فشل الانقلاب سيعزز مكانة أردوغان سياسياً

17d3019137
حجم الخط

جاء بيان الانقلاب العسكري على نحو مفاجئ، لأن الافتراض كان أن اردوغان نجح في هزيمة الجيش وفي ادخال العديد من الضباط إلى السجن، بمن فيهم الجنرالات الذين اشتبه بأن من شأنهم ان يقوموا بالضبط بمثل هذا الانقلاب، وهم لا يزالون في السجون، وعليه فقد كان الافتراض أن الجيش لم يعد قادرا على الوقوف ضده.
ولكن حصل هذا مع ذلك، والسؤال هو لماذا وكيف، وحسب احدى الروايات، فانه باستثناء جنرالين كبيرين، فان الانقلابيين هم بالاساس ضباط في الرتب العسكرية المتوسطة، من مؤيدي رجل الدين المنفي، فتح الله غولن، الذي يسكن في الولايات المتحدة. لقد كان غولن حليفا لاردوغان في بداية عصر الحكم الاسلامي، قبل نحو 15 سنة، ولكن بعد بضع سنوات حدث انشقاق بينهما.
اسلام غولن هو تركي مع مزايا قومية حديثة وليس متطرفا، ومقارنة به يمثل اردوغان اسلاما متطرفا للغاية، يشبه اسلام "الاخوان المسلمين" في مصر. وحتى العلاقات الشخصية فيما بينهما وصلت الى الازمة، وعلى مدى السنين بقيت هناك خصومة شخصية بين الزعيمين.
برأيي، هذا الفهم، الذي يقول ان جزءاً من الضباط هم من رجال غولن وهم الذين بدؤوا الانقلاب، هو فهم مغلوط. فقد التقيت رجال غولن في الولايات المتحدة، وكانوا دوماً يخافون من الجيش. ولا يزال لهم تأثير، ولكن فقط في الدوائر المدنية.
وحسب المؤشرات حتى الآن، يخيل لي ان من المعقول اكثر قبول رواية مختلفة تقول ان هذا تمرد من المراتب المتوسطة في الجيش، من داخل الجيش نفسه. فقد نجح اردوغان في أن يستبدل الشريحة العليا من الضباط برجال من مؤيديه، ولكنه لم ينجح في تطهير الجيش من الاساسات العلمانية، من المحبين والمعجبين بأتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة. ويدور الحديث عن عدد كبير جدا من الضباط، ممن يرون في الأسلمة التي ادخلها اردوغان خيانة لتراث اتاتورك.
إن فشل التمرد سيجلب بالضرورة مبادرات اخرى من اردوغان لتعزيز مكانته السياسية على حساب القيم الديمقراطية التركية.
ان هدف اردوغان هو تحويل النظام البرلماني القائم اليوم في تركيا الى نظام رئاسي مثلما في الولايات المتحدة وفي فرنسا. وهذا نظام يمنح الرئيس قوة أعظم بكثير. كما يمكن الاعتماد على أن يحاول اردوغان ادخال تغييرات في الدستور تمنحه قوة اكبر حتى من قوة الرئيس الأميركي، في المادة التي تعنى بصلاحيات الرئيس.