نـتنياهو دفع الأسرة الدولية لـتـوقـيـع الاتـفـاق مـع إيـران

اسرائيل
حجم الخط
يظهر نتنياهو، من خلال التغطية الإعلامية للخلاف في موضوع الاتفاق مع ايران، كمن باء بهزيمة سياسية. فقد نجح براك اوباما في أن يحقق، بتأييد العالم، اتفاقا يصفه نتنياهو بأنه سيئ، وتسبب نتنياهو، بمعارضته للاتفاق، بالمس بالعلاقات المهمة لاسرائيل مع الولايات المتحدة.
ولكن، في نظرة تاريخية يحتمل أن يكون الاتفاق هو الانجاز الاكبر لنتنياهو، وربما الارث الوحيد الذي خلّفه وراءه كزعيم.
فاذا ما نفذ الاتفاق، فالمعنى هو أن ايران لن تكون نووية في العقد القريب القادم على الاقل، كما أن الخيار المستحب لدى نتنياهو، في استمرار العقوبات والتهديد بالهجوم، يبقى ساري المفعول اذا ما تبين أن ايران تحاول خرق الاتفاق. وحتى المطالبات بالتعديلات التي نشرها يوفال شتاينتس، لا تدل على فجوة جوهرية بين الموقف الاسرائيلي وبين ما تحقق، والأسرة الدولية تقف خلف الاتفاق. فمن أجل هذا كافح نتنياهو منذ التسعينيات: أن يجند العالم كي يمنع عن إيران سلاحاً نووياً.
صحيح أن هذا لم يحصل فقط بسبب نتنياهو – فللولايات المتحدة، روسيا، الصين والدول الاوروبية اسبابها لمنع ايران من امتلاك السلاح النووي. بعض هذا يرتبط بالالتزام تجاه دول الخليج والدول العربية السنية، وبعضه يرتبط  باعتبارات استراتيجية اخرى، وبعضه يرتبط بالموقف المبدئي ضد انتشار السلاح النووي. ولكن على مدى تاريخ الصهيونية اختبر زعماؤها بقدرتهم على ربط المصالح العالمية بمصلحة ما اعتبر مصلحة اليهود.
هكذا عمل هرتسل - وحاييم وايزمان - حين كافح لتحقيق وعد بلفور، وبن غوريون، حين أيد مشروع التقسيم. ليس لاسرائيل ما يكفي من القوة كي تنقل العالم الى جانبها بقوة إرادتها فقط، مطلوب حكمة سياسية من أجل ايجاد تماثل المصالح الذي يساعدها في التأثير على التطورات الدولية. وهذا فعله نتنياهو على نحو جيد. 
يحتمل أنه عندما ستفتح الارشيفات سيتبين أنه في التهديد الاسرائيلي بالهجوم والحملة التي لا تقل ولا تمل التي اديرت ضد ايران تداخل مع المصالح الغربية، بل شجّع المشاركين، بما فيهم الايرانيون، على عقد الصفقة.
يمكن الجدال في تكتيك نتنياهو، في الهوس، وفي تجنيد الكارثة وصورة العمالقة. 
ولكن في السطر الاخير ستمتنع  ايران عن تطوير النووي على مدى عقد على الاقل، ودون التورط في حملة عسكرية. المفارقة هي أن أولئك بالذات ممن يعتقدون بأن الاتفاق جيد لا يثنون على نتنياهو. يطرح السؤال لماذا لا يعزو نتنياهو الانجاز لنفسه؟ يمكن الاعتقاد بانه كان يفضل اتفاقا افضل، ولكن من المعقول الافتراض بان سياسيا مجربا مثله يفهم بأن التطلع الى الهزيمة التامة لخيار النووي الايراني ليس واقعيا. وعليه، فثمة جواب محتمل واحد هو أن نتنياهو قرر بان دوره في هامش القوى هو ان يشكل الرمز المتطرف. وحتى حزيران، حيث يفترض أن يوقع على الاتفاق النهائي، سيواظب على ابداء المرارة كي يجعل هناك امكانية لتنازلات اخرى صعبة.
جواب آخر، مؤسف، هو أنه بدون ايران يكون انتهى بنك الاهداف الاستراتيجي التابع لنتنياهو. من ناحية سياسية ليس لديه أي رؤيا او خطة، باستثناء المناورات التي تبقي الوضع القائم دون التورط. وهذا ليس سهلا. في النهاية يمكن القول بشكل مفعم بالمفارقة إنه من زاوية نظر تاريخية كان من الأفضل لنتنياهو أن يخسر في الانتخابات وأن يذكر كمن ساهم مساهمة مهمة في منع تحول إيران النووي.

عن "هآرتس"