تمّهلْ على عجلٍ لا تراه يداكْ
فالزهرُ يشربُ على مهلٍ يا صديقي
والشاهدُ شارعٌ واضحٌ
للعابرينَ وهواك .
وعصافيرُ الصباحِ
ترددُ معكَ حتى الآن
" أنا لست لي".
فيأتيكَ صوتُك من عشبِ الأغاني
ليعبأَ المــــــدى:
" أنا من هنا ، وهنا هنا ، وأنا أنا ، وهنا أنا ، وأنا هنا"
ليقتربَ منا المستحيلْ
هدىً جميلاً في هداك
فكيف لعدوِنا أن يراكَ غيرك
وكيف لنا أن ننساكَ
وكيف لنا أن نراكَ سواك !!!
...
الباعةُ الطيبون يكررون اسمك
على الأرصفةِ التي عبدتّها خطاك
وقراءُّ الجرائدِ مثل الحمامِ في الساحاتِ
يحفرون أيكَ قصائدكَ
من ميمك حتى ثراك
فكيفَ لعدوِنا أن يراكَ غيرك
وكيف لنا أن نراكَ سواك
...
الشجرُ البعيدُ والعاشقُ فيكَ لك
النهرُ الصغيرُ طريُ الأصابعِ لك
الوادي خفيفُ العُشبِ سخيُ التوعكِ بغيابك / لك
بيتُ أُمك
لوزُ الدهشةِ
عرقُ الشمسِ على جبينِ والدُك
وصايا جدُك للزيتون و السرو / لك
شامةُ الوترِ
المخفيةُ في صدرك
القرى الغارقةِ في تجاعيدِ يديك / لك
أسماءُ الفراشاتِ
ندفُ كتفِ الأغنياتِ
تغريبةُ التلالِ في منحنياتِ اللازوردِ / لك
والغرباءُ الذين جاوروا الريحَ مع الموجِ
لخدشِ اللغاتِ بحبرِ الغوايةِ
والكتبُ المدفونةِ في تنورِ جدتِك / لك
فكيف لعدونا أن يراكَ غيرك
وكيف لنا أن نراكَ سواك
...
الدرجُ اللولبي الواصلِ إليك
رخاميُ التكوينِ
رفيفُ الهمسِ
دمُك شعراً
في عروقهِ وأنفاسُك في رئتيه
الجدارُ قصيرُ القامةِ
إبداعيُ المجازِ في حراستِك
ثريُ الوقوف ِاحتراماً منك
للزائرينَ الذينَ يرسمونَ الوطنَ
من عينيكَ المطّلةِ قمراً
في بطّنِ كل ليلْ
فكيف لعدونا أن يراكَ غيرك
وكيف لنا أن نراك سواك
...
كيشيناو* تقذفُ صغيرَها المشردْ
كأي بندُقةٍ نزلتْ عن أمِها
إلى شاطئٍ يطببُ القادمين
من وجعِ "المحرقة"
ورمشُ البروةِ يتدلى من سفحٍ حزينٍ
ليولدَ شاعراً في آنيةٍ من فضةِ الكلامِ
والثاني أقدمُ من الأولِ في إيوانِ التكوينْ
كيشيناو التي تعافتْ من أرقِها
تغنيَّ على وترِ الخلاصِ الآن
والبروةُ معلقةٌ في بطّنِ الريحِ
لا تفعلُ شيئاً سوى تربيةِ الأحلامِ
من أجل البعثْ
وأنتَ ضده في كل شيءٍ
أنتَ ضده في المكانِ
في لسعةِ التاريخِ
في إصرارِ البراري عليك
في انكشافِ الحقيقةِ بعينيك
في مخيم خبأ جرحَه في رئتيك
في منفى وزعك فيك عليك
فكيفَ لعدونا أن يراكَ غيرك
وكيفَ لنا أن ننساكَ
وكيفَ لنا أنْ نراكَ سواكْ