أثار جنرالان إسرائيليان، سابقان، غضباً واسعاً في بعض الأوساط اليمينية في إسرائيل جراء تصريحات غير معتادة أطلقاها مؤخراً. فقد أعلن رئيس الموساد السابق تامير باردو أن "التشرذم في إسرائيل قد يقود إلى حرب أهلية، ونحن نسير في هذا الاتجاه". أما الجنرال غادي شماني الذي كان قائداً للجبهة الوسطى في الجيش الإسرائيلي فقال "إننا أبطال العالم في الاحتلال، ونحن طورناه إلى مستوى الفن".
وواضح أن الجنرالين، وفي مواضع مختلفة، أرادا من كلامهما الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من كل ما يشاع عن ازدهار إسرائيل وقوتها، توجد عوامل كثيرة في داخلها تثير قلقهما. وقد أشار باردو إلى أن قلقه يتجه أساساً نحو الفجوات والفوارق الداخلية التي تهدد بانفجار المجتمع من الداخل كما يحدث في الدول العربية. وبالمقابل فإن الجنرال شماني يتحدث عن إنهاك الجيش وتآكله عبر الاحتلال وما يخلفه من طمس للقيم والتمييز بين البشر.
وفي مؤتمر صحافي عقده جنرالات لمناسبة مسيرة الذكرى للجنود الدروز القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، أشار باردو إلى خطر الاستقطاب وألمح إلى التشرذم القائم في المجتمع الإسرائيلي. وقال إن "الخطر الداخلي ينبغي أن يقلقنا أكثر من الخطر الخارجي... وإذا تخطى التشرذم في المجتمع خطاً معيناً، فقد نصل إلى ظواهر مثل الحرب الأهلية في حالة التطرف، والمسافات لأسفي تتقلص. وأخشى أننا نسير في هذا الاتجاه".
وشرح باردو موقفه قائلاً إنه "داخل المجتمع الإسرائيلي ثمة من يرتاحون للتركيز على ما يفرق وليس على ما يوحد. وأنا لا أريد أن أشير إلى مجموعة أو زعيم بعينه. هذا موجود في كل الطوائف هنا". وأضاف أنه "من أجل الأبناء والأحفاد ينبغي أن نكون متفائلين، وهذا ما يبقينا هنا. فالدولة هي الاتحاد والتميز. ولكل جهة عناصر تميزها ولكن هناك ما يوحدها. وهناك من يريدون أن يسري تميزهم على كل المجتمع وهذا يفشل. كانت هناك محاولة كهذه". وأكد أن الخطر على إسرائيل داخلي، مثلما ظهر الخطر على العراق وليبيا واليمن.
وعرض باردو لما اعتبره عوامل الفرقة، فأشار إلى أنه "تم تخطي الخطوط الحمر في المعركة الانتخابية، ولكن المشكلة هي أنهم يواصلون المعركة الانتخابية على مدى الوقت. إن الانقسام مشروع في المجلس التشريعي ولكن لا ينبغي نقل السجالات إلى المستويات الشعبية، وإظهارها وكأنها كل شيء". ومع ذلك حمّل الجمهور أيضاً مسؤولية الانقسام قائلاً: "إن تعليق تشرذم المجتمع برجال السياسة ليس صائباً. فأنت لا يمكنك أن تعفيهم من المسؤولية، لكن التغيير يجب أن يأتي من الأدنى".
أما الجنرال شماني فقال في محاضرة ألقاها قبل يومين في معهد "السياسة والاستراتيجيا" في مركز هرتسليا "إننا أبطال العالم في الاحتلال وقد رفعناه إلى مستوى الفن. كنت قائد المنطقة الوسطى، قائد (بطل) الاحتلال".
وحسب شماني، "اسرائيل لن توافق أبداً على تسوية لا تعطي جواباً لمطالبها الأمنية، والفلسطينيون لن يقبلوا استمرار الاحتلال بلا نهاية. والحل الوحيد المقبول هو الانفصال بالاتفاق. دول المنطقة ناضجة ومعنية باقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، ولكنها لن تفعل ذلك طالما لم تحل المسألة الفلسطينية. على إسرائيل أن تؤثر على المنظومة الاقليمية عبر العلاقات مع دول مختلفة وعبر علاقاتها مع الولايات المتحدة".
وأضاف بأن "الانشغال العسكري الإسرائيلي بالسيطرة على سكان بعدد 2.5 مليون نسمة يحرف الجيش الإسرائيلي عن نشاطه الأساس، وهو يجد صعوبة في الاستعداد لمواجهة التهديدات التي يتعين عليه أن يتصدى لها. الجيش يفقد من جاهزيته وأهليته ويصبح كيس ضربات للسياسيين".
هذا وأثارت تصريحات شماني عاصفة وتسببت بردود فعل في الساحة السياسية. فقد قال الوزير زئيف الكين: "آسف جداً على تصريحات الجنرال شماني. فأنت لا تحتل بلادك، بل تعود إليها فقط. كمقيم في غوش عتسيون أرى نفسي مستوطناً فخوراً وليس محتلاً لبلاد أجنبية، وهكذا كنت أتوقع أيضاً من ضباط الجيش الإسرائيلي المؤتمنين على حماية حياة المستوطنين".
أما النائب نيسان سلوميانسكي فأضاف بأنه "مؤسف السماع أن هكذا يحاول الجنرال شق طريقه إلى السياسة الإسرائيلية. فإذا كان "العبء الأخلاقي" لتواجدنا في يهودا والسامرة لاذعاً بهذا القدر ومثقلاً عليه، فلماذا أخذ على عاتقه منصب قائد المنطقة الوسطى؟".
وعلى حد قول الوزير أوري ارئيل فإنه "لا يمكن لأي محاضرة في أي مكان من أي شخص أن تنجح في تشويش حقيقة أن يهودا والسامرة هي مهد تاريخ الشعب اليهودي، وعليه فإن كل تعريف الاحتلال في بلادنا سخيف وغير ذي صلة. في بداية السنة الدراسية، أقترح على شماني أن يعود إلى المدرسة ويتعلم بعض التوراة أو التاريخ. خسارة أنه يواصل الإخفاق في اللسان وبالأساس في روحه".
لكن الجنرال شماني رفض الاتهامات ضده وكرر تمسكه بقوله "إننا رفعنا الاحتلال إلى مستوى الفن". وشدد على "أنني قلت ما أفكر فيه وأنا أتحمل مسؤولية كلامي. لقد كنا في مؤتمر حول الترتيبات الأمنية البديلة لدولة إسرائيل وبشكل طبيعي تحدثنا عن الوضع القائم وأبديت رأيي".