في يوم الاحد الماضي انطلقت مرة اخرى صافرة انذار في سديروت. لحسن الحظ لم تقع اصابات. والحظ ذاته كان لنا الاف المرات قبل ذلك عندما أخطأت صواريخ حماس وغيرها من الميليشيات في غزة اهدافها. اما الصاروخ الذي اطلق نحو سديروت في بداية الاسبوع الماضي فهو تذكير اليم بتفويت الفرصة الكبيرة من نتنياهو تجاه مواطني الدولة، وهشاشة العلاقات بين غزة واسرائيل.
قبل سنتين، في 26 آب 2014، انتهت معركة الجرف الصامد؛ اكثر من سبعة اسابيع في اثنائها وصل تهديد الصواريخ من غزة الى تل أبيب. وقاتل جنود الجيش الاسرائيلي ببسالة في القطاع في الوقت الذي أمنت منظومة القبة الحديدية سلامة المواطنين في الجبهة الداخلية في مواجهة صليات يومية من عشرات ومئات الصواريخ.
صمد الجيش الاسرائيلي والمواطنون الاسرائيليون بشجاعة وتصميم في الحرب الاخيرة. ولا يوجد منطق استراتيجي في أن نتوقع منهم ان يواصلوا عمل ذلك في الحرب التالية ايضا وفي تلك التي ستأتي بعدها. لقد كانت الجرف الصامد حربا مست بالعمل الاقتصادي وخلفت تجارب صادمة لدى المواطنين. وما يعظم الصدمة هو انه رغم الثمن العالي بحياة الانسان وبالبنى التحتية، انتهت الحرب دون أي انجاز سياسي.
هذه المرة ايضا كانت وفرة من الافكار، بما في ذلك تجريد القطاع من السلاح واستبدال حماس في نقاط الحدود بقوات أمن من السلطة الفلسطينية، في اطار قمة اقليمية وعودة الى محادثات السلام على اساس خطوط 67 والحفاظ على الكتل الاستيطانية. واقترح اليمين المتطرف الاحتلال التام للقطاع. ومع ذلك، فان كل «الافق السياسي» الذي تحدث عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنفسه في نهاية الحرب ذاب واختفى. بعد سنتين من الحرب يمكن القول ان ليس لدى نتنياهو استراتيجية لا للحرب ولا للسلام على حد سواء.
غزة اليوم هي منطقة تتدهور بسرعة نحو ازمة اقتصادية وبيئية حادة. حماس في ازمة مالية قاسية للغاية، والاموال من قطر التي نقلت في الشهر الماضي لا تكفي حتى لدفع رواتب شهر تموز. اضافة الى ذلك، فان فيها أزمة مياه خطيرة، من شأنها أن تكون لها آثار بيئية وصحية شديدة على اسرائيل أيضا.
ومع أن حماس تحظى بعطف ما في الضفة الغربية، ليس لنا تأييد حقيقي في أوساط رعاياها في غزة. فندوب الحرب ملموسة جيدا، والعلاقات مع مصر في درك اسفل تاريخي وعملية المصالحة المنشودة مع فتح بقيت مجمدة. وفضلا عن ذلك، فقد تضرر ايضا انجاز حماس الاكبر حتى الان – تحرير 1.047 «مخربا» على ايدي حكومة نتنياهو في اطار المفاوضات لتحرير جلعاد شاليط – حين اعتقل الكثيرون منهم من جديد قبل حملة الجرف الصامد.
وقبيل الانتخابات المحلية التي يزمع اجراؤها في تشرين الاول في الضفة وفي غزة، من شأن حماس ان تفضل توجيه الانتقاد من الداخل نحو اسرائيل. ومع أنه يبدو ان الخواطر هدأت بعد اطلاق النار الاسبوع الماضي على سديروت، الا ان كل الظروف على الارض يمكنها ان تشتعل بسهولة لتصل الى حرب اخرى. حماس من جهتها تتسلح، تتمترس وتواصل حفر الانفاق من تحت الكيبوتسات والبلدات في غلاف غزة.
نتنياهو وليبرمان انطلقا في الماضي في تصريحات فارغة مثل اسقاط حماس واغتيال رئيس وزرائها هنية اذا لم يحرروا الاسرى الاسرائيليين. اما الان فهما صامتان.
عزلة حماس يجب تشديدها – دوليا واقليميا. كما أنها يجب ان تعود الى نقطة الدرك الاسفل في الرأي العام الفلسطيني حيث كانت توجد في الاستطلاعات في الضفة والقطاع في الايام التي سبقت الحرب. ولهذا الغرض يحتاج الفلسطينيون الى بديل افضل من حكم حماس وطريق العنف.
ومع ذلك، يعرض نتنياهو وليبرمان حلولا تحافظ على الواقع القائم. بعد سنتين من الحملة هناك اعتراف متعاظم لدى كل القيادات العسكرية والسياسية بانه بدون مسيرة سياسية استكمالية، ستضيع الانجازات العسكرية هباء. والرجلان اللذان يؤديان المناصب العليا الثلاثة في الساحة الامنية – السياسية، وزير الدفاع، وزير الخارجية ورئيس الوزراء، يحاولان بيأس ادارة الواقع. بعد سنتين من الجرف الصامد تحتاج اسرائيل الى قبة حديدية سياسية وزعامية لا تتردد في العمل على تغيير الواقع لضمان امن اسرائيل ووجودها كالدولة اليهودية والديمقراطية.