رغم أنني لم أصوت لنتنياهو قط، أشعر بين الحين والآخر أنه من واجبي الدفاع عنه لانه يتعرض مرات عديدة الى الظلم. فهو ليس بوتين، ليس ترامب، وبالتأكيد ليس أردوغان. هذه الترهات تأتي بشكل عام من المعسكر الذي يروي لنا عن «نهاية الديمقراطية»، «بوادر الفاشية» و»سنوات الثلاثينيات».
في إطار مسيرة الترهات نشر، الاسبوع الماضي، مقال في «نيويورك تايمز» تحت عنوان «كيف يسحق نتنياهو الصحافة الحرة في اسرائيل؟». وفي الاسبوعين الاخيرين فقط نشرت ثلاثة مقالات بررت جزءا من ادعاءات اليمين، ودحضت ادعاءات طرحت ضد رئيس الوزراء. واعتزمت أن أكتب مقالا آخر في هذا النقاش الذي لا ينتهي، وهذه المرة ردا على المقال في الصحيفة الأميركية، ولهذا فقد بدأت أفحص على الاقل هذه الادعاءات التي نشرت هناك من حيث حقائقها.
غير انه- لاسفي- كان هذا يختلف قليلا هذه المرة. فقد تبين أن حقيقة واحدة، جد مهمة، كانت صحيحة. وحسب المقال، مورست ضغوط من جانب رئيس الوزراء لشطب تقرير صحافي معين في أحد المواقع. لا يزال التقرير هناك، ولكن الضغوط اعطت نتائجها: فقد استبدل العنوان وشطب اسم نتنياهو منه. والان، تصوروا أن تتيح علاقة نتنياهو بأصحاب المال، الذين يسيطرون على وسائل الاعلام، ممارسة الضغوط. فهل هذه سوق حرة؟
عندما يمارس احد ما ضغطا من هذا النوع، فثمة اكثر من مس بحرية التعبير هنا، ثمة سخافة مذهلة. لانه بدلا من عنوان غير ضار حقا حظي نتنياهو وحظيت اسرائيل بمقال مشهر في احدى أهم الصحف في العالم. الضرر أكبر من النفع المشكوك فيه الكامن في تغيير دلالي وزائد للعنوان.
لا حاجة ليكون المرء من مؤيدي رئيس الوزراء كي يعرف ان له انجازات لا بأس بها. فقد تناولتها وسأتناولها بعد اليوم. هكذا بحيث يسمح لي بان أنتقل الى توجه مباشر الى نتنياهو: قل، أجننت؟ خطابك عن جابوتنسكي والاعلام الحر كان رائعا. ولكن الضغوط التي تمارسها هي النقيض لما تقوله. أليس واضحا لك بان أي تدخل لك سيصل في غضون ساعات أو أيام الى وسائل الاعلام الاجنبية في العالم؟ فهل هذا مجد لك؟
هذا لا يعني انك انت الذي ترفع الهاتف، فهذا لا يشرفك، بل اثنان من الرجال المقربين جدا منك. وانت تعرف عمن يدور الحديث. يحتمل أن يكونا يعملان هنا وهناك بناء على رأيهما الخاص، ولكن المسؤولية هي مسؤوليتك. إذا كان يتعين على صحافي جدي في اسرائيل، ليس من كارهيك، يتعامل مع ضغوط تأتي من جهتك – فعندها يتعين على معسكر «نهاية الديمقراطية» أن يشكرك إذ انك تجتهد للتثبت بانه محق.
أنا مؤيد متحمس للاعلام العام النزيه والمتوازن. بعض ادعاءات اليمين، كما كتبت ولا بد سأكتب، محقة. ولكن عندما لا يدور الحديث عن ادعاءات معادية، بل عن وزير الاعلام الذي هو ايضا رئيس الوزراء، يمارس الضغوط على وسيلة اعلامية، فان الموضوعي يصبح ذا صلة أقل. فهذا ليس فقط مسا بحرية التعبير. يحتمل أن يكون هامشيا. المشكلة هي في تفكيرك او في تفكير العاملين باسمك. واذا لم نحذر، فان من شأن المس الهامشي أن يصبح جديا. وهذا بالتأكيد يبعث على القلق ويثير التخوف من أن مبادرات مثل مبادرة النائب دافيد بيتان لاغلاق مؤسسة البث هي في واقع الامر اقتراحاتك. فاغلاق المؤسسة في هذه المرحلة ليس اصلاحا وليس سوقا حرة، بل محاولة لفرض الرعب. اذا كان نموذجك للاعلام الحر هو وسيلة اعلامية متعلقة بقراراتك فتوجد هنا مشكلة.
يا سيد نتنياهو، ان كل تصريح لك من هنا فصاعدا سيفحص ليس وفقا للاقوال بل ايضا وفقا للافعال التي من خلف الكواليس. الكرة عندك.