إسرائيل فشلت دعائياً في مواجهة السفن المتجهة إلى غزة

20160910212459
حجم الخط

لماذا، سألني صديق قريب، نفعل هذا بأنفسنا؟ كان هذا في نهاية اليوم الذي – خلافا لما كان يخيل للكثيرين ولي أيضا – شطبت فيه عملية وقف سلاح الجو لسفينة "زيتونة" في طريقها الى غزة من جدول الاعمال العالمي. صحيح أنه في حلب يستمر قصف المدنيين بلا توقف، وصحيح أن أكثر من 10 ملايين، نحو نصف سكان سورية، أصبحوا لاجئين؛ وصحيح أن الارهاب الاسلامي في أرجاء العالم جبى في الشهر الماضي فقط أكثر من 1000 ضحية، لكن كم هو جميل انه يمكن العودة الى مظالم اسرائيل. ثمة سفينة واحدة صغيرة تحمل مؤيدات "حماس" ممن يتخذن صورة "نشيطات سلام".
حظيت السفينة القادمة الى غزة بتغطية اعلامية دولية، ولا سيما عندما انضم روجر ووترز الى الاحتفال، وأعلن عن توحيد "فينك فلويد" في ظهور خاص على شرف نساء السفينة. ماذا كسبنا من هذا؟ سأل صديقي، الذي استمع الى تقارير وسائل الاعلام الاجنبية. بدلا من السيطرة على السفينة وتذكُّر العالم للإغلاق المفروض على غزة، الذي في الترجمة الى اللغات الاجنبية يصبح حصارا، كان يمكن لاسرائيل أن تتصرف بشكل مختلف. فمن أجل ماذا الصدام مع مجموعة صغيرة من النساء وجعلهن بطلات؟ كان يمكن جعلهن ما هن عليه حقا: غبيات مستغلّات.
تردن الدخول الى غزة؟ تفضلن. بل وسنزودكن بصناديق من الادوية والبندورة. صحيح أن مئات الشاحنات الاسرائيلية تنقل البضائع الى القطاع كل يوم، ولكنكن اذا كنتن تردن المزيد، فتفضلن. وفي الفرصة ذاتها كان يمكننا أن نفعل عدة أمور اخرى. مثلا، ان نزودهن برسالة رسمية من حكومة اسرائيل. شيء ما يتخذ صورة جميلة في وسائل الاعلام. رسالة مزينة برسوم بعشرات اللغات. ولو كانت اسرائيل حكيمة ما كانت لتمنع التغطية الاعلامية. بل العكس، كانت ستستدعي وفدا محترما من الصحافيين من كل العالم لتغطية تسليم الرسالة.
وما هو المضمون؟ بالفعل، كان ينبغي كتابة الامور التالية هناك: "تريد دولة اسرائيل ازدهارا ورفاها لسكان القطاع. ولهذا الغرض مطلوب من "حماس" أن توافق على الصيغة البسيطة لنزع السلاح مقابل الاعمار. بدلا من الاستثمار في أنفاق الموت، بدلا من الاستثمار في انتاج الصواريخ الموجهة نحو المدنيين الابرياء، يمكن فتح صفحة جديدة من التعاون، من الاستثمارات الاقتصادية، من اقامة المشاريع. لا ترغب اسرائيل في الإغلاق.
"مفتاح وقف الاغلاق في يد "حماس". لا حاجة لنقاشات متعبة. المبادئ سبق ان قررتها الاسرة الدولية من خلال الرباعية. من اللحظة التي توافق فيها "حماس"، تتعهد اسرائيل بانهاء الاغلاق. رجاء، ايتها النساء العزيزات، اذا كنتن نشيطات من أجل السلام، وليس من اجل تعزيز الجهاد والكراهية، فانقلن هذه الرسالة الى سكان القطاع والى قادة "حماس". اسرائيل مستعدة للمصالحة. الكرة في يد "حماس". اذا كانت تختار استمرار اطلاق الصواريخ والسطو على الاسمنت الذي تنقله اسرائيل كي تبني انفاق الموت فان الاغلاق سيستمر. اما اذا ارادت الرفاه، السلام، ووقف الإغلاق، فهذا سيحصل من اليوم الى الغد".
وفي الفرصة ذاتها يمكن لاسرائيل أن تطلب من النساء المحترمات ان يزرن الاسرائيليين المحتجزين في سجن "حماس". فهذا وفد إنساني. او هكذا على الاقل ادعت النساء اللواتي على السفينة.
لحظة، لحظة، سيسأل المعارضون، من أجل ماذا نحتاج الى مسرحية اخرى؟ إذاً هذا هو، نحتاج الى المزيد فالمزيد. لان هذه النساء والسفن التالية تخلق عرضا معاكسا. في عملية واحدة، ما كانت لتمس بأي مصلحة اسرائيلية، فهن لا ينقلن الصواريخ او الاسرار – كان يمكن ان نكشف ايضا سخف المشاركات في السفينة وفي الوقت ذاته الوجه الحقيقي لـ"حماس". فهي تصر على صناعة الموت وليس على الرفاه. هي تريد الإغلاق وليس المصالحة.   
ليس متأخرا بعد عمل هذا. فالسفينة التالية تنظم نفسها منذ الآن. وكل هذه السفن تخدم على نحو ممتاز دعاية "حماس". فهي تخلق عرضاً عابثاً لدولة وحشية وعدوانية على سكان مساكين وجائعين يطلبون لقمة العيش. لقد فشلت اسرائيل في مواجهة الجانب الدعائي لهذه السفن. يمكن تغيير النهج. السؤال هو هل يوجد من هو مستعد ليخرج عن العادة؟