اردوغان يريد السيطرة على كل الصندوق

manar-024024200146754889210
حجم الخط

كما يظهر الأمر الآن، فان السلطان اردوغان يتخلى عن خطة اعادة فرض عقوبة الاعدام. وبعد ان شرح له رجال القانون ما شرحوه، لا ينوي تنظيم مسيرة المحكومين المعصوبين الأعين مقابل كتائب الاعدام. حتى اذا "استجاب لمطالب ابناء الشعب التركي الغاضب"، كما أصر، وصادق البرلمان على ذلك، فانه لا يمكن اعادة فرض القانون الجديد بشكل تراجعي على من سيتهمون بأنهم قادة محاولة الانقلاب الحمقاء.

تريدون الحقيقة؟ عندما ينفجر السلطان غضبا، وتحذره الاستخبارات من محاولة انقلاب آخر، يصعب حسد ما يمر بهالجنرالات والمسؤولين الكبار ورجال الاكاديمية المشبوهين بالمشاركة في المؤامرة لإسقاط النظام. منذ فيلم "قطار منتصف الليل" توجد لتركيا سمعة سيئة جدا في كل ما يتعلق بمسألة الاعتقال ونظم التحقيق. انهم لا يعرفون الإنسانية، وصوت القضاة خفت، وتم احباط تنظيمات حقوق الانسان منذ نهاية الاسبوع الماضي.

في نهاية الأسبوع ارسل صديق قديم من تركيا رسالة تمزق القلب الى مجموعة من اصدقائه الشخصيين في انحاء العالم. من حظه انه ليس من الواضح بعد ما اذا حالفه الحظ او اساء اليه. لقد ضبطته محاولة الانقلاب في احدى دول امريكا اللاتينية. وكان الحدث بالنسبة له شديد المفاجأة، وكما يصفه، فانه يشعر كما لو ان كتلة كبيرة علقت في حلقه،  ولا يستطيع ابتلاعها او لفظها. اذا عاد الى تركيا، سيتم اعتقاله في المطار، ولا يستطيع السماح لنفسه بالبقاء في الخارج بسبب مشاعره واوضاعه الاقتصادية. عائلته تقول ان قوات الشرطة تقرع ابواب المنزل في ساعات الليل وتهدد بالعودة.

شخصيا، كان من اقرب المقربين لاردوغان، حتى تم فك الرباط بينهما، انه يعرف بأن اسمه مدون على "القائمة".سيكون من الصعب عليه الاقناع بأنه لا توجد له علاقة بـ"الدولة داخل الدولة". من يبحثون عنه، يتذكرون جيدا بأنه يعرف فتح الله كولن. اذهب واشرح بأنك لم تتجند ولم ترتبط بخطة للقضاء على اردوغان ورفاقه او اختطافهم.

تركيا تشهد الان انقلابا عميقا ثانيا، مهددا ومنظما اكثر من التجربة الهاوية. القوائم المعدة مسبقا، المشبوهين الذين انتظروا الفرصة لتصفية الحسابات معهم. على طريق اقامة سلطة رئاسية تنتزع الصلاحيات التنفيذية من البرلمان والحكومة، لصالح قصر الألف غرفة في انقرة، يريد اردوغان السيطرة على كل الصندوق: اعادة بناء الجيش، تطهير اجهزة الامن، تطهير شامل في الجامعات، فصل الاف القضاة، وفرض الرعب على هيئات تحرير الصحف وقنوات التلفزيون. انهم يعتقلون ويطردون ويخلعون الرتب. دولة كاملة في الانتظار، لا احد يريد شم رائحة غرف التحقيق.

قانون الطوارئ يمنح اردوغان ثلاثة اشهر لاستكمال السيطرة. سيقيم نظاما منضبطا: منصب مقابل الولاء، رواتب مقابل الانصياع الاعمى. اذا كانت حريته الشخصية تهمه، سيضطر صديقي التركي الى العثور على مصدر تمويل له. زوجته، وهي ايضا في الاكاديمية، لن تتمكن من الصعود الى الطائرة مع اولادهما الصغار. فسفر الذين كسبوا الرزق من العمل في السلطة، ممنوع حتى اشعار آخر.

الانقلاب الثاني سيقود تركيا نحو التطرف الديني والابتعاد عن المجتمع الأوروبي. لقد سبق واعلن اردوغان بأنه يستهتر بذلك والانضمام الى المجتمع المتفكك ليس مطروحا على جدول اعماله الفوري. الاسد في دمشق يتنفس الصعداء.

سيكون من المثير تعقب التطورات على مسار انقرة – واشنطن. فأوباما الذي كان اول من اعلن دعمه لأردوغان بعد محاولة الانقلاب لم يحظ حتى الآن بالتطهير لدى السلطان، من شبهة تورط ضباط الاستخبارات الامريكية في الانقلاب. اردوغان يعرض عليه صفقة: سلم كولن من بنسلفانيا وسنلتزم بإعادة النضارة الى وجه الديموقراطية التركية. البيت الابيض يبحث عن طريق للخروج من هذه الورطة. مثل هذا التسليم لا يتفق مع قيم الديموقراطية لدى اوباما، ومن جهة اخرى، يقسم الخبراء الذين اعدوا مستندا حول اردوغان، بأنه لا ينوي التنازل.