المساعدات الأميركية لإسرائيل

htgrr-jpg-9411137666067491
حجم الخط

على الرغم من الموقف الرسمي الأميركي الرافض للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، ومعارضة بناء المستوطنات، واعتبارها عقبة في طريق السلام، فإن هذه القضية لم تعُد محلّ نقاش في البرامج الانتخابية الأميركية.
تُجرى بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ أوائل تموز مساومة حول حزمة مساعدات أميركية مقترحة لإسرائيل.
فالولايات المتحدة تعرض على إسرائيل 40 مليار دولار من المعونة على مدى تلك الفترة، بزيادة قدرها 10 مليارات دولار، ما دعاه البيت الأبيض «أضخم تعهّد بمساعدة عسكرية لأية دولة من الدول عبر تاريخ الولايات المتحدة»، ولكن هذا المبلغ غير كافٍ للإسرائيليين الذين يطالبون بالمزيد.
وغنيٌّ عن القول إن قيام طرفٍ متلقٍّ للمعونة، بمساومة الجهة المانحة على حجم الصَّدَقة أمر شديد الخروج عن المألوف، ولكن إسرائيل تلقت من المساعدات الأميركية عبر السنوات، أكثر من أية دولة أخرى في العالم.  ومع ذلك، يشعر الإسرائيليون بأنهم أحرار في رفض طلبات واشنطن كلما ارتأوا ذلك.
فكل الرؤساء الأميركيين منذ جيمي كارتر، طلبوا من إسرائيل تجميد بناء المستوطنات، قائلين إنها عقبة في طريق السلام، ولكن إسرائيل واصلت بناء وتوسيع المستوطنات، بينما تلاشت اعتراضات واشنطن وابتلعها الصمت.  ولكن، ما دام هذا الوضع قائماً، فلن يكون هنالك اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
بعد الاستيلاء على الضفة الغربية، وغزة، في حرب العام 1967، مضت إسرائيل في بناء مستوطنات في المناطق المحتلة حديثاً، على الرغم من أن اتفاقيات جنيف للعام 1945 تحظر بناء مستوطنات مدنية في المناطق التي تمّ الاستيلاء عليها.
ومنذ ذلك الوقت أصدر مجلس الأمن الدولي قرارات عديدة تدين استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات، وتدعو إلى انسحابها من الضفة الغربية وغزة.
وتستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في كل مرة.
وفي أوسلو، في العام 1993، وقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي اتفاقية مع الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، تعهّد فيها بتجميد بناء المستوطنات في المناطق المحتلة، وتسهيل تنقل الفلسطينيين بين غزة والضفة الغربية. وقدّمت الاتفاقية وعداً بأن الفلسطينيين يمكن أن ينشئوا دولة مستقلة في الضفة الغربية وغزة.  ولكن اتفاقية أوسلو لم تطبّق أبداً.. وكان اغتيال رابين على يدي إسرائيلي يميني في تشرين الثاني 1995، بمثابة نهاية فعلية للاتفاقية.
ومنذ ذلك الوقت، استمرت دورة القمع الإسرائيلي، تتناوب مع فترات من الهدوء المضطرب، وقد تعثَّر العديد من جلسات المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين التي توسطت فيها الولايات المتحدة، والتي كانت محكومة بالفشل نتيجة انعدام التوازن في القوى بين الجانبين، ورفض واشنطن التدخلَ لصالح الفلسطينيين.
وفي هذه الأثناء عانت غزة غارات جوية متكررة، وثلاث حالات غزو شامل من قِبل القوات الإسرائيلية، إلى جانب حصار مستمر منذ 9 سنوات.  وفي الضفة الغربية، يُجرى بناء مئات المنازل للإسرائيليين.  وقد أعلن نتنياهو بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، أنه لن تقوم دولة فلسطينية في عهده، وأعلن عدد من أعضاء حكومته صراحةً معارضتهم لحلِّ الدولتين.
لا ريب في أن مثل هذه التصريحات التي تصدر عن حليف وثيق للغرب، تثير الغضب في العالم العربي، ويستطيع المرء أن يراهن وهو مطمئنٌّ إلى الفوز، على أن الاحتلال لن يكون قضية بارزة في السباق بين هيلاري كلينتون، ودونالد ترامب.
ونتيجة لذلك، سيبقى تحقيق اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني على أساس دولتين مستقلتين، أملاً بعيد المنال، وسوف يستمر دافعو الضرائب الأميركيون في دعم احتلال عسكري، يحرم ملايين الفلسطينيّين من حريتهم.