لا حاجة للاستفتاء الشعبي عـلـى مـسـتـقـبـل الـضـفـة

thumb.php
حجم الخط

أنا ضد الاستفتاء الشعبي، ولا يهم من بادر إلى الخطوة. فالنظام الدستوري الإسرائيلي متهالك على اي حال، وقوانينها الأساس تعتمد على سقالات هشة، وليس للنظام الإسرائيلي حاجة أو مطالبة باضافة عنصر جديد. وبدلاً من تعزيز المبنى، يطالب مؤيدو الاستفتاءات الشعبية بالاثقال على المبنى من خلال بناء شرفة ستنهار على رأسنا.
الجمهور الاسرائيلي مشروخ ومنقسم الى عدد لا يحصى من الجماعات. حملة انتخابية واحدة كل سنتين، احيانا كل ثلاث سنوات أو اربع، تثقل على المجتمع الاسرائيلي.
اتهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، جمعيات اليسار بأنها نقلت العرب بجموعهم الى صناديق الاقتراع، فتقلص اليسار وغضب وتحدثوا في اليمين (نتنياهو وآخرون) عن تصفية النخب التي سيطرت على الدولة (أتذكرون حكام جائزة اسرائيل؟). صلى الوسط السياسي كي تلغى سيطرة الدين على الدولة، وشعر الأصوليون بأنهم أقلية مضطهدة.  ما الذي سيجديه استفتاء شعبي؟ حملة انتخابات مركبة اخرى، مختلفة وغير متوقعة، على مداها عدد لا يحصى من نقاط الاحتكاك والصدع؟ الاستفتاء الشعبي سيخلق خلافا حول صيغة السؤال، هوية المسؤولين عن الخطوة، موعد اجرائه، قواعد تمويل الدعاية وغيرها. من الصعب التفكير في عنصر دستوري معقد، زائد وباهظ الثمن بهذا القدر.
يسير الناس وراء النهج الشعبي ظاهراً. فلنسأل الشعب رأيه؟ بسيط جداً، وأولي. ولكن لا يسألون الشعب رأيه في السبت، وغياب إمكانية استخدام المواصلات العامة في الأعياد. كما لا يسألونه بالنسبة للانسحاب من لبنان أو حملة قتالية. لم يسألوا الشعب عن جدار الفصل، استكمال جدار الحدود مع مصر، طرد اللاجئين، خصخصة خدمات الرفاه أو تصفية سياسة السكن العام في الدولة. لا يسألونه شيئا. والقسم الأكثر استقطابا: من يسألون؟ قانون أساس للاستفتاء الشعبي لا ينطبق على "المناطق". إذاً، كيف يمكن ان نسأل الشعب عن مناطق ليست تحت سيادة الدولة؟ لما هذه "المناطق" لم تضم، فان القانون الاساس هو قطعة ورق من لا شيء، الا اذا كان الحديث يدور عن شرقي القدس أو هضبة الجولان (حيث فرضت اسرائيل سيادتها).
من أجل اعطاء مفعول لخطوة الاستفتاء الشعبي على مناطق ليست سيادة الدولة يجب ضمها وفقط عندها سؤال الشعب. فهل هذا معقول؟ في اليمين الاسرائيلي المبادرون الى القانون الاساس للاستفتاء الشعبي لم يقصدون سؤال الفلسطينيين الذين يعيشون في "المناطق" عن موقفهم. فقد سنوا القانون الاساس من أجل منع امكانية هذه الخطوة السياسية. وحتى حسب المشروع الجديد للسلام الان، الذي ارسل الي ايضا في البريد الالكتروني، أول من أمس، لا توجد نية لسؤال سكان "المناطق" عن وضع السيادة التي توجد أو لا توجد عليهم. فهم على الاطلاق ليسوا مواطني الدولة.
وهذا هو الوضع: ليس لمواطني الدولة الصلاحيات للبحث في مصير منطقة ليست في سيادة الدولة، ومنتخبو الدولة ليسوا معنيين بسماع رأي معظم سكان "المناطق". هذه الخطوة هي فقط بداية جدالات ومشاكل ستزرع المزيد من الضرر داخل المجتمع الاسرائيلي. ليس هذا استفتاء شعب بل شرخ شعب.