جلست " هيام "على شرفة منزلها المطلة على شاطئ البحر, تتمتع بنسمة رقيقة تهب على وجنتيها محملة برطوبة تجلب النعاس, وتداعب شعرها المنسدل على جبينها وكتفيها, وتتذكر مداعبة أنامله له كل مساء, في انتظار عودته في ذلك المساء الأيلولي .
تأخر في الحضور كعادته عند المغرب, وقبل أن يغالبها النعاس, أعدت " ركوة " من القهوة, واحضرت فنجانين, لعله يصل والقهوة لا زالت ساخنة, صبت فنجانها, وبدأت ترتشف قهوتها التي أيقظتها, وطردت النعاس من عينيها, ومع استمتاعها بتناول القهوة, أخذت تستمتع بمنظر غروب الشمس, والبحر يبتلعها رويدا رويدا, ومياهه الزرقاء تختلط بحمرة الشمس الغاربة لتشكل لوحة فنية رائعة .. تناولت هاتفها المحمول تصور وتوثق لحظة الغروب, محاولة قتل الوقت في انتظار قدومه .. لم تعتد هذا التأخير منه, لكنها لم تشأ أن تتصل به, فهو ملتزم منذ زواجهما قبل نحو ستة أشهر, أن يحضر عند الظهيرة لتناول طعام الغداء, وأخذ استراحة قصيرة, قبل أن يعود للعمل لبضع ساعات مساءً, قبل أن يعود مع موعد الغروب .. انتظرت أن يهاتفها ويخبرها عن سبب التأخير, لكن هاتفها المحمول لم يرن بعد, فكرت في مغادرة الشرفة واعداد مائدة العشاء بعد أن تعدت الساعة التاسعة, وفي الحين سمعت طرقات على باب المنزل, هبت مسرعة, لقد حضر أخيرا, ولكنها تراجعت !!.
- إنه يحمل مفتاح المنزل, فمن الطارق يا ترى ؟!.. فتحت باب المنزل, وإذا بجارتها الفضولية تستأذنها الدخول بعد أن أحست بتأخر عودة زوجها, امتعضت من هذا الحضور, وبدت عليها علامات الاستغراب من هذا الفضول, وهذه المراقبة من جارتها, اعتذرت منها بحجة أنها تُحضِّر العشاء لزوجها الذي سيحضر بعد قليل.. غادرت الجارة الفضولية غير مأسوف عليها.. رن هاتفها الجوال, أسرعت بلهفة تلتقطه, نظرت في شاشة الهاتف, لم يكن رقم زوجها, فتحت الجوال لتسمع صوت الطرف الآخر:
-من المتصل ؟! جاءها صوت المهاتف :
-السيدة هيام ...
-نعم, من أنت ؟!
-فاعل خير.. أريد أن أخبرك أن من تنتظرينه غادر البلاد اليوم قافلا إلى حيث زوجته الأجنبية, التي تزوجها عندما كان طالبا هناك في أميركا .
-أقفلت الهاتف, بعد أن أصيبت بدوخة أفقدتها توازنها .. استرجعت شريط حياتها معه خلال الأشهر الستة الماضية, هل كل ما كان بينهما تمثيلا, هل كانت محطة من محطات حياته ؟!.. لماذا لم يخبرها أنه كان متزوجا في بلاد الغربة, كان يمكن أن تسامحه !!.
- ألهذه الدرجة يمكن أن يكون الخداع ؟!. لم تصدق الهاتف من فاعل الخير المزعوم, وما زالت في انتظار هاتف زوجها ليخبرها بعودته لتناول العشاء .. لقد أحبته, وهامت به, وكان لطيفا معها, لكن الهاتف لم يرن بعد, وما زالت في الانتظار!!