القضاء على ظاهرة إنتاج الأسلحة في الضفة

1978838389-618x412
حجم الخط

أصبحت الحرب ضد الأسلحة النارية في "يهودا" و"السامرة" في الآونة الأخيرة هدفاً عسكرياً رئيساً لإسرائيل في إطار مكافحة "الإرهاب" الفلسطيني في "المناطق". ولتفسير هذا المنحى لا بُد من أن نشير إلى أن القوات الإسرائيلية تمكنت من أن تكبح بشكل تدريجي الارتفاع الحادّ في أعمال العنف الذي سُجّل منذ تشرين الأول الفائت، وفي النهاية تضاءلت أعمال العنف أيضاً خلال الأشهر الأخيرة. وساهمت عدة أسباب في هذا النجاح، على رأسها تحسّن المراقبة الإسرائيلية لمواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية (بشكل سمح بالاعتقال المسبق لـ"الذئاب المنفردة" قبل خروجها لتنفيذ العمليات)، وتوثيق التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، وشعور الجمهور الفلسطيني أن الثمن الباهظ لأعمال العنف هذه التي دفع فيها خيرة الشبان حياتهم لم يؤت أي ثمار سياسية أو أخرى.
لكن في الوقت الذي انخفضت عمليات الطعن ازداد اهتمام "الإرهابيين" الأفراد والخلايا الصغيرة العاملة من دون أي انتماء تنظيمي بالحصول على أسلحة نارية، انطلاقاً من إدراكهم بأن احتمال إلحاق الضرر الكامن فيها أكبر بكثير مقارنة بالسكاكين والزجاجات الحارقة.
حتى الآن كان استخدام الأسلحة المعيارية (مثل بندقية "إم 16" أو رشاش "كلاشينكوف") في العمليات "الإرهابية" محدوداً جداً. ومن المعروف أن عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تحتفظ بمعظم الأسلحة المعيارية في الضفة، وفيما عدا حوادث قليلة جداً لم تشارك هذه العناصر في الأعمال "الإرهابية".
ومن المعروف أيضاً أن الذين يقومون بتصنيع الأسلحة المحلية البدائية يستغلّون واقع أن الأسلحة المعيارية الموجودة في السوق السوداء شحيحة وأن سعرها باهظ جداً.
وأدى الطلب المتزايد أيضًا إلى تحسين عمليات الإنتاج.
ويتحدث المسؤولون في قيادة الجيش الإسرائيلي عن مخارط تم تحويلها إلى مصانع حقيقية تنتج عشرات البنادق والمسدّسات كل شهر.
كما أن هذه الأسلحة الجديدة أكثر دقة وفتكاً، وتعاني من التوقف أثناء تشغيلها بشكل أقل مقارنة بالأسلحة المحلية التي كانت تُستخدم في "المناطق" في الماضي.
كذلك فإنّ بعض الخلايا المستقلة ما زالت قادرة على اقتناء هذه الأسلحة، حيث يتراوح سعر بندقية من طراز "كارل غوستاف" ما بين 2,000 إلى 5,000 شيقل، وسعر مسدس ما بين 10,000 إلى 20,000 شيكل. ويتم بيع بعض هذه الأسلحة إلى خلايا "إرهابية"، ويباع بعضها الآخر إلى مجرمين فلسطينيين وإلى مواطنين يقومون بشرائها لأغراض الدفاع عن النفس في المجتمع الذي ازداد فيه العنف الداخلي مجدداً.
تم اكتشاف هذا الاتجاه [نحو استخدام الأسلحة النارية] في أروقة الاستخبارات الإسرائيلية بصورة متأخرة. وكانت الشرطة الإسرائيلية حذرت منذ عدة سنوات من مغبة وجود ظاهرة أسلحة بدائية يتم إنتاجها في "المناطق" وتُباع لمجرمين في إسرائيل. لكن فقط بعد أن تزايدت العمليات التي تم فيها استخدام سلاح ناري في الضفة - منذ بدء السنة الحالية تم إحصاء أكثر من 30 عملية كهذه - تقرّر تركيز جهود الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] على كبح صناعة السلاح غير القانوني.
بعد منتصف الليلة قبل الماضية قام الجيش الإسرائيلي بشنّ عملية واسعة النطاق استهدفت ضبط أسلحة وتدمير مخارط.
وكانت هذه العملية الأكبر من نوعها حتى الآن، ودهمت القوى الأمنية خلالها سبعة مصانع في منطقة بيت لحم والخليل واعتقلت بعض المشتبه بهم بتصنيع الأسلحة والإتجار بها.
والهدف منها هو ضرب كل سلسلة التصنيع بصورة تدريجية بدءاً بأصحاب المصانع، مروراً بالتجار والسماسرة، وصولاً إلى كل من يشتري السلاح.
ولا شك في أن هذه الخطوة ضرورية للغاية في ضوء خطورة التهديد، لكن لا ينبغي أن نتوقع القضاء على هذه الظاهرة تماماً. حتى الآن تم ضبط نحو 400 قطعة سلاح في الضفة هذه السنة. وفي المكان الذي يسود فيه طلب واسع واحتمال ربح كبير، من المرجّح أن تقام خطوط إنتاج إضافية للسلاح المحلي الصنع حتى في حال قيام إسرائيل بزيادة الضغوط التي تمارسها على من يشتغلون بذلك.