كان الرئيس السابق مبارك يسميه صندوق (النكد) الدولى لانه يفرض على من يلجأون إليه روشتة علاج محددة تكاد تكون موحدة، لا ترعى الاعتبارات الخاصة والاجتماعية لبعض الدول، وتوزع صرف القروض الممنوحة للدولة المقترضة على مراحل، بحيث يتم صرف قيمة كل مرحلة إذا امتثلت الدولة لشروط هذه المرحلة، ونفذت جميع الالتزامات المطلوبة منها، وفى مرتين سابقتين لم تستطع مصر إكمال تنفيذ المطلوب فى عقدها مع الصندوق وتوقف القرض وفشل الاتفاق!.ومع الاسف كان الدفاع عن قروض صندوق (النكد) الدولى يأخذ صورة اسطوانة مكررة يصعب ان يصدقها أحد، تؤكد ان برنامج الاصلاح الاقتصادى مصرى مائة بالمائة لانه ليس فى وسع احد ان يفرض شروطا مسبقة على مصر! رغم ان الجميع يعرف أن الاسطوانة للاستهلاك المحلي، لانه لو كان برنامج الاصلاح مصريا مائة بالمائة فما الذى يدعو مصر إلى انتظار الصندوق لتنفيذ بنوده!.
وربما تكون المرة الوحيدة التى أفلتت فيها مصر من مخالب الصندوق، عندما نجح الرئيس مبارك فى كسر حلقته المفرغة واتخذ قراره السياسى الصحيح بدخول مصر إلى جوار التحالف الدولى لتحرير الكويت من احتلال صدام حسين، وكان مبارك قد بذل جهود وساطة خيرة بين الكويت والعراق فى رحلة مكوكية تواصلت حتى قبل ساعات محدودة من اعلان العراق دخوله الحرب، وبسبب قرار مصر السياسى الصحيح تم خفض ديون مصر إلى النصف وتضاعف حجم القروض والمنح العربية، وبدأ الاقتصاد المصرى فى الانتعاش ووصل معدل التنمية إلى حدود 7.4% اثرت على قضايا البطالة، وارتفع رصيد مصر من العملات الصعبة إلى ما يقرب من 25مليار دولار، إلى ان جاءت هبة يناير وما تبعها من اربعة أعوام عجاف،أكلت الاخضر واليابس وأغرقت مصر فى فوضى شاملة وضحت فيها اصابع الامريكيين تحت شعار الفوضى البناءة، أوصلتنا مع الاسف إلى المربع الاول لندق مرة آخرى أبواب صندوق (النكد) الدولي، ونعيد نفس الاسطوانة المشروخة (برنامج الاصلاح مصرى مائة بالمائة) مع علم الجميع بان ما يقدمه الصندوق لن يشكل الحل الصحيح لازمة مصرالاقتصادية التى تحتاج إلى قرارات شجاعة، تقضى على تجارة السوق السوداء للدولار، وتمنع إستيراد كل ما يدخل فى نطاق الكماليات والترف، وترفع حجم صادرات مصر إلى الخارج بدلا من الهرع غير المبرر إلى صندوق النقد الدولى لنعيد قصة قديمة لم يكتب لها فى السابق اى نجاح!.
عن الاهرام