رغبنا في أن نحتفل في رأس السنة بنهاية موجة «إرهاب» السكاكين مع كعكة عسل غنية تذوب في الفم. والحقيقة هي أننا كنا قريبين مسافة خبيز الكعكة، باستثناء أننا لم نتمكن من شراء عجينة السكر. لكن خرب مخربو الحفلات المعروفون، الطاعنون، غير القادرين على النظر الى الافق الذي نراه من البحر في يوم صاف، وهم قصيرو النظر لانهم لا يرون خلف الحاجز.
كيف خربوا كل شيء واعادونا سنة الى الوراء وكأننا لم نخف بما يكفي سنة كاملة الخروج الى الشوارع. وقد ارادوا ان يطعنونا. لم يجروا فصلا بين من يفهم مصاعبهم في خوض حياتهم تحت الاحتلال، وبين من يعتقد بان لا بأس ان يكون بعض الاحتلال، إذ أننا كشعب عاش الاضطهاد لا نرى أنفسنا حقا شعب احتلال مع كل معانيه السلبية. فنحن نسمح للفلسطينيين ممن يتصرفون على نحو جميل ان ينالوا الرزق عندنا، نحول اليهم اموال الضرائب، نساعدهم في المواضيع الانسانية ونعالج مرضاهم في مستشفياتنا المتطورة. وهم الناكرون للجميل يطعنوننا. صحيح، ليسوا جميعهم. والحقيقة هي ان الاغلبية يتصرفون حسب التوقعات. فمع انهم ليسوا راضين الا انهم لا يتخذون سبيل العنف، ولكن كقاعدة، لا يمكننا ان نسمح لانفسنا بان نواصل العيش في الخوف. يكفي يوم من السكاكين، خمسة حالات طعن كي توقظ ذاك القسم في العقل الذي ربط السكين بالعملية بدلا من السكين بحبة البندورة.
ونحن ممن لسنا من سكان القدس لا نعرف كيف ندافع عن أنفسنا كما يفترض بمواطني سبارتا. وعليه، فان احداث الطعن من شأنها ان تستمر عندنا اكثر من 60 ثانية وان تجبي لا سمح حياة الانسان، الذي ليس فلسطينيا. يسخن رئيس بلدية القدس، نير بركات، منذ زمن ما المحركات تمهيدا لمنافسة مستقبلية على رئاسة «الليكود» (الى أن يتعاطى بيبي مع نواياه بجدية). ويعتقد بركات بأن سكان البلاد في خارج العاصمة يعانون من التوقف. «جبناء»، لم يقلها. وكرئيس بلدية لا يشغل نفسه بالاشخاص غير المرئيين ممن يولدون المنفذين للعمليات ويعيشون في هوامش مدينتهم. وهو غير متفرغ ليتساءل فيما اذا كانت مستويات من الفقر، الاحساس بالظلم، انعدام الوسيلة وانعدام المستقبل هي التي تخلق سكاكين الكراهية.
اذا أجرينا استعارة من كرة القدم، الرياضة التي لا بد أن بركات يتقنها أكثر مني، فان الجبناء هم لاعبو احتياط. فالمشاهد (او القارئ) مدعو ليقرر لاي نوع من اللاعبين ينتمي بركات. فالسياسيون، ممن يلعبون لعبة مفتوحة يتراوحون من بينيت، الذي يرى في ضم «المناطق» حلا لليأس (يأس اليهود على الاقل) وحتى لبيد او بوجي، اللذين يريان في حل الدولتين نهاية اليأس.
ان النقطة التي نوجد فيها الان هي نقطة الخوف لأنها نقطة الجمود. يمكن ان نبقيها مع مزيد فمزيد من كتائب الجنود ممن سيقيمون المزيد فالمزيد من الحواجز ويطورون كفاءاتهم لادارة سياسة الجزر والعصي، التفاح والعسل. ويمكن أن نبدأ الصباح في ميادين المدن في لياقة القتال الجسدي مثل لياقة الاحماء المتبعة في كوريا الشمالية. ومهما يكن من أمر، فاننا لن نفاجأ ابدا بالسكين التي ستأتي من مكان غير مرتقب.
وثمة طريق آخر. يمكن ان نحاول الحديث، على الاقل ان نحاول بلا شروط مسبقة، بلا حواجز، مع فهم بان الحوار فقط هو الذي جلب الحل في مناطق النزاع في اماكن اخرى من العالم. والى أن يقوم الزعماء الذين سيقبلون التحدي سنواصل الخوف (باستثناء المقدسيين الشجعان)، إذ إن الخروج في الصباح من البيت بلا حل، حين لا يكون حولك حراس، هو رهان. وان لم تكن رئيس وزراء أو وزيرا محروسا، فقد تجد نفسك في وضعية ما غير متوقعة تترنح على حافة سكين.
إسرائيل تمدد حالة الطوارئ لعام آخر
24 ديسمبر 2024