أنا على قناعة تامة بأن يائير لبيد راض عنكم، أنتم يا من تكتبون على الفيس بوك بانه أسوأ من بيبي وأنكم لن تصوتوا له أبدا. فلبيد يحتاج الى اغتراب اليسار كي يكون وسط الخريطة السياسية. معركته ضد «هآرتس»، أحد الاصوات الانتقادية المدوية في اسرائيل، تفيده جدا كي يؤكد الفرق بينه وبين المشبوه الفوري، اليسار الاسرائيلي. بوست هازئ آخر ضده وبرنامج سخرية جارحة آخر فاذا بلبيد يصعد فقط. وها هي القصة: معظم المقترعين الذين ينتقلون اليه يأتون من الوسط – اليسار، حسب تحليلات العمق. فهل اليسار يفضل بيبي؟ لا تكذبوا على انفسكم.
على مدى زمن طويل جدا أصبح الوسط اليساري نوعا من مثل هذا التراص القريب، «وسط – يسار». ويفهم لبيد جيداً بأنه متعذر، إذا أخذنا بالحسبان الميول الأساس للمجتمع الاسرائيلي، الانتصار هكذا. وهو أيضا بشكل حقيقي لم يكن يسارا، وعليه فمن الصعب أن نفهم لماذا يغضبون منه هناك؛ بل انه حتى ليس من بيت مواقف يسارية، إذ أن اباه الراحل تومي لبيد اتهم بانه كان من الموالين لمناحيم بيغن في سلطة البث.
يخيب لبيد آمال الاشخاص الذين لم يسبق لهم أبدا أن علقوا عليه أملا، بسبب احساس تفويت الفرصة في اليسار. فالمرشحون لرئاسة الوزراء لا يمكن انزالهم بالمظلة أو اختراعهم، ولا حتى الجنرالات. مطلوب التعرف على الجمهور، والاهتمام الإعلامي؛ فلا يوجد مرشحون اليوم غير نتنياهو ولبيد ممن يبعثان هذا الاهتمام، وحتى الانتخابات التالية يخيل أنه لن يطل واحد كهذا.
وها هو الموضوع الجوهري سياسيا: لبيد يريد الانتصار حقا. وستتفاجأون، هذا تجديد منعش في كل مكان وحزب لا ينتمي لبيبي وعقيلته؛ أنا اعرف مرشحين سياسيين للمناصب الأعلى ممن حلموا بحكومة وحدة وليست كهذه التي يقفون على رأسها. فالمعسكر الذي لا ينتصر منذ سنوات عديدة نسي تماما ان السياسة ليست عملا للشبيبة العاملة والمتعلمة. فهي تتطلب استراتيجة وكذا مساومة على المبادئ، حتى قبل المفاوضات الائتلافية.
لقد حاول اوباما التملق للمصوتين المستقلين في الانتخابات للحزب الديمقراطي في العام 2008، فتخلى في حينه عن الحلم الديمقراطي للتأمين الصحي الرسمي بما في ذلك للأميركيين في صالح تأمينات خاصة تحت الرقابة. أما كلينتون فأصرت على مبادئها ورفعت العلم عاليا؛ فخسرت لاوباما. وعندنا، ويكاد يكون من غير الضروري الاشارة اليه، فقد مقت اليسار رابين وعندها مقت باراك أيضا؛ كلاهما تملقا لليمين. الحقيقة؟ اليسار كان محقا في تشخيصه. كان محقا، ولكنهما انتصرا.
وها هي أمامكم معطيات أساسية: السياسة الاسرائيلية هي منظومة كتلية. بدون مصوتي اليمين ممن ينتقلون الى الوسط أو اليسار، لن يكون أي هزيمة لـ «الليكود»؛ فهؤلاء المصوتون يبحثون عن شخصية يعتبرونها وسطية مع ميل الى اليمين. وهاكم معطى أساسا آخر: بدون الاصوليين، في كل حال لن يكون لاي مرشح وسط أو يسار أي احتمال. إذاً، عندما يقول لبيد في مقابلة مع الأخبار 10 في موضوع القطار انه «لا علاقة للأصوليين بالأزمة»، فان هذا يبعث ابتسامة مريرة ولكنه يجسد أيضا معنى سياسيا. «أنت تريد أن تستمتع أم تنتصر؟»، كان يسأل أحيانا اوري شني ارئيل شارون في المعارك الكبرى مع نتنياهو؛ وشارون، مع شد على الاسنان فضل أن ينتصر.
على لبيد لا يزال ملقى واجب برهان ضخم: في أنه فضلا عن الرغبة في الانتصار مستعد ليخطو خطى شجاعة كزعيم للمعارضة، خطى صحيحة مبدئيا، حتى لو لم تكن شعبية على المستوى الفوري. خطى سياسية، كتلك التي تثير حواراً جماهيرياً صادقاً ينقص جدا في اسرائيل. «نحطم الصمت» هم تنظيم مهم في أجواء الديمقراطية الاسرائيلية التي تتعرض للهجوم. اما لبيد، من جهته فيعتقد انهم يخدمون أعداء اسرائيل، وهذا موقف واسع الانتشار جدا في الجمهور الاسرائيلي.
هجمات متوقعة ضد اليسار وحالات ظهور أمام الجمهور المتعاطف لن تفعل هذا حقا؛ مطلوب ثقل فكري ومطلوب مخاطرات. لقد اثبت لبيد في الانتخابات السابقة أنه ليس حزب أجواء. وهو يثبت، الآن، بأنه المرشح المركزي لرئاسة الوزراء الذي هو ليس نتنياهو. وعليه الآن ان يثبت انه معارضة.