خطـوات أبـي

زياد خدّاش
حجم الخط

تتأخر خطوات أبي عن الاقتراب من باب بيتنا، فأتأخر عن النوم.
منذ طفولتي وأنا أنام على وقع آخر خطوة من خطوات أبي، الذي كان يسهر كثيرا في المقهى.
حتى هذه اللحظة، لحظة تجاوزالـ50، أظل مبحلقا في السقف بانتظار خطوات أبي التي تتأخر كل يوم دون أن تجيء، فأهبط عميقا في قاع ذاكرتي، أغرق في الأحداث والصور والكلمات والأصوات، أستل ذكرى خطوته الأخيرة على عتبة الباب، وأنام بعد إنهاك خيالي شديد.
دلوني على خطوات لآباء تباع في الأسواق، خطوات أب يسهر كثيرا في المقهى، أدرّبه على أسلوب قدم أبي في الغناء، يأتيني في ساعة محددة، يخطو باتجاه بابي، يسلمني خطوته، ثم يمشي هو إلى بيته مستعجلا لينام طفله المبحلق في السقف على خطواته الأخرى.