القرآن الكريم هو دستور المؤمنين ومنهجهم، وما ترك الله سبحانه وتعالى من شيء إلا وأورده فيه، وكنوز القرآن الكريم لا تنفد، واليوم نحن مع كنز من كنوزه اخبرنا عنه سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بأن هناك عشر آيات من أقامهن وطبقهن دخل الجنة.
فعن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل الله عليه يوما فمكثنا ساعة، فسري عنه فاستقبل القبلة فقال: اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، ثم قال: "لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ، ثم قرأ قد أفلح المؤمنون حتى ختم العشر".
الآية الأولى:
قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} وفيها بشارة بأن من يطبق ما سيأتي في الآيات التالية ويقيمها فهو من المفلحين في الدنيا والآخرة، والفلاح هو النجاة والفوز، فمن يقيم هذه الأمور التالية يصبح من ورثة جنة الفردوس خالدًا فيها.
الآية الثانية:
قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.. لأن الصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين، فهي الصلة والرابطة بين العبد وربه، لذا كان الخشوع من لوازم الصلاة لأنه ليس للإنسان من صلاته إلا ما يعقل منها.
والخشوع في الصلاة يعني إتمام أركانها من ركوع وسجود مع حضور القلب في حضرة الله، وجعل الهم همًا واحدًا ألا وهو الوصول لمرضاة الله عز وجل.
وسئل حاتم الأصم وكان من أكثر الناس خشوعًا عن صلاته فقال: "أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبة بين حاجبي والصراط تحت قدمي، والجنه عن يميني، والنار عن يساري، وملك الموت على رأسي، وأظنها أخر صلاتي، ثم أكبر تكبيرًا بتحقيق، وأقرأ قراءة بترتيل، وأركع ركوعاً بتواضع، وسجود بخشوع، ثم أسلم ولا أدري أقبلت صلاتي أم لا .
الآية الثالثة:
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} وهي خصلة من خصل الإيمان فإذا مررت بلغو أو لهو أو حديث سيء أو سمعت كلام قبيح عليك أن تكرم نفسك عن الدخول المشاركة فيه، وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثون حديثاً شريفاً في كتب الصحاح التسعة, تتحدث عن اللغو وعاقبته.
الآية الرابعة:
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} والزكاة فريضة مهمة من فرائض الإسلام، وهي تمثل معنى التكافي الاجتماعي بين الناس، وآداء لحق الفقراء على الأغنياء .. وفي آداء الزكاة تطهير للأموال مما يكون قد شابها من حرام أو شبهة، وكذلك تطهير للنفس وتزكية لها من أمراضها وأهوائها مثل البخل والشح وغيرهما، يقول تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}.
الآيات الخامسة والسادسة والسابعة:
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ "5" إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ "6" فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ "7"}.
وهي أن يحفظ الإنسان فرجه من أن يراه أو يمسه غير الأزواج والزوجات في أطار علاقة شرعية ترضي الله .. فما من شهوة أودعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان إلا وجعل لها طريقة مشروعة لتحصيلها فجعل الزواج لحفظ الفروج من الحرام، وحينما أمر الله بغض البصر سمح له أن يطلق بصره فيمن تحل له مثل الزوج لزوجته أو الزوجه لزوجها.
وحفظ الفروج من أسباب دخول الجنة، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه، أضمن له الجنة".