الفلسطينيون لا يريدون دولة وإسرائيل لا تريد إنهاء الاحتلال!

232
حجم الخط

بقلم: سيفر بلوتسكر / عن «يديعوت»

كي نتبين على نحو سليم آثار الخطوات المختلفة للسياسة ينظر الاقتصاديون الى «التفضيلات المنكشفة للناس: التفضيلات التي تنكشف في افعالهم وليس في أقوالهم. فعندما يعلن الناس عن سلم أولوياتهم، عن نواياهم، وعن إراداتهم، ينبغي بالطبع تصديقهم. ولكن اذا كانوا عمليا يتصرفون بشكل مختلف عن تصريحاتهم، فثمة مجال لنرى في اختياراتهم عمليا التعبير عن تفضيلاتهم الحقيقية.
ظاهراً، ما الجديد؟ فطوال الوقت نحن نتعاطى بشك مع اعلان نوايا هذا الرجل أو ذاك. كل الوقت؟ ليس دقيقاً. الميل الطبيعي هو إعطاء الثقة للكلمات، ولا سيما حين تقال بلغة مقنعة، احتفالية، مباشرة. فمن ليس واثقا من أن ابنه يريد حقا بالونا أحمر رغم انه أمام طيف من البالونات يختار دوما الاخضر أو الازرق؟ ماذا، هل الولد يكذب كل الوقت؟ هنا تأتي نظرية التفضيلات المنكشفة فتقول: لندع علم النفس ونركز على السلوك. لو كان الولد يريد بالونا أحمر، لكان لديه هذا منذ زمن بعيد. وهذا دليل على أنه يفضل ألوانا اخرى.
مفهوم أن «التفضيلات المنكشفة» استعمالي جداً ويشرح الكثير.
فكروا بسياسيينا. فهم يقولون مثلاً إن السكن الغالي على رأس سلم افضلياتهم. ولكن عندما يواصل السكن الغلاء سنة إثر اخرى من الواضح أنهم يفضلون شققا غالية على نحو متزايد.  هذا هو تفضيلهم المنكشف. فلعلهم  بصدق اجتهدوا ليخفضوا غلاء الشقق ولم ينجحوا؟ لعلهم اجتهدوا ولكن ليس بصدق. المشكلة لا تبدو لهم مهمة على نحو كاف – مفضلة على نحو كاف – كي يجندوا المقدرات اللازمة لحلها.
أو فكروا في القطار الخفيف في غوش دان. فهو ليس جاهزا لان اصحاب القرار فضلوا الا ينطلق. فضلوا متروبول غوش دان بدون قطار خفيف، ولا يهم ما قالوا، ما صرحوا وما تعهدوا. أو فكروا بالشراء الزهيد. مستهلكو اسرائيل يعلنون بان سعر المنتج في رأس سلم أفضلياتهم. ولكن سلوكهم عمليا يدل على اعطاء افضلية لراحة الشراء، لرأي الرفاق، للقرب من البيت. فهذه هي التفضيلات الاستهلاكية المنكشفة، وعليها يتعين على البائعين ان يستندوا.
أو فكروا بالانتخابات الاخيرة وعن التناقض بين سلم تفضيلات الناخبين في استطلاعات الرأي العام وبين تفضيلهم المنكشف، كما انكشف في التصويت العملي. انكشف، بالمناسبة، على نحو متأخر جدا بالنسبة للسياسيين.
لا يدور الحديث هنا عن تضليل واع، أو ظاهرة متكررة لا مثيل لها. يدور الحديث عن عدم قدرة الهيئات، المؤسسات، الزعماء، والناس لان يقدموا للاخرين، وبشكل عام لانفسهم ايضا، حسابا صادقاً عما يفضلونه حقا.
تفضلوا، رجاء لابعاد نظرتكم الى كوريا الجنوبية. فقد صرح قادتها على اجيالهم عن الوحدة مع كوريا الشمالية الشيوعية كأحد الاهداف الاعلى في سلم الافضليات. ولكن منذ عشرات السنين  لا تجتهد كوريا الجنوبية بشق طريق الوحدة، بل سلمت بالتسلح النووي لكوريا الشمالية. وعلى هذا يقول الاقتصاديون: «التفضيل المنكشف لكوريا الجنوبية هو أن تعيش بخير الى جانب شقيقتها الشمالية الحبيسة، الفقيرة، النووية والمنفصلة عن ثراء الجنوب بأسيجة واسوار. على الولايات المتحدة ان تأخذ هذا التفضيل المنكشف بالحسبان.
فكروا بالزعماء الفلسطينيين. منذ العام 1988 وهم يعلنون بأنهم معنيون باقامة دولة الى جانب اسرائيل، ولكن لو كانت اقامة دولة قومية فلسطينية تقف على رأس تفضيلاتهم – لكانت منذ الان حقيقة قائمة، رغم أنف إسرائيل أو بتأييدها الصامت. ان التفضيل المنكشف الواضح للفلسطينيين هو بالتالي ضد دولة مستقلة الى جانب اسرائيل. التفضيل المنكشف لاسرائيل، باستثناء عهد رابين وشارون هو البقاء في «المناطق» الى الابد. في سلوكهم عمليا يكشف طرفا النزاع تفضيلهما لدولة ثنائية القومية. وهي بالتالي أقرب من أي وقت مضى. بالافعال، وليس بالأقوال.