رسائل من سورة الفيل

untitled-png-87368184561910688
حجم الخط

 الحسد هو أحد أخطر الأمراض المعنوية. فالحاسد يضر بمن حوله بقدر إضراره بنفسه. فهو شخص يدخر دائما الكره والحقد والانتقام داخل عالمه الخاص. ولكن هناك حقيقة ثابتة وهي أن الإحباط هو نهاية الإنسان الحاسد.

جميعنا نعرف قصة أبرهة الحبشي المذكورة في سورة الفيل المتعلقة بإصراره على هدم الكعبة. 

حسنا ما هي الدروس المستفادة من هذه الحادثة؟ دعونا نلقي نظرة سويا على تلك الوقائع.

كان العرب يفدون سنويا  من كل أنحاء شبه الجزيرة العربية إلى مكة للحج وزيارة الأصنام الموجودة في محيط الكعبة. وعلى مقربة من مكة كانت تُقام المعارض حيث تتشكل الحياة التجارية والثقافية لشبه الجزيرة. وكانت قبيلة قريش تستفيد من هذا الوضع على أكمل حال وتزيد من قوتها الاقتصادية.

في هذه الأثناء كان حاكم اليمن الحبشي أبرهة غير راض عن الفضل الذي توفره الكعبة لمكة وقبيلة قريش. وبعدما سيطرت عليه مشاعر الغيرة قرر أبرهة إنشاء معبد بديل للكعبة.

جيش قوامه ستين ألف مقاتل

أبرهة كان مسيحيا وأمر بإنشاء كنيسة مهيبة في العاصمة صنعاء. ووفقا لخطة أبرهة فإن العرب كانوا سيتوافدون على كنيسة القليس التي بناها بدلا من الكعبة وبهذا ستزداد اليمن ثراء بدلا من مكة وستصبح رؤوس أموال شبة الجزيرة تحت تصرفه. لكن الأمور لم تسر مثلما خطط لها. فالعرب لم يكترثوا لأمر الكنيسة مما أثار غضب أبرهة فاختلق حجة وقرر هدم الكعبة.

أعد أبرهة جيشا قوامه 60 ألف شخص واتجه صوب الكعبة. وتجاهلوا العديد من التحذيرات الإلهية التي أصابتهم إلى أن وصلوا إلى الكعبة. لأنهم لم يتعظوا أبدا مما حدث لشخص سيطر الحقد والكره والانتقام على فكره.

قدوم طيور العذاب

في هذه الأثناء شهد الجنود حادثا آخر لم يتوقعوه. كانت غشاوة ضخمة قادمة من جهة الساحل تتجه صوبهم. وعند اقترابها قليلا لاحظوا أنها سرب كبير من الطيور يصدر ضجيجا عاليا. فاستهدفت هذه الطيور جيش أبرهة الذي يحارب عقيدة الألوهية وألقوا عليهم حجارة بحجم حبات الحمص.

كل طائر كان يحمل ثلاثة أحجار في قدميه ومنقاره. وكان كل حجر تلقيه هذه الطيور يصيب جنديا وكان الجندي المصاب يسقط فورا على الأرض. لم يمض الكثير من الوقت حتى هُزم جيش أبرهة الحبشي العظيم الذي لم يجرؤ أحد على التصدي له أمام كائنات لا تمتلك أية قوة لكنها اكتسبتها بتوجهها إلى المالك الفعلي للقوة.

سأهدم المكان الذي تذهبون إليه

هناك الكثير من العبر والدروس التي يمكن استخلاصها من حادثة أصحاب الفيل. ونحن هنا نريد إبراز تلك النقطة وهي أن عدم اكتراث الناس بالمعبد المبهرج الذي أنشأه أبرهة كبديل للكعبة وجهزه بكل الإمكانات. ولكن استمرار الناس في التوجه إلى الكعبة أوقع أبرهة في أزمات الغيرة.

وبسبب هذا الغضب خرج أبرهة على رأس جيش مهيب عجز الناس عن التصدي له لهدم الكعبة. وهكذا يعمي الحسد ومشاعر الحقد والكره والانتقام الناتجة عنه بصيرة الإنسان. وأبرهة كان ينوي أن يقول “إن لم تأتوا إلي فسأهدم المكان الذي تذهبون إليه”. ونتيجة الكلام أن الحسد إن تمكن من كيان الإنسان يجعله يتجرأ على القيام بما يملي عليه هواه دون أن يفكر في عاقبته.

إن أردنا أن نلخص ما ذكرناه:

أكثر إنسان يشعر بالتعاسة في هذا العام هو الإنسان الذي يسيطر الحقد والغضب على قلبه.

الحسد هو مرض يدمر الإنسان من الداخل.

الإنسان الحسود هو شخص مثير للشفقة وهو يسقط من نظر الناس بينما يرغب في تحقير الآخرين.