كيف اصبح صديق ابني و ابنتي في سن المراهقة, سؤال يحير العديد من الآباء و الأمهات, فبقدر ما يكون الأبناء متعلقين بآبائهم في فترة الطفولة، بقدرما يبتعدون عنهم في فترة المراهقة، ليس تمرداً و إنما استقلالا وحبا في إظهار قدراتهم الشخصية، و في مواجهة واقعهم و إثبات نضجهم و لكن خبرتهم المحدودة في الحياة لا تسمح لهم بامتلاك هذا القدر من الثقة المطلقة, فكيف يمكن للوالدين التقرب من أبنائهم وكسب ثقتهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة؟ سؤال سأحاول الاجابة عليها هنا:
أولا على الوالدين معرفة أن العلاقة الوثيقة مع الأبناء ليست وليدة اليوم، وإنما هي حصاد سنوات من التعب و التربية الصالحة، مجهود جبار لترسيخ القيم، الثقة والمحبة، فالعلاقة الوثيقة متجذرة منذ الطفولة المبكرة، فالإبن التي يثق به والداه تسهل عليه الثقة بوالديه، فالإناء بما فيه ينضح.
الإستماع الجيد لما سيقوله الأبن أو الابنة: فالصراخ المستمر على تصرفاتهم ومعاملتهم كأطفال يؤديان لنتائج عكسية كفقدان ثقتهم بنفسهم، و لهذا على الوالدين التعامل بصبر وهدوء، والعلم أن إبناءهم مميزون بشخصهم ،بحركاتهم و سكونهم، و ما نضوجهم الفكري إلا نتيجة لعمل دؤوب وممارسة يومية.
إيجاد الوقت لمشاركة المراهق اهتماماته مثل الرياضة و الموسيقى خلال أوقات الفراغ، والإستمتاع بممارستها سويا، مما يضيق الهوة بين الطرفين ويفتح مجالا للنقاش وكسب الثقة.
علي الوالدين الإقتناع أن المراهقة فترة عمرية لها معايير مختلفة، اقبل أن ابنك كبر، افتح له باب التجربة والخطا التي لا تؤديه، فهو بحاجة لبناء تجربته الشخصية بدل تقبل خلاصة تجارب الأخرين.
تبدأ الصداقة كذلك بامتداح شخص المراهق على أسلوبه في التعامل، وطريقة معالجته للأمور، لحسه الفكاهي أو حتى في أمور عادية جدا وبسيطة، كملبسه و أناقته و شكله حتى نشجعه على الاستمرار.
تجنب الانتقاد المستمر، بل كن منطقيا وحياديا، صحح الخطأ لكن بذكاء وليس بالصوت المرتفع، وكن صادقا ليكون إبنك و ابنتك صادقين معك، فهذا الغصن من تلك الشجرة.
وأخيرا وليس اخرا، الصداقة مع الأبناء المراهقين هي حصاد سنين من المثابرة، تبدأ منذ نعومة أظافرهم ، لتترسخ كقاعدة و ليس استثناء، تبنى على أسس قوية من الثقة والتشارك والصبر الغير الحدود، وعلى كثير من المحبة الصادقة غير المشروطة، فما نزرعه بالأمس نحصده اليوم، وما نقطفه من فواكه ما هي إلا أشجار سقيت جذورها بصبر، فابنائنا هم صنعة أيدينا.
هل توافقني الرأي؟