كتب : جهاد حرب
جريمة قتل الطيار الاردني الشهيد معاذ الكساسبة حرقا على أيدي تنظيم "داعش" لا تضاهي في بشاعتها سوى جريمة حرق قتل الفتى المقدسي محمد أبو خضير على يد عصابة استيطانية. وهي دليل على أن الارهاب ليس له علاقة بالدين إنما هو نابع من عمل عصابات اجرامية تستخدم الدين لغاياتها الدنيئة. كما أن عدم ادانة جريمة القتل البشعة، أو ادانة الجريمة دون ادانة من قام بالجريمة مبررا أو معللا إقدام السلطات الاردنية على المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، يمنح شرعية لعصابات اجرامية ليس فقط باستخدام الدين الاسلامي في تبرير جرائمه بل يمنحه غطاءً سياسيا لتشويه الدين الاسلامي.
ان انخراط المملكة الاردنية في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا "داعش"، القريب من حدود المملكة، جاء استشعارا متقدما لخطورة هذا التنظيم ليس فقط على المملكة الاردنية بل على جميع دول الاقليم. كما أكدت عملية الاعدام البشعة التي اقدمت عليها "داعش" خطورة هذا التنظيم في الفكر والممارسة على المجتمع العربي. هذه الجريمة لا يمكن تبريرها دينيا ولا انسانيا؛ فأسرى كفار قريش في معركة بدر لم يقم الرسول وأصحابه بتعذيبهم أو قتلهم على الرغم مما ذاقه الرسول والمسلمون منهم من تعذيب وقتل بل حررهم مقابل تعليم القراءة للمسلمين، وهي رسالة أجزم أن احدا من قيادة هذا التنظيم الاجرامي لا يدرك فحواها. كما أن جميع الاعراف الانسانية والمواثيق الدولية تنص على كرامة اسرى الحرب وعدم التنكيل بهم أو قتلهم.
ما قام به تنظيم "داعش" من اجرام غير مسبوق بإحراق الملازم أول الطيار معاذ الكساسبة، أكد على صوابية ما ذهبت إليه الدولة الاردنية من محاربة هذا التنظيم، كما وحد المملكة الاردنية "قيادة وشعبا" في السياسة المطلوبة من الدولة الأردنية القيام بها في محاربة هذا التنظيم ليس من أجل الثأر للشهيد معاذ الكساسبة بل من أجل الحفاظ على الوطن، وعدم المساس بالدين، والحفاظ على انسانية المسلمين، ومنع تحكم عصابة اجرامية تدعي الاسلام برقاب العباد وأرزاقهم، وفرض تصور فاشستي للمجتمع والحكم لا يدور إلا في خلد مجموعة احترفت الاجرام، وهذا التصور لم يكن مطلقا في عصر الرسول محمد أو في عصر الخلفاء من بعده.
لم يكن الاستنكار والتنديد الفلسطيني، الشعبي والرسمي، الواسع من مسيرات وفتح بيوت عزاء تضامنا مع الدولة الاردنية وعائلة الشهيد فقط بل أيضا استشعاراً وطنياً لبشاعة هذه الجريمة، ولهول الفاجعة، ولشدة خطر هذا التنظيم، وخوفا من تنامي هذا السرطان القاتل في جسد الشعوب العربية، ومن انتقال المعركة إلى الأراضي الفلسطينية.
هذا الامر دفع الرئيس الفلسطيني، للمرة الأولى، لزيارة مقر جهاز المخابرات العامة لبعث رسالة واضحة بوجود إرادة سياسية عليا لمنع هذا التنظيم الارهابي من العمل في الاراضي الفلسطينية، ومنح الشرعية لتنسيق الجهود الاستخبارية مع الاطراف الدولية لمحاربته، وتقديم الدعم لضباط المخابرات العامة وأفرادها وتوفير الحماية السياسية لهم في هذه المعركة.