سيواصل نتنياهو الاحتفال طالما المعارضة متشرذمة

25-2
حجم الخط

كان شيء يهز المشاعر في تراشق الكلام بين رئيس الوزراء، وزير الخارجية، الاقتصاد، الاتصالات والتعاون الاقليمي، وبين النواب الذين حصلوا، الاثنين الماضي، على الفرصة النادرة لطرح أسئلة على رئيس الوزراء، وزير الخارجية، وزير الاقتصاد، وزير الاتصالات والتعاون الاقليمي.
ظاهرا، حصل النواب على فرصة لفعلوا ما امتنع عنه رئيس الوزراء بشكل منهاجي: عقد نوع من المؤتمر الصحفي الطويل، الذي يجري فيه نقاش حقيقي، وزعيمنا الذي يكاد يكون مطلق القوة ويطالب بان يرد بجدية على أسئلة لاذعة. هذا ليس ما حصل. عمليا، ما كان في الكنيست كان هزيلا وأكثر ضعفا بلا قياس مما يمكن لكل صحافي جدي أن يقدمه.
الضعف والبؤس بديا واضحين ايضا في اعتداد نتنياهو. فقد كان واثقا بنفسه تماما. مرتاحا، مبتهجا، وللحظة لم يشعر بان احدا ما او شيئا ما في القاعة يهدده. بل انه ابطل بود كل محاولات رئيس الكنيست، يولي ادلشتاين، لحمايته من التهديدات الخيالية. اما بيبي فلم يحتج الى الحماية. الحماية ممن؟ ممَ؟
الوضعية كانت تشبه لقاء بين ايال غولان وتلاميذ المدرسة على اسم بيرل كتسنلسون في كريات آتا. التلاميذ منفعلون، مشوشون، يريدون ان ينتبه النجم اليهم. هنا وهناك يوجد كهؤلاء ممن هم متحمسون ليظهروا كمن يتجاسرون على طرح أسئلة صعبة. التلميذ الجريء: ماذا تقول عن فوتموبيل؟ النجم: هراء في مرقة بندورة. آه. حسنا. أرأيتم كيف سألتم؟ أصورتم؟ فزت.
ما برز أكثر من أي شيء آخر هو عدم قدرة المعارضة على الاستعداد كما ينبغي، في ظل التعاون. ولما كان كل واحد من السائلين حصل على ثلاث دقائق فقط، فقد ترك النقاش نتنياهو مع القدرة على الرد المتواصل على المحاولات الهزيلة لـ «ضرب الخبير». كان على المعارضة أن تستغل الفرصة لحشر رافض الاسئلة متعدد الحقائب في الزاوية.
في الوضعية التي نشأت كان يجدر بنواب المعارضة أن يوزعوا العمل فيما بينهم: ان يقرروا موضوعا أو اثنين مهمين في نظرهم، بدءاً من حقيقة ان نتنياهو يواصل الاحتفاظ بهذا القدر الكبير من القوة (أي الحقائب)، لهذا القدر الطويل من الزمن، عبر الجمود السياسي ودوره في خلق الانقسام الاجتماعي العميق في اسرائيل، وانتهاء بالسلوك الشخصي للزعيم الغالي (بكل المعاني)،وان يتمسكوا بها الى أن يحصلوا على جواب جدي.
ليس أي من المواضيع التي لا يعالجها رئيس الوزراء وهلمجرا، او يعالجها بشكل سيء، يمكن أن يستنفد في ثلاث دقائق. وبدلا من جملة انتقائية من الاسئلة المتنوعة كان ينبغي الانتظام بحيث يسأل السائل التالي سؤالا متواصلا، يستند باكبر قدر الى المعطيات. هذا ما كان لصحافي جدي أن يفعله. لا بأس الا تغطى كل المواضيع التي في العالم. ويتم التركيز على ما هو مهم وعدم التخلي الى أن يتم الحصول على أجوبة.
كان يمكن البحث مثلا بشكل منهاجي، وزارة وزارة، في أداء نتنياهو في الوزارات التي يتبوأها ولا سيما كي لا يتخلى عن صلاحياته. اذا لم تكن هناك حاجة لوزراء في هذه الوزارات، فلماذا توجد؟ كان يمكن البحث في تعميق الصدوع الاجتماعية في اسرائيل والتي يتغذى منها نتنياهو ويغذيها، بالعمل (المكالمة الهاتفية الفضائحية مع والدي الجندي اليئور ازاريا) وبالقصور (انعدام الرد او الردود الهزيلة والمتأخرة على مظاهر الكراهية والعنصرية من اليمين). كان يمكن البحث، في ظل عرض المعطيات، في الاهمال المنهاجي للوسط العربي في اسرائيل، في الوعود الكبيرة وفي الافعال الصغيرة. كان يمكن البحث في السلوك الشخصي لنتنياهو وابناء عائلته. كل هذه المواضيع جديرة باسئلة لاذعة. اما في النقاش في الكنيست فقد ظهرت للحظة واختفت في لحظة.
لماذا سارت الامور على هذا النحو؟ ليس فقط لانه لا يوجد في المعارضة زعيم واحد يتحد الجميع خلفه، بل وايضا لان رجالها غير قادرين على أن يتحدوا حول مشاكل مشتركة وان يخوضوا صراعا قيميا وسياسيا يدفع الى الامام باهداف مشتركة. هذا لا يعني أنه يجب السير معا حتى النهاية. هذا يعني ان يكونوا مستعدين ليسيروا معا شوطا طويلا. هذا يتطلب فكرا، هذا يتطلب زعامة، هذا يتطلب تفكيرا استراتيجيا. وبدون هذه سيواصل نتنياهو الاحتفال.