من وراء الجدل المتواصل بين روني شوكن وتسفيا غرينفيلد حول مسألة اذا كانت اسرائيل تستطيع أن تكون يهودية وديمقراطية ايضا، هناك استنتاج مفاجئ: من قائمة اخطاء حكومات اسرائيل ومواطنيها يستنتج شوكن أنه لا حق لليهود في تقرير مصيرهم، لا سيما باسم الديمقراطية.
هذا المنطق الخطير جدا لم يُفرض حتى على المانيا النازية.
رغم أن النازيين نشروا الموت والابادة في كل العالم، ورغم أن الحلفاء الذين انتصروا اعتبروا أنه من المفروض ابقاء المانيا تحت القبضة الحديدية وتقسيمها الى قسمين، رغم ذلك لم يشكك أي أحد في حق الالمان بدولة المانية.
ولكن في نظر شوكن، فان اخطاء اسرائيل، من تصنيف اللهتافيين كمنحرفين وحتى الاحتلال، تبرر مصادرة حقنا في تقرير المصير في دولة قومية ديمقراطية خاصة بنا.
إن ما يقف من وراء القفز من الاخطاء الى مصادرة الحق، ليس الادعاء أن اخطاءنا أكبر من اخطاء الالمان، بل ينبع الافتراض بأن هذه الاخطاء من كون الدولة يهودية، لذلك، طالما لم يتم تصحيح الاخطاء فهي ستبقى كذلك. في البداية يفترض شوكن، اذا فهمت الامر بشكل صحيح، بأن الاحتلال ينبع من يهودية الدولة.
واذا كان يعتقد ذلك فمن الواضح أنه مخطئ. كل معسكر اليسار الصهيوني يؤمن بحق تقرير المصير للشعب اليهودي، لكنه يعارض الاحتلال والمستوطنات، وهو يفعل ذلك لأنه صهيوني، وليس بشكل يناقض صهيونيته.
تعتمد الصهيونية على حق الشعب اليهودي بأن يكون «شعبا مثل كل الشعوب، يعيش في دولته السيادية»، كما جاء في وثيقة الاستقلال، نظرا لأن اليهود طالبوا بدولة بناء على كونية هذا الحق، ومن المنطق ذاته لا يمكن منع ذلك عن شعب آخر.
لكن الادعاء الاكثر انتشارا ضد الموقف الصهيوني لا يعتمد على الربط الخاطئ بين الصهيونية والاحتلال. فهو يقول إن تعريف الدولة القومية يستبعد الاقلية غير اليهودية التي تعيش هنا.
هذا الادعاء يتجاهل حقيقة أنه في كثير من الدول القومية هناك اقليات قومية.
وخلافا لرأي شوكن، فان كثيراً من هذه الاقليات لا يطمحون إلى هوية واحدة مشتركة مع الاغلبية، بل هم يطالبون بالحفاظ على هويتهم المنفصلة.
هكذا هي الحال ايضا بالنسبة لـ «عرب اسرائيل». ففكرة مشكلة المساواة سيتم حلها اذا انشأنا هوية «اسرائيلية» واحدة، مثلما يقترح شوكن، مخطئة. في نظر الاقلية هذا الامر يعني الاندماج المفروض بالقوة.
عملياً، البنية الدستورية لاسرائيل في الدولة اليهودية الديمقراطية تناسب أكثر معايير الديمقراطيات التي توجد الآن كما صيغت في «ميثاق الدفاع عن الاقليات القومية» للاتحاد الاوروبي.
هذا الميثاق يطلب من الجميع احترام حق الاقلية بهوية منفصلة، بل وتوفير الأدوات لذلك مثل اجهزة التعليم بلغتها.
إن كل ذلك لا يعني أن اسرائيل غير مخطئة في علاقتها مع الاقليات، إلا أن اصلاح الاجحاف غير مشروط بالغاء حق اليهود الديمقراطية في تقرير المصير في دولة يهودية (يهودية في قوميتها وليس في دينها – لا توجد لاسرائيل كنيسة دولة مثل بريطانيا مثلا).
فعليا، الطريقة الوحيدة لتحويل اسرائيل الى دولة غير يهودية هي الغاء النظام الديمقراطي.
وطالما أنه يوجد هنا حق عام للتصويت واغلبية يهودية فستستمر اللغة العبرية في كونها اللغة الرسمية الاولى لنا، وستستمر أعياد اسرائيل في السيطرة على الرزنامة.
وفي هذا الاطار يجب الاهتمام بحقوق الأقليات كما تفعل الديمقراطيات القومية السليمة.
الاحتلال يعتقل 5 مواطنين من مدينة نابلس ومخيم العين
13 يناير 2025