شهدت الأشهر الاخيرة تصعيدا خطيرا في الهجمات الاسرائيلية على المجتمع المدني الفلسطيني.
وشملت هذه الهجمات، حملات اعلامية منسقة ومنظمة بدقة من اللوبي الصهيوني ضد عدد من المؤسسات الاهلية الفلسطينية ، وضد المؤسسات الدولية التي تدعمها أو تتعاون معها.
كما شملت نشر دعايات كاذبة ومغرضة للمس بسمعة مؤسسات حقوق الانسان الفلسطينية والدولية مثل الحق والميزان، ووصلت الى حد توجيه تهديدات خطيرة لعدد من العاملين فيها.
وتصاعدت الحملة لتمس بمؤسسات اعلامية وحقوقية، بالإضافة الى الهجوم العلني المنسق والذي تقوده الحكومة الاسرائيلية ومنظمات اللوبي الصهيوني ضد حركة المقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات BDS، والناشطين الدوليين والمحليين فيها.
وقبل ذلك تعرضت للتدمير، على يد الجيش الاسرائيلي، العديد من المشاريع التنموية التي نفذتها المؤسسات الأهلية لدعم التجمعات المهددة بالاستيطان والترحيل فيما يسمى مناطق "ج" .
وامتدت حملة الارهاب الفكري لتنال المؤسسات الدولية بادعاءات كاذبة ضد عاملين فيها، مثل مؤسسة وورلد فيجين ( World Vision ) ووكالة الأمم المتحدة للتنمية (UNDP ) بسبب دعمها للاحتياجات الانسانية للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة.
ورغم انكشاف عدم مصداقية تلك الادعاءات استمرت الحكومة الاسرائيلية في حملتها واعتقالاتها.
ولم يكن غريبا أن تشمل هذه الحملة مؤسسات حقوق انسان اسرائيلية مثل بتسيلم وغيرها، لأنها تكشف المخططات الاستيطانية وتنتقد اعتداءات السلطات الاسرائيلية على حقوق الانسان.
وعلى ما يبدو فان الحكومة الاسرائيلية تعتقد أن الأجواء الدولية وفي المنطقة مناسبة لتصعيد هجومها ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته المجتمعية ومنظماته الاهلية. وهدفها خنق وتجفيف كل نشاط تنموي لإسناد وصمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه. وكذلك اخماد كل صوت ناقد يتصدى لسياساتها العنصرية والاحتلالية ولخروقاتها الفاضحة لحقوق الانسان.
ولا تتوقف الهجمات الإسرائيلية عند أي حدود فالمتضامنون مع الشعب الفلسطيني من النشطاء والمفكرين الاجانب معرضون للملاحقة والتشويه والى خطر الطرد من عملهم اذا انتقدوا السياسات الاسرائيلية أو ساهموا في فضحها.
بل ان هذا الهجوم منسق كما يبدو مع الهجمات العسكرية والسياسية بهدف تحريم كل شكل من أشكال المقاومة للاحتلال حتى أكثرها سلمية.
فالنضال الفلسطيني في عرف الاحتلال هو ارهاب أو عنف أو تحريض.
وبالنسبة للوبي المناصر لإسرائيل ، فان كل البشر مقسمين الى أربعة اصناف. الصنف الجيد وهو المناصر بشكل مطلق لحكومات اسرائيل وسياساتها، والصنف الثاني متهم بالإرهاب ويشمل كل من يناضل ضد الاحتلال ونظام الأبرتهايد العنصري، والصنف الثالث ممن يتهمون باللاسامية لانهم يناصرون الشعب الفلسطيني ويتضامنون معه ( مع ان الشعب الفلسطيني نفسه شعب سامي) .
اما التصنيف الرابع فيشمل اليهود الرافضين للسياسات الاسرائيلية والمتضامنين مع نضال الشعب الفلسطيني، وهؤلاء يوصفون بأنهم ( كارهين لأنفسهم) .
لا توجد حماقة تعادل سخافة من يستخدمون هذه التصنيفات ومنهم أشخاص يحتلون مناصب عليا في الحكومة الاسرائيلية.
ولا يجوز السكوت عن حملة الارهاب النفسي الظالمة التي تشن ضد شرفاء ومناضلين ومؤسسات تخدم الناس واحتياجاتهم بإخلاص، وكما لا يجوز ان يسمح للإرهاب الفكري الذي تمارسه بعض مؤسسات اللوبي المناصر للاحتلال بالنجاح.
وفي التاريخ أمثلة عديدة لما يمكن ان ينتج عن التراخي في التصدي لحملات الارهاب الفكري. ولولا الجبن أمام من مارسوه لما انتشرت الفاشية والنازية وعنصرية الأبارتهايد و اللاسامية في بعض الازمان في اوروبا وغيرها.
وكما قال مارتن لوثر كينغ المناضل البارز ضد العنصرية في الولايات المتحدة، والذي دفع حياته ثمنا لتصدية للعنصرية والارهاب الفكري فان "الظلم في مكان ما يمثل تهديدا للعدل في كل مكان، وفي النهاية لن نذكر كلمات اعدائنا، بل صمت اصدقائنا. "