أكثر من مقال وتحليل تناول حركة حماس في الآونة الأخيرة, من حيث انتخاباتها الداخلية, وأيضاً العلاقة مع إيران, وكذلك فتح مكتب لها بالجزائر. لقد تمَّ تداول أسماء بشكل فيه إساءة واستفزاز للحركة, كما أنه يشكل إهانة لحركة بحجم حماس تحكمها مؤسسات، ولا تأت قراراتها وتحركاتها من خارج أطرها الشورية، فالذي يصل إلى رأس هرم القيادة (المكتب السياسي) تأتي به الانتخابات، التي يشارك فيها الآلاف من كوادر الحركة في كل مناطق تواجدها, واختيار رئيس المكتب السياسي يتم التوافق عليه أو انتخابه من بين تلك القيادات، التي تصدرت قوائم المكاتب الشورية داخل الوطن وخارجه.. وبالتالي فإن ما يروج له البعض على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والتوتير) إنما هو مجرد تمنيات للبعض و"أضغاث أحلام" لآخرين، كما أنه يبدو كتهريج إعلامي، بهدف التجريح بهذه الحركة العملاقة, والتي تحكمها المؤسسات الشورية المختلفة.
إن من المبكر ذكر اسم فلان وعلان بأنه المرشح القادم لرئاسة المكتب السياسي خلفاً للأخ خالد مشعل (أبو الوليد)؛ لأن عملية الاختيار تمر بعدة مراحل، وليس من السهل التكهن بها قبل خمسة أو ستة شهور. والمضحك أن يتم الحديث في هذه المسألة حتى قبل أن تبدأ المراحل الأولى من العملية الانتخابية.
لذلك، نقول لكل الذين ادَّعوا المعرفة، وطرحوا أسماءً بعينها، نقول لهم من موقع العالم ببواطن الأمور: لا تتعجل والزم غرزك، فهذه حركة تقرر لها مؤسسات عتيدة وليس تخمينات تفتقر في معطياتها إلى البيِّنة والمعلومات.
وفي سياق العلاقة مع إيران, وبالرغم من مواقف الحركة المتحفظة تجاه ما يجري في سوريا والعراق, إلا أن الحركة حريصة كل الحرص في الحفاظ على علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية كافة, فالخلافات – للأسف - قائمة بين كل دول المنطقة نظراً لحالة الصراع المشتعلة في معظم أركانها, ولكن هذا لا يعني بالنسبة لنا أن القطيعة هي الخيار البديل.
في السياسة، الحكمة مطلوبة، والحفاظ أن يبقى جسر التواصل مع الجميع ممدوداً, هذا هو الأساس في طبيعة العلاقات بين الدول, وهناك مثل ياباني يقول: عليك أن تبقي الباب موارباً، فلعلك تحتاج إليه في لحظة مفاجئة.
إننا في علاقاتنا الإقليمية نحاول التواصل مع عمقنا العربي والإسلامي, وليس في وارد حساباتنا أن نباعد بيننا وبين الآخر؛ سواء أكان عربياً أو إسلامياً, فإيران كمصر وتركيا نبذل كل الجهد ألا ينقطع هذا الحبل الذي بيننا، مهما كانت شدته أو ضعفه.
ومن معرفتي بجزء من تفاصيل الملف الإيراني, فإن الطريق سالكة لإعادة ترتيب العلاقة مع الحركة, وليست هناك شروط ولا أسماء ولا نحو ذلك.
إن إيران دولة إسلامية مركزية في المنطقة, وهي مدرسة في الدبلوماسية والعلاقات الدولية, كما أنها حريصة في علاقاتها مع حركة حماس, حتى وإن تبدت هناك بعض الصعوبات، وكانت جروح محطاتها غائرة.
إن إيران كانت وستظل واحدة من بين دول المنطقة التي تشكل مرتكزاً مهماً للقضية الفلسطينية. نعم؛ قد نختلف في بعض الملفات السياسية, ولكن تبقى المصلحة تجمعنا، وكذلك مستقبل الأمة وما ينزف من جراحها.
في الأسابيع الأخيرة، حققت حركة حماس نجاحاً في فتح مكتبٍ لها في الجزائر، وذلك بعد زيارة قام بها الأخ د. موسى أبو مرزوق إلى هناك، إلا أن البعض حاول التشكيك في هذه المسألة!!
إن المطلع على مواقف الدولة الجزائرية منذ الاستقلال في عام 1962، يدرك أنها كانت دائماً سبَّاقة في دعم الشعب الفلسطيني، والدفاع عن قضيته، وقد احتضنت الكثير من قيادات حركة فتح ومنظمة التحرير، وكانت مساهماتها في الدفاع عن الأمة وعن الثورة الفلسطينية لا تخطئها العين.
لذلك، كان الاستهجان لمن حاول التشكيك بتلك الخطوة، التي تعكس شهامة هذا البلد ومروءة أهله، فالجزائر كانت وستظل مع أهل فلسطين تحمل معهم الهمّ، وتتقدم في كل المحافل دفاعاً عن قضيتهم، وشعار الجزائريين الذي يتردد دائماً: "نحن مع فلسطين؛ ظالمة أو مظلومة".