في بداية تسعينات القرن الماضي قال عالم فيزياء ألماني:"أنا على استعداد للعيش في بيت بجوار مفاعل نوويّ، لأنّني أستطيع معرفة متى يمكن أن يكون منه خطر على حياتي، ولست مستعدّا للعيش بجوار مسلم، لأنّني لا أعلم متى سيقتلني"
فما الذي دعا عالما كهذا لقول مثل هذا القول؟ وهل المسلم حقيقة يشكّل هذه الخطورة على حياة جاره غير المسلم؟
وللاجابة على هذا التّساؤل دعونا نستذكر عدالة القضيّة الفلسطينيّة، وحقوق الشّعب الفلسطيني في وطنه، ونتساءل: لماذا تعتبرنا غالبيّة الدّول والشعوب الأخرى"ارهابيّين" وتعتبر اسرائيل بكلّ عدوانيّتها وجرائمها ضحيّة للارهاب الفلسطيني والعربي والاسلامي؟
والجواب على السّؤالين السّابقين ببساطة هو جهلنا في مخاطبة الشّعوب الأخرى، أو تصريحاتنا النّاريّة التي لا تنطبق على أرض الواقع.
والكارثة أنّ الجهل المستشري بين ظهرانينا، يضعنا في حلقات مفرغة من النّكبات، ما أن نخرج من واحدة منها حتّى ندخل أخرى يصعب الخروج منها وهكذا، والسّبب هو ايماننا بجهلنا المقدّس الذي توارثناه عمّن سبقونا، مع علمنا أن لا مقدّس في ديننا الاسلاميّ إلا القرآن الكريم، والسّنة النّبوية الصّحيحة، ومع ذلك فإننا نجد بين ظهرانينا من يقدّس أقوال بشر من الأقدمين حتّى لو تعارضت مع القرآن الكريم! وذلك لجهله بالقرآن واعتداده بجهله.
وهنا دعونا نستذكر مقولة الامام الشافعي –رضي الله عنه- :ما جادلني عاقل إلا غلبته، وما جادلني جاهل إلا غلبني".
ومن هنا فإن مفكّرين اسلاميّين متنوّرين، يغارون على دينهم وأمّتهم، وقضاياها أمثال عثمان صالحيّة في الأردنّ صاحب كتاب "الدّراية"، اسلام بحيري في مصر والدّكتور خضر محجز في قطاع غزّة، يجدون من يهاجمهم، ويشتمهم بأقذع الشّتائم، بل وهناك من يكفّرهم لجهله بالدّين الصّحيح، ولانغلاقه الفكريّ، وتقديسه للجهل المعشّش في رأسه، ورؤوس من يلقّنونه.
ومن منطلقات "الجهل المقدّس" وجدنا مثلا من يصفّق ويدعو بالنّصر لحلفاء أمريكا واسرائيل و"النّاتو" الذين يدمّرون ويقتلون ويشرّدون وينهبون في سوريّا، العراق، ليبيا، اليمن وغيرها، لتنفيذ المخطط الأمريكي لاعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة.
ووجدنا في الأردنّ من يصفق ويهلل لقاتل الكاتب ناهض حتّر، ويشتم المغدور حتّر في قبره، بل ويشتم ويكفّر من أدان الجريمة، والمؤسف أنّ الشّامتين والشّاتمين ينطلقون من منطلقات "إيمانيّة"! دون أن يشغلوا أنفسهم بمجرّد التفكير بالرّأي الصّحيح لحكم الشّرع في ذلك، أو أن يستمعوا لرأي دار الفتوى الأردنية، والأزهر وغيرهما من المؤسّسات والشّخصيّات الدّينيّة التي أدانت الجريمة.
فهل يعي الجاهلون بأمور الدّين خطورة انجرارهم خلف الفكر التّكفيريّ، وهل يدركون أنّ من يقفون وراء اغتيال حتّر قد يغتالون أيّا منهم لاحقا؟ وهل يعلمون ما معنى أن يقتل مواطن على عتبات قصر العدل؟ وهل يعرفون من هو المخوّل بقتل من يستحق القتل؟ وكيف؟ والحديث يطول.