرتبطة بالنساء، الأقليات، والأسرى، بل يتهمون بالجهل من تجرأ على أن يفهم بقواه الذاتية النصوص المتخلفة التي انقضى زمنها.
يخيل أن الزعماء الروحيين للجمهور الديني القومي تلقوا أمرا إلهيا وسارعوا إلى الوقوف إلى جانب رفيقهم ليس فقط ليحموه بل ليحموا أنفسهم إيضا.
وعلى الطريق، فإن الإسرائيلي العلماني، ذاك الذي لا يؤمن بالرب أو بالحق المطلق لرسله على الأرض، أخرجوه من الجمهور.
في أفضل الأحوال هو رضيع أسير وفي أسوأ الأحوال مجرد ذبابة قمامة.