الاستيطان وسياسة حكومة نتنياهو!!

سميح شبيب
حجم الخط

تأتي مصادقة المجلس الأعلى للتخطيط، التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، والقاضي ببناء ٥٤٦ وحدة استيطانية جديدة، في الضفة الغربية، في وقت تستكمل فيه الخطوات لعقد مؤتمر دولي للسلام، وفقاً للمبادرة الفرنسية، وتتداعى أطراف دولية وإقليمية، لعقد لقاء بين الرئيس محمود عباس «ابو مازن» ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في موسكو بهدف تحريك عملية السلام المجمدة.
تأتي هذه الخطوة الاستيطانية، كحركة اعتراضية تهدف لإيصال رسالة واضحة، وللأطراف كافة، بأن إسرائيل لن توقف الاستيطان، وبأن مخططها بشأن الضفة الغربية، لا يزال قائماً ومستمراً، رغم الاعتراضات الدولية والإقليمية.
لعله بات واضحاً، بأن الهدف الأساس من وراء هذه الخطوة، هو رفع عدد المستوطنين في الضفة، الى مليون مستوطن، وبأن بناء تلك الوحدات، سيقسم الضفة الغربية ويحول دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً.
عند طرح المبادرة الروسية، وجمع الرئيسين عباس ونتنياهو، وافقت القيادة الفلسطينية، على أساس أن أي جهد يرمي لأحياء عملية السلام، وفق المرجعيات الدولية، وإنقاذ فكرة «الدولتين» هو جهد مرحب به. عندها جاءت مصادقة المجلس الأعلى للتخطيط في الإدارة المدنية الإسرائيلية، ليقول وبوضوح، ان الاستيطان بالنسبة لحكومة نتنياهو، خط أحمر، ولا يمكن التراجع عنه، وبأن عزم الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستمرار في الاستيطان وكما هو واضح، يرمي لمنع اي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وللحيلولة دون اي جهد دولي، يرمي الى تسوية القضية الفلسطينية، وفق اي مرجعيات كانت، دون الأخذ في الاعتبارات الإسرائيلية، ودون موافقتها ورعايتها المباشرة، وبالتالي فإن إسرائيل تنظر للاستيطان في الضفة، وفق رؤيتها ومخططها في ظل حكومة نتنياهو الائتلافية من أحزاب اليمين والمستوطنين، ترمي للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية وبأن نتنياهو يهدف من وراء الاستمرار بمشاريع الاستيطان، على هذا النحو الفج والقبيح، يهدف للحفاظ على ائتلافه من خلال تصعيد الاستيطان في الضفة الغربية، ورفع عدد المستوطنين البالغ عددهم قرابة ٦٥٠ الف مستوطن، الى مليون مستوطن، ومحاولة فرض هذا الأمر، على أنه واقع، على المجتمع الدولي أخذه في عين الاعتبار.
 من جانب آخر، فإن المصادقة على بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، تأتي في وسط اجواء ومناخات، يؤكد ليبرمان خلالها، دعوته تجاوز السلطة، وخلق بدائل محلية عوضاً عنها، ولا يخفي عداءه الواضح، لرئيسها وأجهزتها.
ما سبق وأن أوصل عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، الى درجة الجمود وحافة الانهيار، هو الاستيطان، تحديداً، والولايات المتحدة، كراعية لعملية السلام، تدرك ذلك تمام الإدراك، لكنها للأسف لم تشر الى الجهة المعطلة وهي إسرائيل وجهودها الاستيطانية التي قطعت أوصال الضفة الغربية وباتت تشكل حائلاً واضحاً، دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة.
لعل وعسى، وفي حال عقد اللقاء بين نتنياهو - عباس في موسكو، وفي حال كانت الجهود واضحة وجدية، أن يظهر بوضوح، من هو الطرف المعطل لجهود السلام، والوصول لحل الدولتين، وهو أمر من اليسير معرفته وتحديده.
إسرائيل تحاول دوماً، ذر الرماد في العيون، وفرض وقائع جديدة، عندما تلوح في الأفق أية مبادرات او جهود، ترمي لتسوية الأمور، والوصول الى حلول دائمة ونهائية!!