من الروايات التي نسمعها في حقل السياسة الأميركية تلك القائلة بأن هيلاري كلينتون تتسم بشخصية مصابة بالكذب القهري والمرواغة، وأن دونالد ترامب رجل يقول الحقائق لكنه ناري الطبع.
وعموماً، تبين من آخر استطلاع للرأي أجرته «سي بي سي نيوز»، أن الجمهور يشعر بالنفور تجاه المرشحين معاً، حيث يعتقد 34% فقط من الناخبين المسجلين أن هيلاري سيدة أمينة وجديرة بالسباق، مقارنة بـ 36% يرون أن هذا الوصف ينطبق على ترامب. لكن فكرة أن الاثنين متعادلان في المسابقة نفسها غير واردة على الإطلاق، لأننا إذا ما افترضنا أن الخداع رياضة، فإن ترامب سيكون هو البطل الأولمبي الحائز الميدالية الذهبية، أما هيلاري فإن اسمها يمكن أن يذكر بالكاد في قائمة الشرف.
أحد المقاييس الدالة يمكن الحصول عليه من مواقع الويب المستقلة الخاصة بفحص الحقائق. فاعتباراً من الجمعة الماضي، وجد موقع «بوليتي فاكت» Politifact أن 27% من تصريحات هيلاري التي جرى فحصها، كانت في معظمها زائفة أو أسوأ من ذلك، مقارنة بـ 70% لترامب. وبين الاستطلاع أيضاً أن 2% من بيانات هيلاري التي جرت مراجعتها كانت عبارة عن أكاذيب فظيعة من النوع الذي يمكن أن تترتب عليه نتائج وخيمة، وبلغت هذه النسبة في بيانات ترامب 19%، بما يعني أن حصة ترامب من الأكاذيب الصريحة تفوق حصة هيلاري بتسع مرات.
يقول جلين كيسلر، مدير موقع «فاكت تشيكر»، «إن هيلاري تندرج في الإطار الطبيعي للسياسيين التقليديين، أما ترامب خارج الخرائط تماماً».
وعندما أتحدث مع ناخبي ترامب، فإنهم يجادلون بأن هيلاري كذابة عريقة ومحتالة، وغالباً ما يستمدون أدلتهم من أمثلة: ادعاء هيلاري في العام 2008 أن طائرتها عندما هبطت في البوسنة العام 1996 تحت وابل من نيران القناصة، اضطرت للركض هي ومرافقيها ورؤوسهم منخفضة للأسفل لتجنب الإصابة، وهو ادعاء فندته «واشنطن بوست» من خلال فيديو أظهر أن هيلاري استقبلت ليس بطلقات الرصاص وإنما بوجهاء البلدة.
يزعم المنتقدون أيضاً أن هيلاري كذبت على عائلات الأميركيين الأربعة الذين قتلوا في بنغازي، لكن فاحصي الحقائق قالوا إن الأدلة على ذلك لم تكن واضحة. الشيء الأكثر صعوبة في الدفاع عنه، هو تفسيرها المخادع لتقلبها بشأن اتفاقية التجارة الآسيوية. كما أن روايتها عن استخدام الأجهزة الخادمة لبريدها الإلكتروني الخاص، كانت زائفة ومضللة. ولا تكتفي هيلاري بذلك، بل تواصل كذبها من خلال القول إن جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، حكم على إجاباتها في التحقيق الخاص بهذا الأمر بأنها صادقة (والرجل لم يفعل ذلك). لكن ترامب هو بطل الخداع بلا منازع. لستم بحاجة للعودة ثماني سنوات للوراء لاكتشاف ذلك، فثماني دقائق فترة كافية. ففي آذار أرّخت صحيفة «بوليتكو» لأسبوع من ملاحظات ترامب، ووجدت أنه يطلق تصريحاً كاذباً كل خمس دقائق. كما سجلت «هافينجتون بوست» 71 معلومة غير دقيقة شملها خطاب له استمر ساعة.
لقد اعتاد ترامب على التفاخر، بأنه كان صديقاً للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكنه عاد ليعترف فيما بعد أنه لم يقابل بوتين أبداً ولم يتحدث إليه مطلقاً. كما قال ترامب على «تويتر» إن 81% من حوادث قتل البيض تتم بواسطة السود، والرقم الفعلي لا يتجاوز 15%، كما أنكر قوله لمجلس تحرير «نيويورك تايمز» إنه سيفرض تعرفة جمركية بنسبة 45% على التجارة مع الصين، لكن الصحيفة أفحمته بعرض فيلم فيديو يبين كلامه بالفعل.
يدعي ترامب أيضاً أنه كان من أوائل معارضي حرب العراق رغم أن المقابلات التي أجريت معه آنذاك تبين أنه كان يدعم تلك الحرب.
خلاصة القول، أن ترامب، كما يقول توماس إم ويلز، محاميه السابق، «يكذب طيلة الوقت». لذلك فإن هيلاري تكاد تكون في مستوى متوسط بالنسبة لسياسية تحاول إخفاء عيوبها، أما ترامب فهو بطل العالم بلا منازع في عدم الأمانة المرضية.
بأمانة، ليس هناك وجه للمقارنة بينه وبين هيلاري.
بالصور.. ميلان يسقط يوفنتوس في 4 دقائق
03 يناير 2025