تزايدت حدة العمليات الفردية، وخاصة الطعن، في الآونة الأخيرة، ولم يكن ذلك أمراً مفاجئاً للأوساط الأمنية الإسرائيلية، التي توقعت مؤخراً ازدياد تلك العمليات، بل وحذرت منها.
صحيح أن إسرائيل، تفتقد الى معلومات استخبارية يمكن الاعتماد عليها في هذا الشأن، ذلك ان تلك العمليات، يقوم بها افراد، وليس هيئة منظمة، كالفصائل مثلاً. لكن التوقعات الإسرائيلية، غالباً ما تبنى على تقديرات، مستوحاة من صورة الوضع العام، ومستوى الاحتقان في الوسط الشبابي الفلسطيني.
مؤخراً رفعت إسرائيل من مستوى قمعها من هدم واعتقال وإجراءات حادة ضد الفلسطينيين، كما شددت من إجراءاتها ضد السلطة ورفع مستوى الاستيطان، وغيرها من إجراءات، توقعت من خلالها أوساط أمنية إسرائيلية عودة عمليات الطعن والدهس وغيرها من عمليات فردية، تدل على انفجارات ذات طابع فردي.
في الأيام الأخيرة، شهدنا عمليات متنوعة، لا تختلف بأساليبها عن العمليات التي شهدناها في الآونة الأخيرة، ولا تزال تلك العمليات تتوالى، وتحذر الأوساط الإسرائيلية الأمنية من احتمالات ازديادها.
لعله من نافلة القول، ان عمليات الدهس والطعن، هي حالات فردية، غير منظمة، ولا تخضع لقرارات وتصورات حزب او فصيل او هيئة، وبالتالي يصعب العثور على خيط استخباراتي، للتوصل إلى الكشف عن إجرائها قبل وقوعها، وبالتالي فإن هذه العمليات غير محسوبة بتحرك مدروس، يؤدي الى انتفاضة أو ما يشبه الانتفاضة، وبالتالي يتعامل الجميع من إسرائيليين وفلسطينيين وغيرهم، مع هكذا عمليات على هذا الأساس.
اسرائيل، ومن خلال الاجراءات المتبعة، لاحباط هكذا عمليات، عند وقوعها، أعطت لجنودها مجالاً واسعاً للحيلولة دون وقوعها، وبالتالي أضحت تلك الإجراءات، تشكل نوعاً واضحاً، لممارسة الإعدام الميداني، دون أي تحقيق جدي في ذلك.
جرت عمليات إعدام ميداني، واضحة أشد الوضوح، في هذا المجال، بحجج واهية للغاية، وبالمقابل أعلنت السلطة الفلسطينية وبشكل واضح، ان هذه العمليات هي عمليات مبررة، وفردية، في آن، وسببها الأساسي هو حالة الاحتقان الشديد داخل المجتمع الفلسطيني أو فقدان الأمل في المستقبل.
لم يتبن احد هذه العمليات لأنه لا يوجد أي فرصة لتبنيها، ومع ذلك استمرت هذه العمليات، وها هي تتزايد. البعض اعتبرها انتفاضة، أو حتى مقدمات لانتفاضة لكن مجريات تلك العمليات وطبيعتها، وعدم تبنيها من احد، حال دون ذلك، وبقيت عمليات ذات طابع فردي، لها دلالاتها الواضحة، ومفادها، حالات الاحتقان، واليأس، اكثر منها، عمليات منظمة وهادفة لتحقيق أهداف محددة.
لعله من نافلة القول، بأن إسرائيل، وعبر تفكيرها التقليدي، الأمني، ستلجأ إلى رفع مستوى الإعدامات الجماعية، وستشدد قبضتها الأمنية، دون أي إبطاء أو تراجع، هي تدرك حالات الاحتقان، ودورها في عودة تلك العمليات الفردية، لكنها ترى في القمع، ورفع مستوى القمع، الحل الأمثل، في مقاومتها والحد منها، علينا ان نتوقع سلسلة إجراءات إسرائيلية جديدة ومتنوعة، في سياق الإعدام الميداني، وتبرير ذلك، خاصة على المستوى الدولي، بالإجراء الأمني اللازم، لحماية مواطنيها وجنودها.
لا أحد يتبنى تلك العمليات، رغم عدم إدانتها من احد، وفي ذلك، ما تحاول إسرائيل استثماره، خاصة، عندما يأتي من لدن السلطة الفلسطينية والمنظمة، واعتبار ذلك، تشجيعاً على تلك العمليات، ونعت السلطة والمنظمة «بمشجعي الإرهاب».
إسرائيل تحاول أن تنسى او تتناسى، بأن حالات الاحتقان من شأنها ان تؤسس لانفجارات أعنف وأوسع من عمليات الدهس والطعن!!