أثار التفاهم الأميركي- الروسي الأخير على التعاون في محاربة "جبهة النصرة" والتوصل إلى تثبيت وقف النار في سوريا، اهتمام إسرائيل التي تتابع تعقيدات الوضع العسكري في سوريا، وتتخوف من امكانات توسع نطاق الحرب على النصرة نحو المناطق المتاخمة لحدودها حيث للجبهة وجود عسكري.
منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا انتهجت إسرائيل سياسة تقضي بعدم التدخل في ما يجري وعدم الوقوف مع طرف ضد طرف آخر، لكنها وضعت خطوطاً حمراء تقضي بمنع انتقال أي نوع من أنواع السلاح المتطور من سوريا إلى "حزب الله". وعندما سيطرت قوات المعارضة السورية على المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية في منطقة الجولان، سعت إسرائيل إلى بلورة تفاهمات مع جهات محلية سورية لتحييد حدودها. وضمن هذا الاطار قدمت مساعدات طبية للجرحى السوريين من مقاتلين ومدنيين.
عندما بدأت روسيا تدخلها العسكري في سوريا العام الماضي، سارعت إسرائيل الى التوصل الى تفاهمات مع الروس تتعلق بحرية تحليق سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية، وبمنع انتقال شحنات السلاح المتطور إلى "حزب الله". ومذذاك اصبحت إسرائيل تتعامل مع روسيا بصفتها الدولة التي ترسم مستقبل سوريا السياسي، وذلك في ظل التراجع المستمر والمتواصل للدور الأميركي. لهذا السبب نراها تنظر بعين الريبة والشك الى التفاهم الذي جرى التوصل اليه في الفترة الأخيرة بين إدارة الرئيس أوباما وموسكو في شأن اعلان الحرب على "جبهة النصرة".
يشكك خبراء استراتيجيون إسرائيليون في أن ينجح هذا التفاهم الذي قسّم سوريا ثلاث مناطق، وأقام مركزاً مشتركاً للمعلومات الاستخبارية في شأن القضاء على "جبهة النصرة". وفي رأيهم ان الجبهة اظهرت قدرة سريعة على التأقلم مع الوضع المستجد من خلال اعلان فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" ودعوة التنظيمات الاخرى للالتحاق بصفوفها وتوحيد قوى المعارضة في محاولة واضحة لازالة الفوارق بينها وبين قوى المعارضة المعتدلة المدعومة من الأميركيين، مما سيجعل عملية ضربها أصعب.
في رأي الخبير الإسرائيلي في شؤون سوريا أيال زيسر أن التفاهم الأميركي – الروسي الأخير هو بمثابة اعلان افلاس السياسة الأميركية في سوريا، ويوفر غطاء أميركياً وشرعية دولية للروس ولقوات الأسد وحلفائه كي يزيدوا ضغطهم على مجمل قوى المعارضة في سوريا المعتدلة والمتشددة في آن واحد.
وفي ظل التشكيك الإسرائيلي في نجاح التفاهم الأميركي- الروسي في القضاء على "جبهة النصرة"، يرى بعض الإسرائيليين في التطورات الأخيرة فرصة لوضع قواعد لعبة جديدة مع قوى المعارضة السورية المسيطرة على المنطقة القريبة من حدودها لمنعها من مهاجمتها مستقبلاً.
عن النهار اللبنانية
