الأمن والأمان والخروج عن القانون!!

سميح شبيب
حجم الخط

ما قامت به الأجهزة الأمنية، من ملاحقات جدية، ضد الخارجين عن القانون في مدينة نابلس، لاقى كل قبول واستحسان من الشعب، بفئاته كافة، ذلك أن الأمن والأمان، يشكل مطلباً للجميع، ولا يمكن للشؤون الاقتصادية - الاجتماعية، ان تتنفس دون الأمن والأمان، لكن ما حدث مؤخراً والذي تجسد بمقتل شخص وهو قيد الاعتقال، عكر الأجواء العامة، وما تلاه من قمع مبالغ فيه لتظاهرة منددة، زاد الأجواء تعكيراً.
مبدئياً يمكن القول والتأكيد، بأن المتهم بريء حتى تثبت ادانته، وبأن الأجهزة الأمنية في هذه الحالة، ينحصر دورها في تنفيذ القانون، بدءاً من الاعتقال، والتقديم للقضاء، وللقضاء حرمته وهيبته بالاستماع للأدلة، والتحقق من الواقعة، ومن ثم إصدار الحكم الملائم.
ما حدث عملياً وميدانياً، تمثل بعملية تجاوز للصلاحيات، ما ادى لموت المتهم، قبل وصوله للمحكمة، المسألة هنا تحتاج للوضوح والحسم، كجزء من الوضوح والحسم الذي امتازت به الحملة الامنية في نابلس. لا يجوز القيام بفعل وعكسه في آن، والا تبددت الجهود، وضاعت ملامح الوضوح والحسم في آن. ما حصل يحتاج الى ايضاحات كافية ومقنعة للشارع الفلسطيني، ووضع النقاط على الحروف، بما لا يقبل التأويل، والا تم استغلال ذلك أبشع استغلال، ونحن على أبواب الانتخابات المحلية، هناك من يقول باستغلال هذا الحدث، بل ومحاولة توظيفه، ضد السلطة وم.ت.ف وفصائلها كافة، وفي المقدم منها حركة فتح. المسألة تحتاج الى أناة وصبر ووضوح ومعالجة الامور بحكمة وروية، بعيداً عن أي انفعال او رد فعل متهور.
للشارع الفلسطيني، وخاصة نابلس حساسيته الخاصة، وبالتالي فإن من حق الشارع الفلسطيني علينا كسلطة ومنظمة أن تتوافر لديه المعلومات الكافية والمقنعة، خاصة وأننا نخوض معركة الأمن والامان، في مدينة انتشرت بها التجاوزات والعصابات، وباتت تشكل خطراً على الأمن الجماعي، ومن يحمي هذا الأمن، المسألة القائمة، تحتاج الى طرح رسمي مسؤول، عن الحادثة، بأبعادها الحقيقية، دون زيادة او نقصان، وتحديد مسؤولية القائمين عليه، فإذا كان هناك اي تجاوز، من جهة رسمية او غير رسمية، فعلينا ان نحددها بدقة، ومن ثم الاحتكام للقانون، والقضاء والقبول بما سيقرره القانون والقضاء.
لا أحد فوق القانون، وبناء على هذه القاعدة الواضحة، سيتم التعامل مع الجميع مهما كانت صفتهم ومهما كان موقعهم، وفي هذه الحالة سيتم انهاء التوتر والاحتقان، وتنتفي سبل ووسائل محاولة استثمار ما حدث بالمعنى السلبي. وفي هذا السياق، لا بد من الاشارة الى ان مسار الانتخابات المحلية، سيحمل في طياته وكلما اقتربنا من موعد الانتخابات، تطورات محسوبة واخرى غير محسوبة وستحاول استثمار أحداث بعضها حقيقي واكثرها مفتعل، بهدف التشويش على هذه الانتخابات، او خلق اجواء ومناخات من شأنها الوصول الى نتائج محددة.
لذا فإن قواعد القانون الذي ينطبق على الجميع دون استثناء، يجب ان تكون شديدة الوضوح من ناحية، وتطبيقها بيّن وواضح للجميع، إن المعالجة الصحيحة الهادئة والرزينة، قادرة على استيعاب ما حدث ومن ثم تجاوزه، والعودة للهدوء والامن والأمان، لما فيه خير المواطن والوطن.
لعل ما يساعد على ذلك، هو ان الشعب الفلسطيني شعب سياسي، صاحب خبرة طويلة وعميقة، وله من التجارب ما يكفي، لموازنة الامور، وتجاوز الصعاب مهما بلغت حدتها وتشابكاتها، وبات لديه من القدرة، لتفسير الامور، تفسيراً صحيحاً، ولديه الخبرة لتجاوز الصعاب، والوصول لما فيه خير الشعب الفلسطيني.